من المستفيد من موافقة إسرائيل على تطوير "غزة مارين"؟

21 يونيو 2023
تحرك في غزة للمطالبة بحق الفلسطينيين بالغاز، سبتمبر 2022 (Getty)
+ الخط -

بعد أكثر من 3 أعوام على توقيع مذكرة تفاهم بين مصر والسلطة الفلسطينية بشأن تطوير حقل الغاز الطبيعي في نطاق قطاع غزة "غزة مارين"، أعطت حكومة الاحتلال الإسرائيلي موافقتها "المبدئية" على تطوير الحقل، الأحد الماضي، لكنها قالت إن الأمر "يتطلب تنسيقاً أمنياً مع السلطة الفلسطينية ومصر".

وقال مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، عند إعلانه عن الخطوة الخاصة بمشروع "غزة مارين"، إن التقدّم سيتوقف على "الحفاظ على الاحتياجات الأمنية والدبلوماسية لدولة إسرائيل".
ما هي تلك "الحاجات الأمنية"، ومن يستفيد من استغلال الحقل؟ هذان السؤالان وغيرهما يطرحها الإعلان عن موافقة الاحتلال "المبدئية" على تطوير الحقل.

سلام اقتصادي بدل السياسي؟

المساعد السابق لوزير الخارجية المصري، السفير عبد الله الأشعل، قال في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "مصر تتعاون مع الجانب الإسرائيلي في ما يتعلق بما يُسمى "مشروع السلام الاقتصادي"، كي يحل محل السلام السياسي، بمعنى جعل الفلسطينيين أحياء بيولوجياً، ولكن بدون أي حقوق سياسية". وتابع: "سوف تستفيد السلطة الإسرائيلية من هذا التنسيق، وكذلك السلطة الفلسطينية، لكن الجانب المصري لا عائد فعلياً له من وراء ذلك سوى البحث عن دور في المنطقة".

الأشعل: مصر تتعاون مع الجانب الإسرائيلي في ما يتعلق بما يُسمى مشروع السلام الاقتصادي، كي يحل محل السلام السياسي

من جهته، أوضح الباحث السياسي والمتخصص في شؤون الطاقة وقضايا الشرق الأوسط خالد فؤاد، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن "حقل غزة مارين يُعتبر أقدم الحقول التي تم استكشافها في شرق البحر المتوسط، فهو أقدم من حقل تمار وحقل ظهر، حيث تم اكتشافه عام 2000 من شركة شِل الأجنبية التي تمتلك حق العمل في الحقل".

لكنه أشار إلى أن "حقل غزة مارين منذ بداية اكتشافه وحتى اللحظة الحالية لم يتم التعامل معه من منظور اقتصادي، ودائماً تتعامل معه إسرائيل من منظور أمني وسياسي، ولذلك كان هناك رفض إسرائيلي لمسألة تنمية الحقل، بمعنى البدء في حفر آبار أخرى لاستخراج كميات الغاز المقدرة بحوالي تريليون قدم مكعبة".

وأشار فؤاد إلى أن "شركة شِل خرجت من هذا المشروع عام 2018 بعد فقدان الأمل في أي استثمار في الحقل، ولأنه مرتبط دوماً بتعقيدات القضية الفلسطينية، ولم يعد هناك أي شركة أخرى للاستثمار".

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

أي حسابات لإسرائيل؟

وقال الباحث إن "وجهة النظر الإسرائيلية للتعامل مع حقل غزة مارين كانت الرفض، لأن البُعد السياسي والأمني هو الأساسي والرئيسي في تقييمها لهذه المشاريع". ولفت إلى أن "النظرة الإسرائيلية معنية بأن تنمية الحقل أو استخراج الغاز منه سيعود بالنفع على السلطة الفلسطينية بشكل كبير، والأهم من ذلك سيعود بالنفع على حماس وعلى المقاومة الفلسطينية، وإسرائيل ترفض هذا المسار وأن يكون هناك انتفاع للمقاومة من الحقل أو تحسين للأوضاع في قطاع غزة"، مشيراً إلى أن "استخراج الغاز يساهم في حل مشكلة الطاقة والكهرباء الموجودة في قطاع غزة والضفة الغربية، وهو ما يدعم ويعزز وضعية المقاومة".

