استمع إلى الملخص
- **ترسانة الصواريخ**: يمتلك حزب الله نحو 150 ألف صاروخ متنوعة تشمل قصيرة ومتوسطة المدى، بالستية، أرض-بحر، وأرض-جو، مما يعزز قدراته الهجومية والدفاعية.
- **أسلحة متقدمة**: حزب الله يمتلك مسيّرات متقدمة، قذائف مضادة للدروع، وحدة مدرعة، ووحدة ضفادع بحرية، مما يزيد من تحديات إسرائيل في أي مواجهة مستقبلية.
تعرف إسرائيل عن قدرات حزب الله القدر الكافي الذي يدفع شخصية مرموقة في الجيش من قبيل اللواء احتياط يتسحاق بريك، الذي استجاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لنصيحته بعدم فتح الجبهة الشمالية، إلى القول إن حربًا مع لبنان تعني "خراب البيت الثالث". بل يمكن القول إن القليل الذي كشفه حزب الله من تطور على مستوى نوعية السلاح والأداء القتالي كان منظورًا لمعلقين وباحثين أمنيين إسرائيليين سنوات قبل بداية الحرب. عام 2020، على سبيل المثال، نشر العقيد في قوات الاحتياط، دافير بيليغ، دراسة في مركز "دادو" البحثي الملحق بجيش الاحتلال، يستشرف فيها رؤية عسكرية جديدة لـ"حزب الله" في الحرب المقبلة مبنيّة على ما يسمّيه "مصفوفة الدفاع والهجوم"، وتقوم على إدماج أربعة زمر من المعدّات القتالية: الصواريخ الدقيقة القادرة على ضرب البنى التحتية الخلفية، بالذات تلك التي تسيّر الوظائف التنفيذية والاستراتيجية، الوسائل الهجومية المعدّة لتحييد الدفاعات الجوية الإسرائيلية، والمظلة النارية الضخمة، بالتزامن مع هجمات على الأرض ممتدة عبر الحدود.
في الحرب الحالية رأينا بعض مظاهر ذلك: الأسلحة الدقيقة، ضرب منظومات الرادار والرصد، واستهداف بطارية قبّة حديدية واحدة على الأقل، وهذا كلّه قبل أن تفتح الجبهة. لكن حقيقة أن كلّ ذلك كان تحت ناظري صناع القرار الاستراتيجي في إسرائيل لسنوات تعني أمرين: أنها عاجزة حياله، وأن ما خفي عند "حزب الله" قد يعجزها أكثر. في الأثناء، هذا بعض ما هو معلوم لدى الاحتلال عن ترسانة الحزب الحربية، وفق ما نشر في صحف ومراكز أبحاث إسرائيلية.
صواريخ حزب الله
يملك "حزب الله" تشكيلة ضخمة ومتنوعة من الصواريخ، يصل تعدادها اليوم، وفق تقديرات متطابقة، ومنها لبريك وبيليغ إيّاهما، إلى نحو 150 ألف صاروخ. يمكن تخمين أن العدد قد يكون أكبر من ذلك، بالنظر إلى أن الرقم ذاته ظلّ يتردد لسنوات. لكن بحسب الباحث في معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، يهوشوع كاليسكي، فإن حزب الله بات يفضّل في السنوات الأخيرة النوعية على الكم، ويرمي في مخزوناته صواريخ تقليدية بدائية الصنع خدمة لتكتيك "الإشباع"، الذي بموجبه سيطلق المئات من تلك الصواريخ دفعة واحدة لإرباك منظومة القبة الحديدية.
1. صواريخ قصيرة المدى
يمكن تقسيمها إلى صنفين: تلك التي استخدمها "حزب الله" سابقًا، وهذه التي دخلت الخدمة للمرة الأولى في الحرب الحالية. يشمل الصنف الأوّل:
- "غراد" و"كاتيوشا": يقع معظم تلك الصواريخ "البدائية" ضمن عائلة هذين الصاروخين الثابتين في ترسانة "حزب الله" منذ ما قبل تحرير الجنوب. يقدّر معهد دراسات الأمن القومي تعدادهما بنحو 40 ألفًا، بمديات متنوّعة قد تصل إلى 40 كيلومترًا. هذه الصواريخ في الأساس غير موجّهة، إلا أن "حزب الله"، الذي بدأ يصنّع نسخه الخاصة منها ويحوّل بعض ما عنده إلى صواريخ دقيقة وفق ما أعلن أمينه العام حسن نصر الله عام 2019، أظهر بعض الدقة في توجيهها خلال هذه الحرب.
