مناورات دنماركية ــ أميركية في البلطيق في ظل انزعاج روسي

24 مايو 2022
فريديركسن في بورنهولم، إبريل الماضي (بالي رينك/فرانس برس)
+ الخط -

تنطلق اليوم الثلاثاء، مناورات دنماركية ــ أميركية على أراضي جزيرة بورنهولم (في بحر البلطيق وتابعة للدنمارك) وسط توتر غير مسبوق في علاقة روسيا بالغرب بسبب الحرب في أوكرانيا.

وعلى الرغم من تأكيد كوبنهاغن أنّ المناورات مخطط لها منذ عام، إلا أنّ المخاوف الروسية تتزايد بشأن "تحول الجزيرة إلى رأس حربة"، كما عبّر بيان للسفير الروسي فيها، فلاديمير باربين، الذي ذهب إلى حدّ توجيه تحذير عسكري ضمني بقوله: "لا نريد أن نكون ساذجين، وجيشنا مسؤول عن ضمان أمن الاتحاد الروسي".

واعتبر أنّ نشر أسلحة أميركية في بورنهولم عبارة عن رسالة سياسية مفادها بأنه "لم يعد اليوم ثمة قيود على وجود القوات الأجنبية في بورنهولم".

قلق روسي من المناورات الأميركية ـ الدنماركية

ويثير تعزيز العلاقة العسكرية الأميركية ــ الإسكندنافية في منطقة بحر البلطيق قلقاً روسياً، خصوصاً أنّ بورنهولم لا تبعد سوى 300 كيلومتر عن جيب كالينينغراد الروسي (معزول عن البر الروسي بين بولندا وليتوانيا على البلطيق).

وتنشر موسكو في الجيب صواريخ "إسكندر" القادرة على حمل رؤوس نووية. ويتصاعد القلق الروسي مع تعزيز تعاون السويد وفنلندا مع حلف شمال الأطلسي، في سياق خطوات الانضمام إليه، متخطيتان ما يشبه خطوطاً روسية حمراء.

وباشرت الدنمارك، منذ فبراير/شباط الماضي، تعاوناً غير مسبوق مع الجانب الأميركي، بما في ذلك استقبال أسلحة وجنود على الأرض، وتحويل ميناء مدينة إسبييرغ (جنوب غرب) إلى ميناء شبه عسكري للأطلسي، لاستقبال العتاد العسكري الأميركي.

المخاوف الروسية تتزايد بشأن "تحول الجزيرة إلى رأس حربة"

 

وتشارك في مناورات اليوم راجمات صواريخ "هيمارس إم 142" الأميركية التي يصل مداها إلى نحو 400 كيلومتر، وتصل إلى كالينينغراد. ومن المقرر نشر نظام مدفعية عالي الحركة، يُصعب على الطرف المقابل استهدافه بسبب سرعة انتقاله.

ويخشى الروس من تحول الجزيرة إلى قاعدة ثابتة مجهّزة بأسلحة متقدمة. وسبق أن احتضنت الجزيرة الدنماركية في الأسابيع الأخيرة لنهاية الحرب العالمية الثانية (1939 ــ 1945) وجوداً سوفييتياً مؤقتاً.

ومنذ عام 2014 تزايد التوتر حول جزيرتي بورنهولم الدنماركية وغوتلاند السويدية. واتُهم الجانب الروسي في مناسبات عدة بانتهاك المجالين البحري والجوي للبلدين، بعد توتر علاقة روسيا بالغرب، إثر التدخل في شرق أوكرانيا وضمها شبه جزيرة القرم في العام نفسه.

ومنذ عام 2014 تزايد التوتر حول جزيرتي بورنهولم الدنماركية وغوتلاند السويدية

 

وقبيل الغزو الروسي لأوكرانيا، الذي بدأ في 24 فبراير/شباط الماضي، لم يكن سهلاً على سياسيي الدنمارك، وبقية الدول الاسكندنافية (النرويج، فنلندا، السويد)، تمرير نشر عتاد عسكري أميركي. ويبدو أن الحرب الأوكرانية تسرّع في تغيير القواعد التي سرت منذ انتهاء الحرب الباردة (1947 ـ 1991)، بين المعسكرين الشرقي والغربي.

وحتى وإن أكدت السلطات الدنماركية أنّ مناورات اليوم في بورنهولم مخطط لها منذ ما قبل الحرب الأوكرانية، إلا أنه لا يمكن فصلها عن زيادة الانتشار العسكري الغربي في البلطيق، وربطها بمجريات الأشهر الثلاثة الأخيرة من الحرب في أوكرانيا.

نتائج عكسية لحملة بوتين

وعلى الرغم من أن رئيسة حكومة يسار الوسط في كوبنهاغن، ميته فريدركسن، طالبت، في إبريل/نيسان الماضي، السفير الروسي بالكف عن "التدخل في مسائل سيادية"، إلا أنّ ما أكده خبراء عن أن سياسات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أتت بنتائج عكسية لهدف إبعاد حلف شمال الأطلسي عن تخوم روسيا، عكس أسباب ارتفاع منسوب توتر الأجواء.

والتوترات الأخيرة تعيد التذكير بما كشفت عنه تقارير استخبارية وعسكرية أخيراً، من أنّ الاتحاد السوفييتي وضع حتى أواخر الثمانينيات من القرن الماضي، مخططات بالتعاون مع الجيش البولندي (أيام حلف وارسو العسكري) لضرب الدنمارك واحتلال بورنهولم، في سياق المواجهة مع الأطلسي.