استمع إلى الملخص
- بايدن يعد بحماية حقوق الإجهاض ودعم الطبقة الوسطى، بينما يركز ترامب على تخفيضات ضريبية وسياسات صارمة في الهجرة والتنقيب عن النفط، مع تفوق ترامب في استطلاعات الرأي بشأن الاقتصاد والتضخم.
- المناظرة تحمل أهمية خاصة قبل الانتخابات الرئاسية لعام 2024، مع تغييرات في قواعد المناظرة تشمل كتم صوت الميكروفون لغير المتحدث وعدم وجود جمهور، مما يضع تحديات جديدة للمرشحين.
يستعدّ الأميركيون لمشاهدة المناظرة الأولى بين الرئيس الأميركي الديمقراطي جو بايدن والرئيس السابق الجمهوري دونالد ترامب، والتي سيشاهدها الملايين مساء اليوم الخميس، فيما ستطغى على مناظرة بايدن وترامب بلا شك قضايا تشغل الناخبين لا سيما تلك الفئة المترددة، والتي قد تحسم فوز أي من المرشحين في الولايات المتأرجحة. بموازاة ذلك، فإن المرشحَين يستعدان من جهة أخرى لمعركة سياسية، الخميس المقبل، في أول مناظرة تلفزيونية في انتخابات 2024، قبل حلول موعد الانتخابات في الخامس من نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل. علماً أنها ليست المواجهة الأولى بينهما، إذ سبق أن تواجه الرجلان في مناظرات 2020، وبالتالي تُطرح تساؤلات قبيل المناظرة المقبلة حول نقاط الاختلاف بين الأمس واليوم.
وفيما لم يسبق أن تنافس في هذا السباق مرشحان في سنّ بايدن (81 عاماً)، وترامب (78 عاماً)، إذ يشكل سنّهما أحد تحديات المناظرة، فإن لكل من الرجلين أساليبه المتوقعة في التعامل مع خصمه وجهاً لوجه. ويستمر ترامب بانتهاج خطابه الشعبوي، إذ سخر خلال تجمع انتخابي في فيلادلفيا، يوم السبت الماضي، من تحضيرات بايدن مع مستشاريه في مقر كامب ديفيد، قرب واشنطن، استعداداً للمناظرة، قائلاً: "إنه ينام، لأنهم يريدونه أن يكون بأحسن حال. وقبل المناظرة بقليل، سيتلقى حقنة..."، وذلك بعدما لمّح في السابق إلى أن بايدن سيستخدم منشّطات قبل مواجهته. في المقابل، ردت حملة بايدن باتهام ترامب بمحاولة "صرف انتباهنا عن واقع مساء الخميس (موعد المناظرة) أمام الجمهور". وقال المتحدث باسم الحملة عمار موسى إنه "سيتعين على ترامب الرد على انتزاع حريات الأميركيين، ووعد المتبرعين المليارديرات بتخفيضات ضريبية على حساب الطبقة الوسطى، وتهديد ديمقراطيتنا ذاتها بوعود بالحكم كديكتاتور إذا فاز، والعنف إذا خسر".
في كل الأحوال، فإن مناظرة بايدن وترامب التي ستبثها قناة "سي أن أن" الأميركية، الخميس 27 يونيو/ حزيران، لمدة 90 دقيقة، في حدث تعود جذوره إلى المناظرات الرئاسية الأولى المتلفزة عام 1960، وبإشراف دانا باش وجيك تابر من الشبكة، ستكون فرصة نادرة لكلا الرجلين لمحاولة اكتساب تأييد عدد قليل من الناخبين في الولايات المتأرجحة والحاسمة، متسلحاً كل منهما بنقاط قوته، مقابل نقاط ضعف الآخر. والرهان سواء بالنسبة لبايدن أو لترامب هو تعبئة الناخبين المتبقين خارج الاستقطاب الشديد الذي يسود الحياة السياسية الأميركية ما بين الحزبين الرئيسيين، وغير المهتمين بتكرار السباق ذاته بين المرشحين في 2020. ويعد بايدن بإنقاذ الديمقراطية بمواجهة خصم نعت معارضيه السياسيين بـ"الحثالة" وأعلن أنه يعتزم أن يكون ديكتاتوراً "ليوم واحد". كما يطرح بايدن نفسه ضمانة لحق النساء في الإجهاض وحليفاً للطبقات الوسطى، وأنه يقف بوجه أنظمة مثل روسيا والصين.
