أفادت وكالة "تاس" الروسية نقلاً عن المتحدث باسم الجيش التركي، صباح اليوم الخميس، بأنّ "عسكريين من الجيشين الروسي والتركي أجروا تدريبات في مدينة سراقب السورية قبل مهمات دورية مشتركة في إدلب"، شمال غربي سورية، من دون تحديد توقيت التدريبات.
ونقلت الوكالة عن المتحدث أنّ العسكريين من الجيشين "بحاجة إلى تدريب على كل المهارات الضرورية مرة أخرى"، مضيفاً: "أعلم أنّ هؤلاء العسكريين جميعاً يتمتعون بالخبرة، ولكن من المهم ضمان أقصى قدر من التنسيق بين الطرفين"، مشيراً إلى أن "هذه التدريبات تعتبر ضماناً لنجاح الجهود المشتركة".
ولفت المتحدث إلى أنّ "الجنود الروس والأتراك تدربوا على مهارات التحرك في القوافل وصدّ الهجمات عليها، وإجلاء الجرحى، والتحرك على طول أقسام مع كمائن المسلّحين، باستخدام مركبات عسكرية من نوع "تايغر"، وناقلات جند من طراز BTR – 82A، ومدرعات تركية من طراز "كيربي"، لافتاً إلى أنه "تم العمل على تصميم نظام إشارة خاص للمساعدة في سد فجوة اللغة بين الجانبين".
وأكد أنّ "القوافل جيدة التسليح وليست هدفاً سهلاً للمسلحين حتى في إدلب المضطربة، لكن الهجمات على القوافل العسكرية كانت تشنّ من وقت لآخر، وهذا هو السبب في ضرورة التدريبات بعد استراحة طويلة".
وكانت الدوريات الروسية – التركية المشتركة في إدلب، وتحديداً على طريق حلب – اللاذقية الدولي "أم 4"، قد توقفت منذ خريف العام الماضي، وقد كانت تطبيقاً لبنود وقف إطلاق النار المبرم بين روسيا وتركيا، في مارس/ آذار من العام الماضي، الذي أوقف المعارك في إدلب.
وتواصل قوات النظام والمليشيات الحليفة لها، خروقاتها للاتفاق، إذ جُرح خمسة مدنيين بينهم نساء وأطفال صباح اليوم الخميس، إثر قصف صاروخي من قوات النظام السوري طاول منازل المدنيين ومعظم الأحياء السكنية وسط بلدة البارة في جبل الزاوية جنوبي إدلب. وكانت البلدة قد تعرضت لقصف مماثل، مساء الثلاثاء، الماضي أدى إلى مقتل امرأة وجرح تسعة آخرين.
ولا يزال خرق وقف إطلاق النار مستمراً بشكل شبه يومي من قبل قوات النظام والمليشيات الحليفة لها ضمن ما يعرف بـ"منطقة خفض التصعيد الرابعة" (إدلب وما حولها)، مستهدفاً فجر اليوم الخميس قرى وبلدات الزيارة، والقرقور، وقسطون، والعنكاوي، والقاهرة، والفطيرة، وكفرعويد، وسفوهن، وفليفل، والجلقة، وجميعها ضمن أرياف حماة الغربية وإدلب الجنوبية.
وفي إدلب أيضاً، أكد مصدر محلي لـ"لعربي الجديد"، أنّ القوة الأمنية التابعة لـ"هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً) اعتقلت مساء أمس الأربعاء، أبو عبد الرحمن الأردني الشرعي العام في تنظيم "حراس الدين" المبايع لتنظيم "القاعدة"، مضيفاً أنّ عملية الاعتقال تمّت على حاجز موقت للهيئة، اعترض سيارة الأردني بعد خروجه من صلاة العشاء وسط مدينة جسر الشغور في محافظة إدلب. وزادت عمليات استهداف واعتقال قياديين في التنظيم في الآونة الأخيرة، التي يشار بالوقوف وراءها إلى "هيئة تحرير الشام".
المعارضة السورية تنفي استهداف قاعدة حميميم
إلى ذلك، أعلنت وزارة الدفاع الروسية مساء أمس الأربعاء، في بيانٍ لها، أن الدفاعات الجوية لقواتها الموجودة في سورية ضمن قاعدة حميميم الجوية بمنطقة جبلة بريف اللاذقية غربي سورية، تصدّت لهجوم نفذته التنظيمات الإرهابية الموجودة في ما يُعرف منطقة "خفض التصعيد الرابعة" (إدلب وما حولها) على القاعدة.
