ملهاة اللجنة الدستورية السورية: بيدرسون يطلق مقاربة جديدة قديمة

14 ديسمبر 2021
تحدث بيدرسون بدمشق عن مسار إنساني واقتصادي (لؤي بشارة/فرانس برس)
+ الخط -

يرسم المبعوث الأممي إلى سورية غير بيدرسون مقاربة جديدة للقضية السورية، بعد أن فشل في إحداث ثغرة في جدار صلب وضعه النظام السوري أمام الأمم المتحدة، الساعية من دون نتائج لإحياء العملية السياسية، التي تراوح مكانها منذ عام 2012.

وتحدث بيدرسون من دمشق عقب لقائه وزير الخارجية في حكومة النظام فيصل المقداد، أول من أمس الأحد، عن أن "هناك فرصة جادة لبحث إمكانية تطبيق مقاربة خطوة بخطوة بهدف بناء الثقة"، مضيفاً: "لمست في مباحثاتي مع مسؤولين عرب وأميركيين وأوروبيين إمكانية للانفتاح على دمشق".

وتابع بيدرسون: "علينا أن نحدد ما هي الخطوات بشكل دقيق، وهذه الخطوات مرتبطة بالوضع الإنساني والاقتصادي. وأشار إلى أنه "اليوم يمكن القول إن هناك فرصاً لإعادة إطلاق المسار السياسي"، من دون تقديم إيضاحات كافية عن كيفية إحياء هذا المسار في ظل تعنّت النظام، ورفضه تطبيق القرار الدولي 2254، الذي حدد بالفعل خطوات واضحة لإيجاد حل للقضية السورية.

وعلى الرغم من قول المبعوث الأممي، أول من أمس الأحد، إنه لا يوجد حتى الآن موعد لجولة جديدة من مفاوضات اللجنة الدستورية السورية في جنيف، إلا أن صحيفة "الوطن" الناطقة باسم النظام السوري، أفادت بـ"أن هناك فرصاً كبيرة لعقد الجولة السابعة من المفاوضات في جنيف في النصف الثاني من شهر يناير/كانون الثاني المقبل".

ووصفت الصحيفة مباحثات بيدرسون مع الرئيس المشترك للجنة مناقشة الدستور أحمد الكزبري بـ "الجيدة"، في إشارة واضحة إلى أن النظام ربما يسهّل مهمة المبعوث الأممي بتحديد موعد لجولة سابعة من اللجنة الدستورية المكلفة بكتابة دستور جديد للبلاد، بينما يصرّ النظام على أن مهمة اللجنة تعديل دستور 2012 لا أكثر.


النظام يكشف إمكانية عقد جولة سابعة من مفاوضات اللجنة الشهر المقبل


جولات اللجنة الدستورية السورية السابقة

وسبق أن عُقدت ست جولات من مباحثات اللجنة الدستورية السورية في جنيف، انتهت كلها بالفشل بسبب رفض وفد النظام البدء بصياغة مواد الدستور، ولكن بيدرسون لم يشر صراحة إلى أن النظام هو الجانب المعطل لأعمال اللجنة في الإحاطات التي قدمها لمجلس الأمن الدولي، بعد عقد جولات اللجنة الدستورية السورية.

وحول الطريقة التي ستتعاطى معها المعارضة السورية مع المقاربة الأممية الجديدة حول القضية السورية، أكد مصدر مطلع في الائتلاف الوطني السوري المعارض لـ "العربي الجديد"، أن المقاربة الجديدة من قبل المبعوث الأممي "ستخضع لنقاش من قبل الهيئة السياسية في الائتلاف في اجتماع من المقرر عقده (اليوم) الثلاثاء".

ويبدو أنه غاب عن المبعوث الأممي أن النظام رفض القيام بأي خطوات من شأنها بناء الثقة، مثل إطلاق سراح عشرات آلاف المعتقلين في سجونه، وكشف مصير المغيبين، على مدى أكثر من عشر سنوات.

ويعد هذا الملف من أهم الملفات التي تحملها المعارضة، سواء في مباحثات أستانة أو جنيف، من دون تحقيق أي تقدم، بسبب رفض النظام فتح باب البحث حول الملف الإنساني، وهو ما يؤكد عدم جديته في العملية السياسية، خصوصاً أنه لا ينبغي استخدام القضايا الإنسانية كأوراق ضغط سياسي.

وكانت المعارضة السورية تقدمت خطوة باتجاه النظام لتسهيل مهمة الأمم المتحدة في التوصل لحلول سياسية، عندما وافقت نتيجة ضغط إقليمي ودولي على نسف التراتبية في القرار الدولي 2254 المستند إلى بيان جنيف1 الصادر في منتصف عام 2012، من خلال التفاوض في المسألة الدستورية، قبل تحقيق انتقال سياسي تقوم به هيئة حكم كاملة الصلاحيات كما تنص القرارات الدولية.


هيئة المفاوضات المعارضة: سياسة خطوة خطوة غير مجدية


النظام ونقض عمل اللجنة الدستورية

ولكن النظام السوري تراجع خطوات إلى الوراء، بعد اعتبار نفسه الطرف المنتصر الذي يفرض شروطه، رافضاً تقديم أي شيء للمعارضة، بل يطلب منها توقيع ما يشبه وثيقة استسلام، معتمداً على دعم روسي وإيراني كبير.

كما لا يزال النظام يطلق على المعارضة السورية صفة "الإرهاب"، ويسوّق اتهامات بـ "العمالة" بحق المعارضين السوريين من مختلف التيارات والمشارب السياسية، وهو ما يؤكد أنه غير معني على الإطلاق بالتوصل لحلول سياسية يمكن أن تزعزعه، تحديداً في سياق عمل اللجنة الدستورية السورية.

وحول هذه التطورات، اعتبر المتحدث باسم هيئة المفاوضات التابعة للمعارضة السورية يحيى العريضي في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أن خطوة المعارضة السورية محددة وواضحة سلفاً، وهي تطبيق القرار الدولي 2254. وأشار إلى أن أهم إجراءات بناء الثقة "تبدأ من إطلاق سراح المعتقلين من قبل النظام، في مقابل استعداد المعارضة السورية لتطبيق القرارات الدولية".

واعتبر العريضي مقاربة المبعوث الأممي الجديدة محاولة لـ "استمرار العملية الحية حتى تتوفر الإرادة الدولية الحقيقية لتطبيق القرار الدولي 2254"، مضيفاً: وهذا بحد ذاته أقرب للفشل من قبل المبعوث الدولي.

من جانبه، أشار عضو هيئة التفاوض إبراهيم الجباوي في حديث مع "العربي الجديد" إلى أن "سياسة خطوة خطوة غير مجدية"، مشيراً إلى أن هذا النظام ارتكب جرائم حرب ويجب أن يقدم المجتمع الدولي رموزه إلى المحاكمة، لا أن يتعامل معه بسياسة خطوة خطوة. وتابع: على المجتمع الدولي فرض تطبيق القرار 2254 بحرفيته انطلاقاً من الانتقال السياسي. هناك جيل كامل من الأمّيين واليتامى والمشردين في سورية بسبب جرائم بشار الأسد.

المساهمون