لم يكتف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في خطابه الناري هذا الأسبوع باتّهام أوكرانيا وقادتها بالإبادة الجماعية والطموحات النووية والنازية الجديدة، بل صوّرهم أشراراً متعصّبين مصمّمين على إيذاء روسيا.
ووردَ العديد من الاتهامات الشائنة في خطاب بوتين المتلفز الإثنين، والذي اعترف فيه باستقلال منطقتين انفصاليتين في شرق أوكرانيا، مطلقاً أجراس الإنذار في أنحاء العالم.
وفي ما يلي بعض تلك الاتهامات:
- إبادة جماعية
هذا الاتهام الواهي يتردّد أكثر فأكثر في الخطاب الروسي الرسمي منذ ديسمبر/كانون الأول، عندما حشدت موسكو، بحسب مصادر غربية، نحو 150 ألف جندي على الحدود الأوكرانية.
ويقول بوتين إنّ أوكرانيا تريد إبادة الناطقين بالروسية في شرق البلاد. وفي خطابه الذي تأرجح بين التهديد والرصانة، شكّك بوتين في حقّ أوكرانيا في السيادة واتّهم حكومتها بأنها نظام "نازية جديدة" يدعمه الغرب.
وبغضب واضح، اتّهم الغرب "بالتغاضي ... عن الإبادة التي يعاني منها أربعة ملايين شخص"، في إشارة إلى السكان الناطقين في غالبيتهم بالروسية في شرق أوكرانيا.
وأودى النزاع في أوكرانيا بأكثر من 14 ألف شخص منذ تفجره في 2014، وسُجلت الخسائر في الطرفين.
ولا تزال اللغة الروسية مستخدمة على نطاق واسع في أوكرانيا، ولم تحظرها الحكومة بعكس ما قال بوتين.غير أنّ كييف أقرّت قانوناً فرض اعتماد اللغة الأوكرانية في المكاتب الحكومية ووسائل الإعلام، وهو ما انتقدته منظمات دولية غير حكومية.
وقالت كييف في دفاعها إنّ أوكرانيا أُجبرت على إضفاء الطابع الروسي خلال الفترة السوفياتية وإنّها تعاني من عدوان روسي منذ ثماني سنوات، بما فيها ضمّ القرم في 2014.
- طموحات نووية
وجاء آخر الاتهامات الموجهة لأوكرانيا على لسان وزير الدفاع سيرغي شويغو الذي قال الإثنين إن كييف تخطط لحيازة أسلحة نووية. وكرّر الرئيس الروسي هذا الاتهام في خطابه الإثنين وخاض في مزيد من التفاصيل خلال مؤتمر صحافي الثلاثاء.
وقال بوتين إنه بفضل الإرث السوفياتي لأوكرانيا "لا ينقصهم سوى نظام لتخصيب اليورانيوم، لكن هذه مجرد مسألة تقنية وليست مشكلة غير قابلة للحلّ".
ويمكن لكييف، كما قال، أن تطور أسلحة نووية وتزيد مدى صواريخها لتصل إلى 500 كلم. وأضاف "ستكون موسكو في منطقة التدمير. بالنسبة لنا إنه تهديد استراتيجي".
ولم تتحدّث أوكرانيا أبداً عن أيّ طموحات نووية لها، غير أنّ رئيسها أشار إلى اتفاقية من عام 1994 بشأن الأسلحة النووية تعرف باسم "مذكرة بودابست" قائلاً إنه عفا عليها الزمن كما يبدو.
وتنصّ المذكرة على أن تحترم روسيا وحدة أراضي أوكرانيا في مقابل تخلّي كييف عن ترسانتها النووية التي تعود للحقبة السوفياتية.
ودعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لمشاورات مع موسكو وقال "إذا لم تحصل (المشاورات) أو لا تضمن نتائجها أمن بلادنا، سيكون لأوكرانيا الحقّ في اعتبار مذكرة بودابست غير سارية".
وفي الواقع، فإنّ هذه هي الحال من نواح عدة. فقد ضمت موسكو القرم من أوكرانيا، واعترفت هذا الأسبوع باستقلال منطقتين في شرق أوكرانيا بعدما دعمت مساعيهما الانفصالية على مدى السنوات الثماني الماضية.
- الناتو وحرب شاملة
ويكرر بوتين منذ أسابيع السيناريو الكارثي لحرب شاملة في تبريره "للضمانات الأمنية" التي تطالب بها روسيا، وفي مقدّمها عدم ضمّ حلف شمال الأطلسي لأوكرانيا، وسحب قوات إضافية للناتو أرسلت إلى دول أعضاء في جناحه الشرقي.
ويرى بوتين أنّه في حال تحقق حلم أوكرانيا بانضمامها إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وإذا ما حاولت بعد ذلك استعادة القرم فإن من شأن ذلك أن يؤدي إلى مواجهة مباشرة بين روسيا والغرب، وكلاهما يمتلك السلاح النووي.
واتّهم بوتين هذا الأسبوع الناتو والولايات المتحدة خصوصاً باستخدام مناورات عسكرية روتينية في أوكرانيا "غطاء لنشر وحدات عسكرية للناتو بسرعة في أراض أوكرانية". ودافع أعضاء الناتو عن طموح أوكرانيا للانضمام للحلف العسكري الغربي، لكنهم قالوا إن العضوية غير مطروحة الآن.
(فرانس برس)