- صاروخ فلق 1: يبلغ مداه نحو 11 كيلومترًا، برأس حربي يزن نحو 50 كيلوغرامًا. استخدم كذلك في حرب تموز، وميزته أن سرعته تفوق سرعة الصوت، وتحليقه منخفض، ما يجعل اعتراضه مهمة صعبة.
أما الصواريخ التي استدخلت للمرة الأولى فتشمل:
- صاروخ فلق 2: المتغير في هذا الصاروخ عن سابقه هو سرعته التي تزيد بنسبة 85 بالمائة، ورأسه الحربي الذي يزن نحو 120 كيلوغرامًا. السرعة والقوة التدميرية تجعلانه فعّالًا لناحيتين: اختراق القبة الحديدية، وإحداث أكبر قدر من الضرر في الموقع المستهدف.
- صاروخ بركان: هو أثقل صواريخ "حزب الله" قصيرة المدى. وزن حشوته المتفجّرة يراوح ما بين 100-500 كيلوغرام، أي ما قد يعادل نحو 20 صاروخ "غراد" دفعة واحدة، بمدى قد يصل في أقصاه إلى 10 كيلومترات، اعتمادًا على حجم الحشوة. يصفه تقرير لصحيفة "كالكاليست" الإسرائيلية بالصاروخ البدائي الذي يمكن صناعته في أقل من ساعة، وبكلفة لا تتجاوز 400 دولار، لكنه يعجز القبة الحديدة بسبب مداه القصير وتحليقه على ارتفاع منخفض.
2. متوسطة المدى
- صاروخ فجر 3 و5: بحسب تقرير لمشروع الدفاع الصاروخي في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الأميركي (CSIS)، فإن النسخة الأولى من هذا الصاروخ طُوّرت في إيران خلال تسعينيات القرن الماضي، وتحمل رأسًا متفجّرًا شديد الانفجار بزنة 45 كيلوغراماً، ومدى يصل إلى 45 كيلومتراً. أما النسخة الأحدث منه، فيمتد مداها إلى 75 كيلومترًا، برأس حربي يبلغ الضعف. استخدم "حزب الله" هذه الصواريخ للمرة الأولى لضرب حيفا ومحيطها عام 2006.
- صاروخ رعد 2 و3: أيضًا استُخدم للمرة الأولى خلال الحرب، وتحديدًا مع إعلان نصر الله بدء "حرب مفتوحة". هو سوفييتي الأصل وصنّع في سبعينيات القرن الماضي. يراوح مداه بين 60-70 كيلومترًا تباعًا بين الجيلين، ورأسه الحربي شديد الانفجار، وإن كان بوزن لا يتجاوز 50 كيلوغرامًا، بمعنى أنه خفيف ويطلق كتلة كبيرة من الشظايا.
- صاروخ خيبر 1: يبلغ مداه، وفق CSIS، نحو 100 كيلومتر، ويحمل 150 كيلوغرامًا من المتفجرات، برأس حربي كبير ومضاد للأفراد. أطلق للمرة الأولى في مرحلة متأخرة نسبيًّا من حرب لبنان الثانية، واستهدف العفولة، ثم استُخدم لاحقًا في استهداف الخضيرة، وكذلك حيفا. يقدّر معهد أبحاث الأمن القومي أن مجموع ما لدى "حزب الله" من زمرة الصواريخ هذه، فجر ورعد وخيبر، يبلغ 80 ألف صاروخ، وهي في معظمها غير دقيقة. لكن هذا ينبغي وضعه، مجدّدًا، في الميزان، أخذًا بتصريحات نصر الله السابقة التي أعلن أن الحزب ماضٍ في مشروع تحويل ما في جعبته من الصواريخ إلى دقيقة.