وقال نائب مدير مركز التنسيق الروسي في حميميم اللواء البحري فياتشيسلاف سيتنيك في بيان الوزارة الروسية، إن "قوات الدفاع الجوي الروسية تصدّت لهجوم على قاعدة حميميم الجوية باستخدام راجمات صواريخ بعيدة المدى"، مشيراً إلى أن "وسائل المراقبة حدّدت أن مصدر القصف نُفذ من مناطق انتشار التنظيمات الإرهابية في منطقة خفض التصعيد في إدلب".
وأوضح المسؤول العسكري الروسي أن الهجوم "لم يُوقع إصابات أو أضرار مادية، وأن قاعدة حميميم تعمل بنظام اعتيادي، وقد تصدّت لجميع الهجمات التي تعرضت لها القاعدة في وقت سابق".
وحول اتهام وزارة الدفاع الروسية لفصائل المعارضة في إدلب باستهداف القاعدة، وصف النقيب ناجي المصطفى، المتحدث الرسمي باسم "الجبهة الوطنية للتحرير"، أحد تشكيلات المعارضة السورية المسلحة الحليفة لتركيا، في تصريح لـ"العربي الجديد"، الادعاءات الروسية بأنها "تصريحات زائفة ومخادعة وحجج واهية"، مضيفاً: "دائماً القوات الروسية تدعي ذلك، وقد اعتدنا عليها، ودائماً تكون الادعاءات غير صحيحة لاختلاق أعذار أمام المجتمع الدولي ووسائل الإعلام باستمرارها في خروقاتها وقصفها للمناطق المحرّرة ضمن محافظة إدلب وما حولها، والتي لم تتوقف منذ توقيع وقف إطلاق النار بين الجانبين الروسي والتركي في الخامس من آذار/ مارس العام الماضي"، نافياً أن يكون هناك أي "استهداف للقاعدة الروسية من قبل فصائل المعارضة السورية".
وأكد النقيب ناجي المصطفى أن "الطائرات الحربية الروسية كثفت في الأسابيع الماضية من غاراتها الجوية بصواريخ ارتجاجية مُستهدفة محيط مناطق حربنوش، وأرمناز، والشيخ بحر، ومعرة مصرين، وقورقانيا، شمال المحافظة، التي تضم عدداً من مخيمات النازحين الذين هُجروا من أرياف حماة وإدلب وحلب نتيجة الحملة العسكرية الأخيرة مطلع عام 2019 على منطقة خفض التصعيد الرابعة (إدلب وما حولها)، التي تمكنت من خلالها قوات النظام والمليشيات المتعددة الإيرانية والروسية بإسناد جوي من قاعدة حميميم والقواعد التابعة للنظام، من بسط سيطرتها على كامل ريف حماة الشمالي وريف إدلب الشرقي، وريف حلب الجنوبي وأجزاء من واسعة من ريف حلب الغربي ومنطقة سهل الغاب غرب حماة، على الرغم من شمولها جغرافياً باتفاق سوتشي المبرم بين روسيا وتركيا في سبتمبر/ أيلول 2019، بأن جميع تلك المناطق تحت النفوذ التركي من خلال نشر نقاط مراقبة".
ولفت المصطفى إلى أن "القوات الخاصة الروسية حاولت التسلل والتقدم مرتين خلال شهر يناير/كانون الثاني من العام الحالي على مواقع لقواتنا في منطقة العنكاوي ضمن سهل الغاب غرب حماة، وأدّى ذلك إلى مقتل 11 عنصراً من مقاتلينا في المحاولة الأولى، ومن ثم تمكنت قواتنا من جرح عناصر من القوات الخاصة الروسية عند رصدهم في أثناء المحاولة الثانية التي كانت بعد يومين"، دون إحراز أي تقدم يذكر للجانبين.
