شهدت مدينة السويداء جنوبي سورية، أخيراً، تحركات مسلحة لمليشيات "الدفاع الوطني"، المدعومة من مليشيات "حزب الله" اللبناني وإيران.
وظهرت خلال اليومين الماضيين مجموعات مسلحة في بعض النقاط داخل مدينة السويداء، بعدما أعلن "حزب اللواء السوري" وفصيل "مكافحة الإرهاب"، المشكلان حديثاً، ضمن أهدافهما الوقوف بوجه عصابات الخطف وتهريب المخدرات المسؤول عنها "حزب الله"، مؤكدين على وحدة الأراضي السورية وحماية مؤسسات الدولة.
وأفادت مصادر محلية من السويداء "العربي الجديد" بأن "نحو خمس سيارات بيك آب، بعضها كان يحمل رشاشات متوسطة، وعدداً من عناصر الدفاع الوطني تواجدوا خلال الأيام الماضية عقب الساعة التاسعة ليلاً في دوار بناء الشرطة العسكرية، الذي تم إخلاؤه وحرقه على خلفية اغتيال مؤسس حركة رجال الكرامة عام 2018".
وأضافت "كما تمت مشاهدة بضع سيارات تتبع للدفاع الوطني تحمل عناصر مسلحة في عدة نقاط داخل المدينة"، مبينةً "أنهم لم يتعرضوا لأحد من المارة أو أن يوقفوا حتى السيارات العابرة".
وبينت المصادر ذاتها أن "الدفاع الوطني سحب عدداَ من العناصر والأسلحة المتوسطة من ريف السويداء الشرقي باتجاه مدينة السويداء، في ظل حديث عن عزمه نشر حواجز في المدينة".
وأعادت أوامر سحب "الدفاع الوطني" الأسلحة والعناصر من الريف الشرقي إلى أذهان أهالي السويداء الأيام التي سبقت هجوم تنظيم "داعش" الإرهابي في عام 2018، ما تسبب بمقتل أكثر من 250 شخص غالبيتهم من المدنيين، حيث تم اتهام النظام بالوقوف وراء دفع التنظيم للهجوم على السويداء.
ويعود الحديث اليوم عن عزم تنظيم "داعش" الإرهابي شن هجوم جديد على المحافظة. وتحدث تقرير لقائد شرطة محافظة ريف دمشق، موجه لوزير الداخلية التابع للنظام، عن معلومات حول وجود نية للتنظيم للهجوم على ريف السويداء.
وكان مركز "الدفاع الوطني" في السويداء قال نهاية الشهر الفائت، عبر صفحته الرسمية: "نؤكد العمل بجد ونشاط لتفويت الفرصة على العابثين المتسلّقين وجميع أتباع الأجندات الخارجية الهادفة لزعزعة الأمن والاستقرار في المحافظة عموماً، وفي الريف الشرقي للسويداء بشكل خاص، الذي بذل شرفاء المحافظة من أجل أن يبقى تحت راية سلطان الأطرش دماء زكية طاهرة، ولن نسمح للدواعش الجدد عملاء إسرائيل والمخابرات الفرنسية أن تهنأ بموطئ قدم على ترابه".
وأضاف: "سنضرب بيد من حديد كل من تسوّل نفسه العبث بأمن وأمان هذه المحافظة الباسلة التي لن تكون إلا الصخرة الأقوى وحجر الأساس في بناء سورية الحديثة بقيادة الرئيس بشار الأسد، ولن نسمح أن تكون محافظتنا خنجراً مسموماً بيد المتآمرين العابثين كائناً من كانوا، سنرد بالسلاح والنار والقوة المدمرة، وسنعتبر أي حاجز يقام داخل المدينة وفي المنطقة الشرقية هدفاً مشروعاً لنا".
وأردف: "صدرت الأوامر لقوات الدفاع الوطني على امتداد المحافظة بالتعاون مع الشرفاء للتصدي للمتآمرين الجدد".
