من معاداة "النهضة" إلى مناكفة سعيّد: عبير موسي تبحث عن سردية جديدة

22 نوفمبر 2021
عبير موسي توارت عن الأنظار (حسن مراد/Getty)
+ الخط -

تغيرت مواقف رئيسة "الحزب الدستوري الحر"، عبير موسي، من "مغازلة" الرئيس التونسي قيس سعيّد، ومباركة إطاحته بخصومها، إلى معارضته بشدة ودعوته لإجراء انتخابات مبكرة، في محاولة على ما يبدو لإنقاذ ما بقي من شعبيتها وترميمها.

وتتخبط موسي بحثا عن سردية جديدة، للمحافظة على مكانتها وحضورها، عبر معارضة سعيّد، بعد أن فقدت مصدر شعبيتها المتأتي أساسا من معاداة حركة "النهضة" وحلفائها، ومناكفة الإسلام السياسي عموما.

وصعدت موسي من لهجة معارضتها، في خطاب أمام أنصارها خلال وقفة احتجاجية في ساحة الحكومة بالقصبة، أمس الأول السبت، قائلة، إن "سعيّد لا يمتلك أي رؤية للحكم، فهو صفر خبرة اقتصادية وصفر دراية بإدارة الدولة وصفر رؤية واستراتيجية ومعرفة بمشاكل المواطن التونسي".

واتهمته بأنه اتخذ الإجراءات الاستثنائية لتنفيذ برنامج الخاص، منتقدة منعه لخصومه السياسيين من التظاهر. وقام الرئيس التونسي، قيس سعيّد، ليلة 25 يوليو/تموز 2021 الماضي بعزل رئيس الحكومة، هشام المشيشي وتولي السلطة التنفيذية، ورئاسة النيابة العامة، وتجميد عمل البرلمان ورفع الحصانة عن النواب.

وطالبت موسي الرئيس التونسي بحل البرلمان وتحديد موعد للانتخابات التشريعية المبكرة، داعية إلى ضرورة تسقيف (وضع سقف زمني) الإجراءات الاستثنائية"، وفق قولها.

تعليقا على ذلك، قال المحلل السياسي، أيمن البوغانمي، في حديث لـ"العربي الجديد" إن "عبير موسي وجدت نفسها في ورطة فهي دفعت إلى إجراءات 25 يوليو بترذيل العمل البرلماني وهي تعترف بذلك ولكنها كانت تود أن يتواصل الترذيل إلى أن تأتي الانتخابات وتجني هي نتائج ذلك"، مضيفا أنها "لم تعتقد أنها كانت تعمل لحساب غيرها حيث استفاد من كل ذلك رئيس الجمهورية".

معارضة "منظومة الإخوان"

وتابع البوغانمي قائلا "وجدت موسي نفسها في حرج بعد ما قام به سعيّد من إجراءات، لأنه حقق ما تصبو إليه ولكن بغير أيديها"، مشيرا إلى أنها بعد ذلك "بقيت وقتا طويلا قبل أن تصدر أول موقف في البداية حيث كان موقفها في تحفظ بعد الإحراج الذي وضعت فيه نفسها بسبب تطرفها في معارضة ’منظومة الإخوان’ كما تسميها".

وشدد المتحدث ذاته بالقول "من يتطرف في المعارضة يجد نفسه في فخ لا يستطيع الخروج منه من خلال تقديم مواقف متوازنة ومتناسبة مع يمكن في السياسة"، مضيفا أن رئيسة "الحزب الدستوري الحر" "وجدت نفسها أيضا في منزلق إعادة صياغة سرديتها الوحيدة المرتبطة بالإسلام السياسي وتتمثل في القطع مع تسميه بالإخوانجية".

سياسية/عبير موسي/(فتحي بلعيد/فرانس برس)
عبير موسي تتخبط بعد تجميد عمل البرلمان (فتحي بلعيد/ فرانس برس)

وبين البوغانمي أن "مشكلتها اليوم أن من رفعت ضدهم هذه السردية أصبحوا خارج اللعبة وأملها الوحيد اليوم هو المحافظة على زخمها بإعادة صياغة السردية ذاتها وإلباس رئيس الجمهورية ومنظومته لبوس الإخوانجية ولبوس خصومها القدماء لأنه دون ذلك تنتفي صلاحية سردية عبير موسي".

واعتبر البوغماني أن "ما يثبت أن لعبير موسي سردية وحيدة هو أنها تحتاج كثيرا إلى وجود الإسلاميين لأنهم سبب وجودها ودون وجود خصومها يصعب عليها أن تجد لنفسها موطئ قدم على الأقل بالموقع الذي تتوقعه وتبحث عنه".

وقال "صحيح أن تقدمها في نتائج سبر الآراء وراء دعوتها لإجراء انتخابات تشريعية مبكرة، ولكن إذا طال أمد إجراءات رئيس الجمهورية فقد تفقد موسي الزخم الذي تحظى به لأن واجهتها الأساسية للدعاية هي البرلمان وبعد أن فقدتها فقدت الوجهة الآمنة والسهلة التي تغذي وجودها وحضورها في حصانة تامة عن أي محاسبة".

وأضاف البوغانمي "اليوم فقدت عبير واجهة البرلمان ورئيس الجمهورية هو من أفقدها إياها وفي المقابل لا وجود لأي أفق، وبالتالي فإن موسي تستفيد من شرعية مطلب الدعوة لانتخابات مبكرة ولأول مرة تتناسب مطالب موسي مع الديمقراطية"، مستدركاً بالقول إن هدفها هو في "استعادة الحاضنة والواجهة التي تستخدمها".

وبين أن "العنصر الإيجابي أن الجميع وحتى عبير موسي أصبحوا يطالبون سعيّد بإعادة الديمقراطية وهو لعمري إنجاز إيجابي يمكن أن نستفيد منه مستقبلا".

المساهمون