وأشار المتحدث باسم الجبهة إلى أن "قوات النظام عمدت في الفترة الأخيرة، بأوامر من القوات الروسية، إلى منع المزارعين من جني محاصيلهم الواقعة أراضيهم على مقربة من خطوط التماس بين الطرفين في مناطق سهل الغاب غرب حماة وريف منطقة جسر الشغور غرب إدلب، وذلك من خلال 11 استهدافاً بصواريخ حرارية موجهة من نوع (كورنيت إيه أم) المطورة والمضادة للدبابات، وهي واحدة من أخطر الأسلحة التي سلّمتها روسيا لقوات النظام قبل سنة تقريباً، حيث تمتلك هذه الصواريخ نظام توجيه دقيق يمكّنها من إصابة أهداف على مسافة 10 كيلومترات نهاراً، وعلى مسافة 8 كيلومترات ليلاً، وتحوي نوعين من الرؤوس الحربية شديدة الانفجار والحرارية"، مضيفاً أن "الضربات نتج منها مقتل ما يزيد على 9 مزارعين ورعاة أغنام بينهم طفل، مع العلم أن جميع القواعد التي أُطلقت منها تلك الصواريخ يُشرف عليها ضباط روس من قاعدة حميميم الجوية".
وأكد المتحدث العسكري أن "قوات "الجبهة الوطنية" وباقي فصائل المعارضة تقوم بالردّ على هذه الخروقات، من خلال استهداف نقاط عسكرية بالمدفعية الثقيلة وصواريخ "الغراد" والموجهة من نوع "تاو" في مدن كفرنبل ومعرة النعمان وسراقب التي احتلتها تلك القوات مطلع العام الجاري، وأوقعنا عدة خسائر في العتاد والأرواح من خلال الردود التي قمنا بها"، مشيراً إلى أن فصائل المعارضة "على أتمّ الجاهزية والاستعداد لصدّ أي عدوان أو عملية عسكرية مرتقبة في منطقة جبل الزاوية وسهل الغاب، ويتضح ذلك من زيادة الخروقات اليومية وتكثيف الغارات الجوية، بالتزامن مع تحليق مكثف لطائرات الاستطلاع والحربية الروسية في أجواء محافظة إدلب".
وكانت مصادر محلية قد أكدت لـ"العربي الجديد"، أن القوات الروسية المتمركزة في قاعدة حميميم الجوية فشلت في إطلاق صاروخ من نوع "توشكا"، مساء الأربعاء الفائت، ما أدّى إلى سقوط الصاروخ في منطقة "الشراشير" التي تبعد 700 متر للجنوب عن القاعدة الجوية الروسية في حميميم. وتزامن ذلك مع إطلاق صاروخ من مطار أبو الظهور العسكري بريف إدلب الشرقي، استهدف حراقات لتكرير الفيول في منطقة ترحين شرقيّ حلب نتج منه مقتل مدنيين اثنين وإصابة أربعة آخرين.
وكانت وزارة الدفاع الروسية قد أعلنت في 19 يناير من العام الجاري أن دفاعاتها الجوية في قاعدة حميميم تصدّت لثلاثة أهداف جوية صغيرة على بعد كبير، كانت متجهة إلى القاعدة العسكرية الروسية من الجهة الشمالية الشرقية، من دون تحديد الجهة المنفذة للهجوم.
استهداف عناصر "داعش" في دير الزور
وفي شرق سورية، أفادت شبكات محلية في دير الزور بمقتل وجرح عدد من عناصر تنظيم "داعش" بعد منتصف ليل الخميس، جراء عدة غارات جوية شنتها الطائرات الحربية الروسية في مناطق متفرقة من بادية الميادين شرقي محافظة دير الزور.
وأوضحت مصادر لـ"العربي الجديد" أنّ الغارات جاءت بعد هجوم نفذه عناصر تنظيم "داعش"، صباح أمس الأربعاء، بأسلحة فردية ومتوسطة على نقاط حراسة لمليشيات "الدفاع الوطني" المدعومة من روسيا، و"لواء فاطميون" (الأفغاني) التابع للحرس الثوري الإيراني بمنطقة الخور الغربي ضمن البادية الغربية لمدينة الميادين، مضيفةً أن الهجوم أوقع قتيلين من مليشيا الدفاع المحلي و5 جرحى نُقلوا إلى مشفى دير الزور العسكري، بالإضافة إلى قتلى وجرحى من "لواء فاطميون".
وأشارت مصادر محلية إلى أنّ جهاز قوى الأمن الداخلي (أسايش) التابع لـ "الإدارة الذاتية" الكردية، اعتقل مساء أمس الأربعاء، شخصين من داخل مخيم الهول جنوب شرقيّ مدينة الحسكة، وذلك على خلفية مقتل لاجئ عراقي داخل خيمته ضمن القسم الثالث في المخيم.
