من الذي لا يريد انتخابات في ليبيا؟

17 نوفمبر 2022
مقاتلون تابعون للدبيبة في طرابلس، مايو الماضي (حازم تركية/الأناضول)
+ الخط -

لا يزال اللاعبون السياسيون في ليبيا يؤدون لعبتهم المكشوفة، مفضوحة الهدف، وهي لعبة تعطيل المسار التفاوضي، بعدما أبانوا عن قدرة ومهارة في توجيه أي مسار باتجاه إقصائهم وإخراجهم من مشهد الحكم إلى اتجاهات تخدم عكس ذلك، خصوصاً الانتخابات. هذا ملخص أغلب التحليلات بشأن الحالة الليبية، منذ عرقلة إجراء الانتخابات التي كانت مقررة في نهاية العام الماضي.

في منتصف الأسبوع الحالي سيطرت المواجهة بين رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري ورئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة على مشهد الأحداث، وحاصلها أن المشري أجّل جلسة رسمية لمجلس الدولة أكثر من مرة، قبل أن يظهر ما يدور في الخفاء بعدما حاصرت آليات مسلحة تابعة للدبيبة مبنى المجلس ومنعت أعضاءه من دخوله.

وخلال ساعات قليلة تراجعت الآليات المسلحة، فانتقل الخلاف إلى البيانات والتغريدات المتبادلة، التي ما لبثت أن خفتت بدورها، لتتواصل مسيرة الجمود والركود السياسي.

لم يكن منع الدبيبة أعضاء المجلس من عقد الجلسة إلا لإجهاض محاولة الحديث عن بديل آخر لحكومته، ولم يكن تصعيد المشري إلا خطوة باتجاه الضغط على كل الأطراف لفرض مطالبه وشروطه من أجل تعزيز مكانته المتراجعة نسبياً، خصوصاً في طرابلس التي باتت السيطرة الكلية فيها للدبيبة، الذي بادر مجلس النواب إلى مهاجمته، على الرغم من كونه خصماً سياسياً لمجلس الدولة.

كان شعار الانتخابات وضرورة إجرائها العنوان العريض الذي تحركت تحته المواقف والخلافات، فالدبيبة نفى وجود آليات مسلحة، معتبراً أن كل ما حدث هو وجود بعض المحتجين أمام مقر مجلس الدولة للتعبير عن موقفهم الرافض لتجاوزه تلبية مطالب الشعب بضرورة إجراء الانتخابات.

أما المشري فأكد، في أكثر من مناسبة، أنه لا بد من تغيير الحكومة، وهو أمر مهم جداً وفقاً له، فالإطار الدستوري للانتخابات غير كاف، ولا بد من وجود حكومة تقود المرحلة إلى الانتخابات وتشرف على إنجازها.

ولا تعد هذه الحادثة إلا مثالاً يختلف عن الكثير من الأمثلة في شكلها لكن مضمونها يكاد يكون واحداً، ولا شك في أن اللاعبين السياسيين لهم مقاصدهم وهدفهم في البقاء في السلطة بعرقلة أي خطوة باتجاه إجراء الانتخابات، لكن ماذا عن الفاعلين الإقليميين والدوليين؟

من دون شك تتلاقى مصالح الأطراف الليبية مع مصالح الأطراف الخارجيين المختلفين في الملف الليبي، فلم يعد مقبولاً القول إن سبب سيطرة الدبيبة في طرابلس يعود إلى نفوذه في أوساط المجموعات المسلحة في طرابلس، بل إن داعميه من خارج الحدود، خصوصاً تركيا والجزائر، لهما الدور الأكبر في بقائه. كما أن للمشري حلفاءه في الخارج، وكذلك اللواء المتقاعد خليفة حفتر، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح.

والأكثر وضوحاً من كل ذلك، هو الاعتراف الدولي بالحكومة في طرابلس الظاهر في الوفود السياسية التي ما زالت تقصد العاصمة الليبية للقاء الدبيبة ومسؤولي حكومته دون غيره، ما يعزز وجوده ويفرضه لاعباً أساسياً، على الرغم من أنه لا يسيطر إلا على رقعة صغيرة من البلاد لا تكاد تتجاوز ضواحي العاصمة.

لقد أدرك المتابع الليبي أن اللاعبين الإقليميين والدوليين لا يريدون انتخابات، وبات واضحاً أن خلافات القادة المحليين تصطبغ بلون وشكل الانقسامات في المواقف الخارجية ليس إلا.

 

المساهمون