تعمل مليشيات مرتبطة بإيران مسيطرة على جانب كبير من جنوب العاصمة السورية دمشق، على إغراء الشبان السوريين لتجنيدهم في صفوفها مستغلة الأوضاع الاقتصادية المتدهورة في مناطق سيطرة نظام بشار الأسد، والتي تدفع عدداً منهم إلى الالتحاق بصفوف تلك الملشيات والعمل في مناطق سيطرتها.
وأكدت شبكة "صوت العاصمة" الإخبارية التي تنقل أخبار دمشق وريفها أخيراً أن المليشيات الإيرانية شرعت في هذه الخطة منذ عدة أشهر، وتستهدف أبناء بلدات ببيلا ويلدا وبيت سحم ونجها، وهي المجاورة لبلدة السيدة زينب نقطة تمركز تلك المليشيات، مشيرة إلى أنّ "مندوبي المليشيات الإيرانية قدّموا عروضاً لاستقطاب الشبان".
وذكرت أن العروض "تضمنت إعفاءً من الخدمة العسكرية في قوات النظام للمطلوبين والمتخلفين عن أدائها، مقابل العمل في صفوف المليشيات المدعومة من إيران لمدة خمس سنوات يمكنهم تقديم طلبات استقالة بعدها، وبراتب شهري يصل إلى 500 ألف ليرة سورية (ما يعادل 30 دولاراً)".
وبيّنت الشبكة أن "مندوبي المليشيات الإيرانية ينتقون أصحاب الخبرة القتالية وذوي البنية الجسدية القوية لإخضاعهم لدورات وتدريبات عسكرية، خاصة في معسكرات خاضعة لسيطرة الحرس الثوري والمليشيات المرتبطة به"، مؤكدة أن هناك استياءً في صفوف الشيوخ والوجهاء للبلدات المجاورة لبلدة السيدة زينب من عمليات تجنيد الشبان وإغرائهم لتبديل معتقداتهم.
تعليقاً على خطوة الملشيات الإيرانية، أوضح الباحث في "مركز جسور للدراسات"، وائل علوان، في حديث مع "العربي الجديد"، أن تجنيد الإيرانيين لعناصر محلية في سورية ليس بالأمر الجديد، مضيفاً: "تجنيد هؤلاء أقل كلفة بالنسبة للجانب الإيراني، فضلاً عن تأمين عدد كبير من العناصر تحتاج إليهم إيران في مناطق نفوذها الواسعة والتي لا تغطيها المليشيات الأفغانية والعراقية والباكستانية التي جلبتها طهران الى سورية".
وتابع: "التجنيد في سورية لمصلحة الملشيات الإيرانية يشهد طفرة اليوم على خلفية الأحداث في قطاع غزة، فطهران تدرك أن واشنطن ستتعامل بشكل مختلف مع النفوذ الإيراني في سورية بحيث تستهدف أصل هذا النفوذ، خاصة أن الأميركيين يحمّلون الإيرانيين جانباً من مسؤولية الهجوم الذي جرى على إسرائيل في أكتوبر الفائت".
وبيّن أن إيران بصدد تشكيل مجموعات محلية في سورية "ستكون هي الوكيل في تأمين المصالح الإيرانية، كما فعلت في لبنان واليمن، والعراق، في حال تبلور توجه إقليمي ودولي للحد من النفوذ العسكري الإيراني في سورية خلال الفترة المقبلة".
من جانبه، يرى الباحث في الشأن الإيراني في سورية ياسين جمول، في حديث مع "العربي الجديد"، أنه "لإيران في هذا هدفان، أحدهما استراتيجي والآخر تكتيكي"، مفصلاً بالقول: "فأما الهدف الاستراتيجي فهو إقامة طوق حول دمشق على نمط الضاحية الجنوبية لبيروت، لمحاصرة العاصمة وقلب الموازين مهما حصل من حلول سياسية، وهذا ما تعمل عليه من سنوات في داريا والمعضمية وجنوب دمشق". أما الهدف التكتيكي، بحسب جمول، فيتمثل في "الالتفاف على الضربات الإسرائيلية والأميركية؛ فإيران تريد دروعاً بشرية تخفف من خسائرها، فتجعل هؤلاء المجندين ضحايا ترد بهم عن قادتها وعناصرها الإيرانيين".
وتقع بلدة السيدة زينب جنوب العاصمة السورية دمشق، وهي منطقة نفوذ كامل لـ"الحرس الثوري" الإيراني، الذي ينشر العديد من المليشيات في منطقة السيدة وزينب ومحيطها.
ووضع الإيرانيون يدهم على المنطقة مع بدء الثورة السورية على نظام بشار الأسد في ربيع عام 2011، من خلال العديد من المليشيات، منها "لواء أبو الفضل العباس"، ثم "حركة النجباء"، و"فدائيو السيدة زينب"، ومليشيات أخرى، ارتكبت عدة مجازر في حق سكان بلدة السيدة زينب والبلدات المحيطة بها، وكانت أبرزها مجزرة بلدة الذيابية، أواخر عام 2012 بهدف تهجير السكان الأصليين، والذين بات أغلبهم إما نازحاً في بلاده وإما لاجئاً في الخارج.
وقبل اندلاع الثورة السورية كانت منطقة السيدة زينب مختلطة مهمشة تضم نحو 400 ألف شخص يتحدرون من مجمل المحافظات السورية، لكن غالبيتهم من نازحي الجولان السوري المحتل، واللاجئين الفلسطينيين.