وأضاف فؤاد: "المستجد الآن أن إسرائيل أصبحت لديها معادلة مختلفة قليلاً في السنوات الماضية، فأصبحت لديها منشآت غاز في شرق المتوسط، وباتت هذه المنشآت في بعض الأوقات مهددة من المقاومة، وحدث هذا من قبل في معركة سيف القدس (مايو/ أيار 2021) عندما اقتربت صواريخ المقاومة من منصة الإنتاج لحقل تمار، وأعلنت إسرائيل إيقاف الإنتاج، وحدث أيضاً خلال العام الماضي عندما هددت طائرات بدون طيار تابعة لحزب الله حقل كريش، وأعقب هذا التهديد مباشرة انخراط الدولتين في مفاوضات غير مباشرة تخص ترسيم الحدود البحرية".

وتابع: "بالتالي من المنظور الأمني لإسرائيل، فهي حريصة على أن تكون الدول المجاورة لها أيضاً لديها الأصول والاستثمارات الخاصة بها للغاز الطبيعي، بحيث تُفقد المقاومة فعالية ورقة الضغط التي تمتلكها في تهديد منشآت الغاز الطبيعي التي تمثل مصالح حيوية رئيسية لإسرائيل، ليس فقط لأنها تساهم في الاكتفاء الذاتي لكن لأن إسرائيل أصبحت أحد المصدّرين الرئيسيين في منطقة شرق المتوسط للغاز الطبيعي".

وأكد الباحث في مجال الطاقة أن "تنمية حقل غزة مارين له علاقة بأربعة عناصر، هي: إسرائيل والسلطة الفلسطينية ومصر، إلى جانب حماس، لأنها الحاكم الفعلي لقطاع غزة، بالتالي من الصعب استبعاد حماس من هذه المفاوضات"، مضيفاً "قد يكون هناك استبعاد نظري من خلال التصريحات، لكن بشكل عملي هذا الشكل من الصفقات لا بد أن تحضره جميع الأطراف الفاعلة في المشهد".

فؤاد: الإنتاج الذي يمكن أن يخرج من حقل غزة مارين يغطي حاجة قطاع غزة والضفة الغربية، ويوفر فائضاً

ولفت إلى أن "هناك فوائد كبيرة يمكن أن تعود على السلطة الفلسطينية من الناحية الاقتصادية، على الرغم من أن الحقل غير كبير مقارنة بباقي الحقول كظهر وتمار، لكن الإنتاج الذي يمكن أن يخرج منه يغطي حاجة قطاع غزة والضفة الغربية، ويوفر فائضاً يمكن استخدامه للتصدير، ويضخ مبالغ ومكاسب ضخمة للفلسطينيين إذا تمت تنمية المشروع بالشكل الطبيعي". وقال إن "الاستفادة كبيرة للمواطن الفلسطيني لحل مشاكل الطاقة وتحسين الأوضاع، وأيضاً من أجل العوائد المادية على السلطة الفلسطينية من خلال تصدير الغاز أو توفير كلفة الإنفاق على توليد الكهرباء".

وبالنسبة لمصر، قال فؤاد إنها "مستفيدة من الناحية الاقتصادية والسياسية، فمصر حريصة دائماً على استعادة ثقلها في القضية الفلسطينية، وإبراز وجودها وتمدد نفوذها في قطاع غزة، وبالتالي وجود مصر وتنسيقها في هذا الأمر يزيد ثقلها ونفوذها داخل القطاع وفي مسار القضية الفلسطينية". ومن الناحية الاقتصادية، رأى أن "مصر حريصة منذ سنوات على أن تكون منصة إقليمية لتصدير الغاز الطبيعي في المنطقة، وستكون هناك فرصة لإرسال الفائض من الغاز إلى محطات التسييل المصرية، وبالتالي يمكن أن تستفيد من الناحية الاقتصادية".

وكانت "العربي الجديد" قد كشفت في تقرير لها، في فبراير/ شباط 2021، بعد توقيع مصر والسلطة الفلسطينية مذكرة تفاهم بشأن تطوير حقل الغاز الطبيعي في نطاق قطاع غزة، عن خلاف بين حركتي "فتح" و"حماس".