في المقابل، رد "حزب اللواء السوري" على بيان "الدفاع الوطني"، عبر بيان نشر على صفحته الرسمية في "فيسبوك"، رافضاً الاقتتال الداخلي.
ووجه حديثه إلى قيادة الدفاع الوطني قائلاً: "وهنا الكلام غير موجه للعناصر وإنما للقيادة وأصحاب القرار حصراً: نعلم تمام العلم سبب الخوف لديكم، كما يعلم أهالي السويداء أن استنفاركم الأخير ليس ضد جرائم الخطف أو السلب أو النهب، أو لأجل محاربة مراكز بيع المخدرات، وإنما لحماية الفاسدين واللصوص وتجار المخدرات. ومن الطبيعي أن يكون ردكم التهديد والوعيد".
وأضاف الحزب "تحاول بعض الشخصيات الأمنية نشر أخبار مفادها أننا نعمل على اغتيال شخصيات من قيادة الدفاع الوطني، أو أشخاص من حزب البعث أو بعض الزعامات التقليدية أو الشخصيات التابعة لإيران، وهنا لا بد أن نؤكد لكم عدم صحة هذا الكلام، والسبب أن الموت هو رحمة بالنسبة لهم، ونحن نرفض أي رحمة لهم، ولا نقبل بأقل من مشاهدتهم خلف القضبان وأمام قضاء دولي عادل".
وتابع "نقوم منذ سنوات بتوثيق كل الجرائم التي شاركوا بارتكابها، ونعلم تمام العلم أنه سيتم التخلي عنهم في الحل السياسي القادم".
وشدد على "اعتبار أي فصيل مسلح يقف إلى جانب الدفاع الوطني هو فصيل تابع لإيران ومشارك في حماية خطوط المخدرات، حتى لو تحدث هذا الفصيل بالوطنية وحب الوطن كما هي العادة".
وفي الشأن، قال الناشط في السويداء أبو جمال معروف، اسم مستعار لأسباب أمنية، لـ"العربي الجديد"، "الأجهزة الأمنية وعلى رأسها فرع الأمن العسكري في السويداء الذي يرأسه العميد لؤي العلي، وفرع أمن الدولة برئاسة العميد سالم الهوش، تعمل على خلق اقتتال داخلي في السويداء، بهدف استنزاف الفصائل المحلية وإعادة سيطرة النظام الأمنية، عبر العصابات التي جندها في الأعمال غير الشرعية وعلى رأسها عصابات راجي فلحوط ومعتز مزهر ورامي مزهر ووائل الشعار.
وأشار إلى أن النظام يدفع بعض الوجهاء ليكونوا غطاء لهذه العصابات، أمثال لؤي الأطرش و"اللجنة الوطنية الدينية" التي يتحدث باسمها المدعو مجد نعيم التابع للفرقة الرابعة، حيث إنهم يشنون هجوماً إعلامياً تخوينياً وتحريضياً ضد القوى الجديدة.
ورأى أن "موقف المجتمع في غالبه مستنكر لتحركات (الدفاع الوطني) ومن معه من عصابات ووجهاء مرتبطين مع الأجهزة الأمنية، لما ارتكبوه خلال السنوات الأخيرة من أعمال خارج القانون وانتهاكات بحق المجتمع المحلي، على رأسها جرائم الخطف والقتل والسلب وتجارة المخدرات وإثارة الفتن".
يشار إلى أن السويداء تشهد حالة من الفلتان الأمني في ظل تعطيل النظام القانون والقضاء والضابطة العدلية، مطلقاً يد العصابات التي يحمل عناصرها بطاقات أمنية ومهمات أمنية في سيارات، غالباً تكون مسروقة أو مهربة، يستخدمونها في أعمالهم غير الشرعية، ومنهم أعلنوا صراحة تبعيتهم للأجهزة الأمنية رغم كل الجرائم المتهمين بها".
وبين أن الكثير "من الوجهاء والمشايخ والقوى السياسية والمدنية طالبوا النظام عدة مرات برفع الأجهزة الأمنية الغطاء عن العصابات لما تشكله من خطر على أمن المجتمع".