ويأتي ذلك بعدما عثرت "قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، في 7 فبراير/ شباط الجاري على جثة لاجئ (عراقي الجنسية) في القسم الأول من المخيم ذاته، مقتولاً على أيدي مسلحين مجهولين بعدة طلقات نارية في الرأس والصدر والبطن.
وزادت عمليات الاغتيال والقتل داخل المخيم، حيث تتوجه أصابع الاتهام نحو خلايا داعش الناشطة داخل المخيم الواسع.
وفي محافظة الحسكة شرقي سورية، أقدم مجهولون مسلّحون على إلقاء قنبلة يدوية على سيارة عسكرية لـ"قسد" في حي الناصرة وسط مدينة الحسكة، من دون تسجيل أي إصابة تذكر، سبقها اندلاع اشتباكات بين "قسد" وأصحاب العبارات النهرية الذين قامت "قسد" بتفجير مركب تابع لهم، ومصادرة سيارة محملة ببراميل وقود من مادة المازوت معدة للتهريب لمناطق سيطرة النظام السوري، واستهدافها بالرصاص وتفجيرها بعد تفريغها من حمولتها على حاجز المحطة التابع لـ"قسد" في حي اللطوة ضمن بلدة ذيبان شرقي مدينة دير الزور.
حملة اعتقالات في ريف درعا
أما في الجنوب، فقال "تجمع أحرار حوران" إنّ قوات النظام السوري اعتقلت، ليل الأربعاء، عدداً من شبان ريف درعا الشمالي الشرقي، موضحاً أنّ "حملة الاعتقالات طاولت سبعة شبان من أبناء مدينة اللجاة على حاجز عسكري لقوات النظام في قرية البقعة على المدخل الغربي للمدينة التي ينحدرون منها، على الرغم من إجرائهم التسوية برعاية روسية"، فيما أفرجت قوات النظام السوري عن أحد الشبان بعد احتجازه بساعات بسبب وضعه الصحي، نتيجة تعرضه لبتر في الساق بوقت سابق، فيما لا يزال مصير البقية مجهولاً حتى اللحظة.
وتأتي حملة الاعتقالات بعد يومين من توقيع اتفاق التسوية بين اللجنة المركزية وممثلين من قادة الفصائل المحليين وقوات النظام السوري برعاية روسية، بعد أن شهدت محافظة درعا وريفها الغربي في الأسابيع الماضية حالةً من التوتر والمفاوضات.
وجرى التوصل إلى اتفاق وُصف بـ"النهائي" في اجتماعٍ عقد الاثنين الفائت، تضمّن عدة بنود، أبرزها تسليم السلاح المتوسط الذي ظهر أخيراً خلال المواجهات مع النظام في مدينة طفس، فضلاً عن تفتيش المزارع ومقرات تابعة لقيادي سابق في الفصائل المحلية خلدون الزعبي، وعدم اعتراض أي مدني أو اعتقال أي شخص خلال عمليات التفتيش، وإعادة تفعيل دائرة الأحوال المدنية في مخفر مدينة طفس التابع للنظام.
وفي السويداء، اعتقلت قوات النظام السوري عدداً من الضباط والعناصر، مساء أمس الأربعاء، بعد اكتشاف سرقة أحد مستودعات السلاح ضمن الفوج 44 الواقع على طريق قنوات في السويداء، والتابع للفرقة الـ15 قوات خاصة ضمن جيش النظام، بعد أن اكتُشف داخله نقص بقطع الأسلحة، في أثناء عملية جرد باشر فيها ضابط جديد تم تعيينه بالفوج.
كما اختطفت مجموعة مسلّحة (مجهولة التبعية) ليل الأربعاء، مدنياً من أمام منزله الكائن قرب المنطقة الصناعية في مدينة السويداء، الأمر الذي أدى إلى تجمع العشرات من أقاربه، وإطلاقهم النار بالهواء احتجاجاً على الحادثة وتعبيراً عن غضبهم، عند المدخل الشمالي للمدينة، ما ينذر بعودة التوتر إلى المحافظة على الرغم من الترويج لتسوية برعاية روسيا، تستهدف حلّ مشكلة المتخلفين عن الخدمة من أبناء المحافظة.