منظمة العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جريمة "أبرتهايد" بحق الفلسطينيين

01 فبراير 2022
دعت المنظمة مجلس الأمن إلى فرض حظر شامل على توريد الأسلحة لإسرائيل (حازم بدر/ فرانس برس)
+ الخط -

أكدت منظمة "العفو" الدولية، اليوم الثلاثاء، أنّ إسرائيل ترتكب جريمة "أبرتهايد" بحق الفلسطينيين، مشيرة إلى وجود أدلة على هذه الممارسات والانتهاكات.

ودانت المنظمة، ومقرّها لندن، ممارسات الجيش الإسرائيلي وهيمنته على مناطق في الضفة الغربية وإعاقته الحركة والتنقل فيها.

وأكدت المنظمة، خلال مؤتمر صحافي عقدته في القدس وعرضت فيه تقريرها الجديد، أن ّإسرائيل تواصل سياسة هدم البيوت ومنع الوصول إلى الموارد المائية وعدم إعطاء تراخيص للبناء في الضفة، كما أشارت إلى الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة وما ينتج عنه من انتشار للفقر والقمع بحق الفلسطينيين.

ويبيّن التقرير بالتفصيل كيف أنّ إسرائيل تفرض نظام اضطهاد وهيمنة على الشعب الفلسطيني داخل أراضي الـ48 وباقي الأراضي الفلسطينية المحتلة، فضلًا عن اللاجئين النازحين في بلدان أخرى.

كما يوثّق التقرير الشامل بعنوان "نظام الفصل العنصري (أبرتهايد) الإسرائيلي ضد الفلسطينيين: نظامٌ قاسٍ يقوم على الهيمنة وجريمة ضد الإنسانية"، كيف أنّ عمليات الاستيلاء الهائلة على الأراضي والممتلكات الفلسطينية، وأعمال القتل غير المشروعة، والنقل القسري، والقيود الشديدة على حرية التنقل، وحرمان الفلسطينيين من حقوق المواطنة والجنسية تشكل كلها أجزاءً من نظام يرقى إلى مستوى الفصل العنصري بموجب القانون الدولي.

وتستند النتائج التي توصلت إليها منظمة "العفو" الدولية إلى كم متنامٍ من العمل الذي قامت به المنظمات غير الحكومية الفلسطينية والإسرائيلية والدولية التي طبّقت على نحو متزايد إطار الفصل العنصري على الممارسات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

ويُظهر البحث الواسع والتحليل القانوني اللذان أجرتهما منظمة "العفو" الدولية، بالتشاور مع خبراء من خارجها، أنّ إسرائيل تُطبّق هذا النظام ضد الفلسطينيين من خلال قوانين وسياسات وممارسات تضمن إدامة معاملتها العنصرية القاسية لهم، خاصة في الضفة الغربية التي بدا فيها عنف إسرائيل أكبر.

وأكدت المنظمة أنّ هذه الأفعال "تشكّل جزءاً من هجوم ممنهج وواسع النطاق موجه ضد الشعب الفلسطيني"، مشيرة إلى أنها تأتي في سياق "إدامة نظام القمع والهيمنة".

يؤكد تقرير منظمة "العفو" الدولية أنّ الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة اعتبرت الفلسطينيين تهديداً ديمغرافياً، متطرقة إلى الخطط الرسمية لتهويد المناطق في الداخل والضفة الغربية والقدس، و"هو ما يعرّض آلاف الفلسطينيين لخطر النقل القسري".

إسرائيل تعامل الفلسطينيين كجماعة دونية

وتُبين منظمة "العفو" الدولية، في تقريرها، أنّ السلطات الإسرائيلية تعامل الفلسطينيين كـ"جماعة عرقية دونية يُحددها وضعهم العربي غير اليهودي". ويترسخ هذا التمييز العنصري في القوانين التي تفرضها إسرائيل وتؤثر على الفلسطينيين في مختلف أماكنهم، بحسب تقرير المنظمة.

وتؤكد أنّ إسرائيل تسيطر على السجل السكاني منذ عام 1967، وأنّ غالبية الفلسطينيين لا يحملون الجنسية ويحتاجون إلى موافقة الجيش الإسرائيلي لحملها كي يعيشوا في الضفة أو كي يعملوا بها، كما يحرم الفلسطينيون في القدس من الجنسية، إذ تعطيهم إسرائيل بطاقة إقامة بدلًا من الجنسية، عدا عن سحب ما يزيد عن 14 ألف إقامة منهم منذ 1967.