في المقابل، يؤكد ترامب أنه يريد وقف "تراجع" الولايات المتحدة واعداً من أجل ذلك بتخفيضات ضريبية ورسوم جمركية مشددة ومشاريع تنقيب عن النفط وعمليات طرد جماعي للمهاجرين. علماً أنه وفق "سي أن أن"، فإن استطلاعات الرأي تظهر أن الاقتصاد هو القضية الرئيسية بالنسبة للأميركيين و"بايدن يخسر هذه الحجة أمام خصمه"، إذ يثق "المزيد من الأميركيين في ترامب مقارنة ببايدن في التعامل مع الاقتصاد والتضخم". في حين وفق استطلاع لشبكة "فوكس نيوز" نشر الأربعاء الماضي، يعتبر 47 في المئة من الناخبين الإجهاض "مهماً للغاية" بالنسبة لقرارهم في الاختيار بين بايدن وترامب. إلا أن قضايا مثل الهجرة والشرق الأوسط تفرض نفسها في هذا التوقيت، وهو ما سيكون حاضراً في مناظرة بايدن وترامب اليوم.
المختلف في مناظرة بايدن وترامب
وفي السياق، يقول جون جيزي، المحلل السياسي وكبير كاتبي العمود السياسي ومراسل البيت الأبيض بشبكة "نيوز ماكس" الإخبارية الأميركية، إن نقاط الاختلاف في مناظرات بايدن وترامب الرئيسية بين المناظرة المقبلة والمناظرات السابقة بينهما، أنه للمرة الثانية فقط في التاريخ "لدينا رجلان كانا رئيسين يتنافسان". ويضيف في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه "إلى جانب ذلك فقواعد المناظرة هذه المرة هي في الأساس القواعد نفسها للمناظرة الرئاسية الأولى في عام 1960، إذ سيتم كتم صوت الميكروفون لغير المتحدث، إضافة إلى عدم وجود جمهور، ومنح المشرفين (على المناظرة) صلاحيات قوية للالتزام بالقواعد الموضوعة".
جون جيزي: المتوقع من بايدن أن يُظهر أنه يتولى القيادة الكاملة وأنه قوي
ويقول إنه "إذا شاهدت مناظرات جون كينيدي وريتشادر نيكسون (1960)، خصوصاً المناظرة الثانية، فسوف ترى ما ستراه يوم الخميس (المقبل)". ويلفت إلى أن "الأمر الآخر هو أن المناظرات تكون عادة بين المرشحين الرئيسيين في شهر أكتوبر/ تشرين الأول"، أي عشية الانتخابات التي تكون في نوفمبر/ تشرين الثاني وليس قبل أربعة أو خمسة أشهر كما هو حال مناظرة اليوم.
ويعتبر جيزي أن "المتوقع من بايدن أن يُظهر أنه يتولى القيادة الكاملة، وأنه قوي، ويحاول تكرار أدائه خلال مناظرته الأولى مع ترامب في 2020 قبيل الانتخابات الرئاسية الماضية". أما بالنسبة لترامب، فيوضح جيزي أنه "يتعين عليه أن يبدو أكثر تحفظاً والظهور كرجل دولة، وألا يقاطع (منافسه) كثيراً مثلما كان يفعل في السابق"، مشيراً إلى أن "قواعد المناظرة بطبيعة الحال لن تسمح له بالمقاطعة، خصوصاً أنه سيتم كتم صوت الميكروفون حتى لا يقاطع المتحدث الآخر". ويضيف أن هذه المناظرة "لن تؤثر كثيراً على السباق الرئاسي، إذ عادة يخسر المرشحون في المناظرات لكنهم يتعافون سريعاً"، ويعزو ذلك بالنسبة لبايدن وترامب إلى أن "لديهما متسعاً من الوقت في حال الخسارة، وإذا ما كان أداء أحدهم سيئاً في المناظرة، فسوف يخوض مناظرة أخرى في المستقبل" في العاشر من سبتمبر/ أيلول المقبل على شبكة "إيه بي سي" الأميركية.
وتعليقاً على تأثير مناظرة بايدن وترامب على من لم يحسم موقفه من الناخبين الأميركيين بشأن التصويت، يقول جيزي إنه "مع شخصيتين مثل بايدن وترامب، اتخذت غالبية المترددين قرارها، وهناك مجموعة قليلة ربما تصل نسبتها إلى 1%، قد يكون قرارها حاسماً إذا كانت نتائج الرجلين متقاربة في السباق، ما يجعل صوتها بالغ الأهمية".