3. الصواريخ البالستية
- زلزال 1 و2: هي النسخة الإيرانية من صواريخ "فروغ 7" الروسية البالستية. نطاقها المؤثر يراوح ما بين 120 و160 كيلومترًا، بحمولة متفجرة ثقيلة تبلغ 600 كيلوغرام. ادعت إسرائيل في بدايات حربها الثانية مع لبنان أنها دمرت مخزونات "حزب الله" من هذه الصواريخ، لكن بعض التقارير، ومنه ما نقلته "نيويوركر" عن مسؤولين أمنيين إسرائيليين، أشارت إلى أن الحزب كان يمتلك بالفعل نحو 200 منها. ظلّت هذه الصواريخ معلّقة عند معادلة "ما بعد حيفا، وبعد بعد حيفا" في حال استهداف بيروت. يقدّر معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي وجود 2000 من هذه الصواريخ في مخازن "حزب الله" اليوم.
- فاتح 110: هو بحسب CSIS نسخة إيرانية مطورة من زلزال 2، والإضافة الجوهرية فيه نظام التحكم والتوجيه. يملك "حزب الله"، وفق معهد أبحاث الأمن القومي، نحو 2000 من هذا الطراز، الذي يمكن أن يطير مسافة 300 كيلومتر، حاملًا حشوة متفجّرة بوزن 500 كيلوغرام، ويصيب هدفه بهامش خطأ لا يتجاوز نصف قطره 500 متر. معنى ذلك أن حزب الله قادر على توجيه هذا الصاروخ عبر نظام تحديد الخرائط العالمي إلى حيث يشاء، من خزانات الأمونيا في حيفا، التي أشار نصر الله في أحد خطاباته إلى أن ضربها يُعَدّ بمثابة "قنبلة نووية"، إلى ضرب مفاعل القنبلة النووية ذاته في ديمونا، وهو ما لوّح به نصر الله كذلك في حديث لاحق يعود إلى السادس عشر من فبراير/شباط 2017.
- صواريخ سكود: تصل هذه الصواريخ حتى نطاق 700 كيلومتر، وتحمل رأسًا متفجّرًا يراوح ما بين 600-900 كيلوغرام. لكنها في الغالب ليست ملائمة لتكتيكات حزب الله القتالية، وفق معهد CSIS، إذ يحتاج إطلاقها إلى نحو 45 دقيقة، بينما يحتاج مقاتلوه إلى سرعة المناورة والتخفي. الحالة الوحيدة التي يمكن أن توفّر فيها بعض القيمة المضافة، إمكانية إطلاقها من مناطق بعيدة عن نفوذ الحزب في الجنوب. في كلّ الأحوال، يقدّر معهد الأمن القومي أن ما يتوافر منها لدى حزب الله لا يتجاوز بضع عشرات.
4. صواريخ أرض-بحر
- صاروخ سي 802: نال هذا الصاروخ صيني الأصل صيته بعد خطاب نصر الله الهاتفي الشهير الذي أعلن فيه إغراق المدمرة "حانيت" قبالة سواحل بيروت. اشترت إيران هذا الصاروخ من الصين في تسعينيات القرن الماضي، ثم أعادت إنتاجه باسم "نور". يصل مداه إلى 120 كيلومترًا، بحمولة متفجرة تبلغ 165 كيلوغرامًا، ومن ميزاته محرّكه النفاث الذي يدفع سرعته أعلى من الصوت. ليس من المعلوم في المصادر الإسرائيلية والأميركية كم في جعبة "حزب الله" من هذه الصواريخ.
- صاروخ ياخونت: هو صاروخ "كروز" روسي فرط صوتي، يمكن إطلاقه من الجو أو البحر أو البر، بمدى يبلغ 300 كيلومتر، ورأس متفجر خارق للدروع وزنه 250 كيلوغرامًا، ونظام ملاحة ذاتي، يستطيع "حزب الله" عبر هذه الصواريخ إغراق أي هدف بحري إسرائيلي يحدده في البحر المتوسط، ما يعني، بحسب CSIS، إمكانية تعطيل حركة السفن إلى دولة الاحتلال، أو على الأقل، تحييد أي فرصة لفرض حصار بحري على لبنان. يقدّر معهد أبحاث الأمن القومي أن لدى حزب الله العشرات من هذه الصواريخ.
5. صواريخ أرض-جو
تبدو الدفاعات الجوية الحلقة الأضعف في ترسانة "حزب الله"، رغم أنه، مباشرة بعد حرب تموز، وفق معهد أبحاث الأمن القومي، أنشأ وحدة للدفاع الجوي وبدأ العمل على إيجاد حلّ لتلك الثغرة. رغم ذلك، يملك الحزب بعض صواريخ الدفاع الجوي المتقدّمة، وقد ظهر بعض أثرها في الحرب الجارية، إن عبر إسقاط مسيّرات إسرائيلية متطوّرة، من قبيل هرمز 900، أو عبر إرغام الطائرات الإسرائيلية على مغادرة الأجواء اللبنانية.