"مواطنون" أقل درجة

وأكدت المنظمة أنّ "الفلسطينيين من حملة الجنسية الإسرائيلية الذين يشكّلون نحو 19% من السكان داخل إسرائيل يعانون أشكالاً عديدة من التمييز المُمَأسس"، مدللة على ذلك بقانون القومية الذي فرضته إسرائيل قبل نحو أربعة أعوام، والذي يكرّس إسرائيل كدولة قومية لليهود كما يعزز بناء المستوطنات اليهودية ويخفض مكانة اللغة العربية كلغة رسمية.

ويوثّق التقرير كيف يُمنع الفلسطينيون فعلياً من الاستئجار في 80% من الأراضي في إسرائيل نتيجةً لعمليات الاستيلاء العنصرية على الأراضي، ولوجود شبكة من القوانين التمييزية المجحفة بشأن توزيع الأراضي وتخطيطها وترسيمها.

وأكدت المنظمة أنّ ما يجري في منطقة النقب "يعد مثالاً رئيسياً على كيفية إقصاء سياسات التخطيط والبناء الإسرائيلية للفلسطينيين عمداً"، هذا عدا عن سياسة التهويد الممنهجة التي تنتهجها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة.

وتشير المنظمة إلى وجود 35 قرية بدوية غير معترف بها من جانب إسرائيل، تضم قرابة 68 ألف شخص، محرومين من الكهرباء وإمدادات المياه ومستهدفين بعمليات الهدم المتكررة، فضلًا عن استبعادهم من نظامي الرعاية الصحية والتعليم.

أما عن سياسة نزع الملكية من الفلسطينيين، فتؤكد المنظمة، أنّ السلطات الإسرائيلية ترفض إعطاء التراخيص للفلسطينيين في مناطق (ج)، وهو ما يدفعهم نحو بناء منازلهم رغم تعرضها للهدم مرة تلو الأخرى.

وعن البناء الاستيطاني، تؤكد المنظمة عدم تبدل السياسة الإسرائيلية بهذا الشأن منذ عام 1967، إذ باتت المستوطنات اليوم تغطي نسبة 10% من مساحة أراضي الضفة الغربية، فيما جرت مصادرة نسبة 38% من أراضي الفلسطينيين في القدس الشرقية بين عامَيْ 1967 و2017.

إلى ذلك، أكدت المنظمة أنّ السلطات الإسرائيلية تواصل منذ منتصف التسعينيات فرض قيود صارمة على نحو متزايد على تنقل الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث تسيطر شبكة من نقاط التفتيش العسكرية وحواجز الطرق والأسيجة وغيرها من المنشآت على تنقل الفلسطينيين وتقييد دخولهم إلى إسرائيل وسفرهم إلى الخارج.

وأضافت: "لقد عزل سياج طوله 700 كيلومتر المجتمعات الفلسطينية المحلية داخل مناطق عسكرية،إذ بات يتعين عليهم الحصول على تصاريح خاصة متعددة في أي وقت يدخلون فيه إلى منازلهم أو يغادرونها".

أما في غزة، فـ"يعيش أكثر من مليوني فلسطيني تحت حصار إسرائيلي خلق أزمة إنسانية. ومن شبه المستحيل على الغزاويين السفر إلى الخارج أو إلى سائر الأراضي الفلسطينية المحتلة؛ فهم معزولون فعلياً عن بقية العالم"، وفق المنظمة.

وحول نظام التصاريح، أكدت المنظمة أنّ هذا النظام يعدّ "تمييزاً مجحفاً" بحق الفلسطينيين، إذ في حين "يُطبِق الحصار على الفلسطينيين، ويعلقون لساعات عند نقاط التفتيش، أو ينتظرون صدور تصريح آخر، يستطيع المواطنون والمستوطنون الإسرائيليون التنقل كما يحلو لهم".

وأكدت منظمة "العفو" الدولية دراستها كل مبرر من المبررات الأمنية التي تتذرع بها إسرائيل كأساس لمعاملتها للفلسطينيين. وأظهرت أنّ إسرائيل تُنفّذ سياستها الأمنية بطريقة "غير متناسبة وتمييزية فاضحة" لا تتقيد بالقانون الدولي.

وشددت المنظمة على "ضرورة تفكيك نظام الفصل العنصري والبدء بمعاملة الفلسطينيين كبشر متساوين في الحقوق والكرامة"، ودعت المحكمة الجنائية الدولية إلى "النظر في جريمة الفصل العنصري في سياق تحقيقاتها الحالية في الأراضي الفلسطينية المحتلة"، كما دعت مجلس الأمن الدولي إلى "فرض حظر شامل على توريد كافة أنواع الأسلحة والذخائر إلى إسرائيل".

وناشدت جميع الدول "ممارسة الولاية القضائية الشاملة وتقديم مرتكبي جرائم الفصل العنصري إلى العدالة".

المساهمون