قضايا تفرض نفسها
ويتوقع جيزي أن "تحتل قضية الهجرة محوراً مهماً في مناظرة بايدن وترامب المقبلة، خصوصاً أنها أصبحت قضية مهمة جداً عالمياً"، لافتاً إلى أن "ترامب سيحاول الاستفادة من هذه القضية، لأنه يستطيع القول بسهولة إنه في فترة ولايته، وبموجب سياساته حينها، كانت الهجرة غير النظامية آخذة في الانخفاض". كما يمكنه استغلال "أن بايدن ألغى الكثير من سياسات ترامب التي أدت للمشكلات الموجودة على الحدود حالياً"، مشيراً إلى أن القرارات التي اتخذها بايدن أخيراً في ما يخص ملف الهجرة يراها كثيرون "قليلة ومتأخرة جداً". وكان بايدن قد فرض قيوداً على تدفق طالبي اللجوء إلى البلاد عبر الحدود مع المكسيك جنوباً، ثم أعلنت إدارته أخيراً عن تسهيلات لتصاريح الإقامة والعمل للمهاجرين المتزوجين من أميركيين وأطفالهم.
جيم موران: الفارق بين المناظرة الحالية ومناظرات 2020 أن بايدن أكبر بأربع سنوات
من جانبه، يشير جيم موران، عضو مجلس النواب السابق عن ولاية فيرجينيا، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن نقاط الاختلاف في مناظرات بايدن وترامب بين المناظرة المقبلة والمناظرات الرئاسية في 2020، "أن بايدن أكبر بأربع سنوات من ترامب، وأنه في عمر لا تظهر فيه طاقته الجسدية في أحسن حال، ويبدو متقدماً في السن". أما على الجانب الآخر، وفق موران، "أصبحت قاعدة ترامب أكثر صلابة وقوة، وتم التوجه إليها بالدعاية لمدة أربع سنوات (الماضية)"، مضيفاً أن "هذه القاعدة تقدّر بما يقارب النصف (من الناخبين) بالولايات المتحدة". ويوضح أنه لا يتوقع أن يؤثر ما وصفه بـ"التباطؤ الجسدي" على بايدن، إذ يقول: "لا أعتقد أن عقله يتباطأ، وأن عمره سيؤثر على المناظرة"، متوقعاً أن "لا تؤثر المناظرة في العموم على السباق الانتخابي إلا إذا حدث شيء كبير يلفت الأنظار وطنياً". ويضيف أن "مؤيدي ترامب سيؤيدونه بغض النظر عن فوزه أو خسارته في المناظرة".
وفي ما يخص الاقتصاد، يوضح موران أن "الاقتصاد سيكون محوراً مهماً في مناظرة بايدن وترامب المرتقبة، إذ سيجادل بايدن بأن الاقتصاد الأميركي في الواقع جيد جيداً وأن هناك تراجعاً في التضخم، وانخفاضاً في نسبة البطالة، وأنه طبقاً للأرقام هو أفضل من أي اقتصاد في العالم، ويحقق أرقاماً قياسية". لكن ترامب "سيحاول تصوير الوضع الاقتصادي في البلاد بأنه كارثي وأن الأميركيين يعانون"، لافتاً إلى أن "قاعدة ترامب ستوافقه على ما يقول، لكن الحقائق في جانب بايدن".
ويشير إلى أن "ترامب سيحاول استغلال الأوضاع في قطاع غزة، بالهجوم على بايدن، رغم أن ترامب نفسه طالب الإسرائيليين بإبادة جميع من في القطاع". ويقول إنه "بقدر ما كانت سياسة بايدن مخيبة للآمال في غزة، لكنه سيدافع عن قراراته وخطته لوقف إطلاق النار وإدخال مساعدات إنسانية، وعن رفضه إرسال شحنة من الأسلحة الثقيلة إلى إسرائيل، في حين أن ترامب كان سيعطي إسرائيل كل سلاح تريده وأكثر مما مدّه بايدن إلى تل أبيب". ويوضح أن ترامب "سيكذب في هذه النقطة كثيراً، وسيستغل مزاعم رئيس الوزراء الإسرائيلي (بنيامين نتنياهو) بأن بايدن قلّص تزويد إسرائيل بالأسلحة".