- منظومة بانتسير: هي نظام روسي قصير المدى، بوسعه إسقاط الأهداف الطائرة على ارتفاع لا يتجاوز 15 كيلومترًا، ومسافة لا تتجاوز 25 كيلومترًا. تدعي روسيا أن النسخ المحدثة منه تستطيع الاشتباك بشكل ذاتي مع أربعة أهداف في الوقت نفسه، قد تشمل الصواريخ البالستية وصواريخ كروز والطائرات الحربية، وحتى الطائرات المسيرة التي يستخدمها الهواة. لكن مشكلتها، بالنسبة إلى "حزب الله"، قصر المدى الذي لا يسمح لها بتعقب طائرات أف 35 وأف 16 الإسرائيلية المتقدمة، التي بوسعها التحليق على ارتفاعات عالية والإطلاق من مسافات بعيدة. حتى عند وضعها تحت الاختبار، وضمن منظومة دفاعية متشابكة تشمل صواريخ أس-400 وأس-300 الروسية الدفاعية المتقدمة، أخفقت تلك المنظومة في أكثر من مناسبة ضد الاختراقات الجوية الأوكرانية، التي وصلت إلى قلب الكرملين.
- صاروخ 358 (الصقر): يحمل هذا السلاح الدفاعي الإيراني خصائص الصاروخ والمسيرة الانتحارية معًا، إذ يعمل، وفق تقرير لمركز ألما البحثي الإسرائيلي، بالوقود النفاث، ويحلّق حول الهدف، برأس حربي كهروبصري، ما يعني قدرته على التعقب بالأشعة تحت الحمراء، ومتابعة الهدف بصريًا، ما يتيح رؤية واضحة له. بحسب الموقع، فإن هذا السلاح فعال في إسقاط الطائرات دون طيار على وجه التحديد، وقد كان وراء إسقاط الحوثيين الطائرة الأميركية MQ-9 Reaper فوق اليمن، وهو على الأرجح وراء إسقاط الطائرات المسيرة في لبنان، لكن جيش الاحتلال، وفق التقرير، يستخدم القبة الحديدية لمحاولات اعتراضه.
أسلحة أخرى
يضاف إلى ذلك كله ما يملكه الحزب من مسيّرات يصل مدى بعضها، وفق تقارير إسرائيلية، إلى أكثر من 2000 كيلومتر، وفي وسع بعضها الآخر حمل الصواريخ وإلقاؤها أو توجيهها من الجو، كما حدث في الضربة المركبة التي استهدفت مستوطنة المطلة. أيضًا، في حوزة الحزب قذائف مضادة للدروع أكثر تقدّمًا من تلك التي أحدثت ما سمّي "مجزرة الدبابات" خلال حرب لبنان الثانية، وقد عرفنا منها، بالإضافة إلى صواريخ "كورنيت المتقدمة"، صاروخ "ألماس" الذي كُشف عنه في هذه الحرب، وهو الذي يحمل كاميرا تلفزيونية، ويطير مسافة تصل إلى 10 كيلومترات، وبوسعه تحديد الهدف في أثناء التحليق، ما يمنح مطلقيه مرونة عملية عالية وقدرة على العمل والتخفي في ظروف القتال. أظهر الحزب، كذلك، خلال انخراطه في الحرب السورية، وحدته المدرّعة للمرة الأولى، وتشمل الدبابات الروسية التقليدية من طراز "تي 72" و"تي 55"، وغيرها من العربات المدرعة سريعة الحركة، من قبيل "بي أم بي 3" الروسية، و"أم 113" الأميركية. ومما نشر سابقًا في المصادر الإسرائيلية، ومنها تقرير لمركز "ألما" في يونيو/حزيران 2022 عن وحدة الضفادع البحرية للحزب، تقديرات بأن لدى المقاومة "غواصات قزمة" إيرانية من طراز غدير، في وسعها أن تستخدمها في عمليات إغراق وزرع ألغام بحرية، أو في عمليات توغل وسيطرة.