مقررة أممية: إسرائيل ارتكبت أعمال إبادة جماعية وجرائم حرب في غزة

30 أكتوبر 2024
نافي بيلاي في جلسة سابقة لمجلس حقوق الإنسان، جنيف 16 إبريل 2024 (فابريس كوفريني/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أكدت نافي بيلاي أن إسرائيل فرضت نظاماً يهدف لتدمير النظام الصحي في غزة، مشيرة إلى أن الهجمات على المرافق الطبية ترقى لجرائم حرب وتؤثر على حقوق المرأة والفتاة في الرعاية الصحية.
- قدمت فرانشيسكا ألبانيز تقريراً يصف "الإبادة الجماعية كمحو استعماري"، محذرة من تطهير عرقي بعد تهجير 90% من سكان غزة قسراً.
- انتقدت ألبانيز صمت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة تجاه إسرائيل، ودعت لتعليق عضويتها حتى تمتثل للقانون الدولي.

قالت رئيسة اللجنة الدولية المستقلة المعنية بالتحقيق في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وفي إسرائيل، نافي بيلاي، إن السلطات الإسرائيلية فرضت نظاماً يهدف إلى تدمير النظام الصحي في غزة. وجاءت تصريحات بيلاي خلال تقديمها لتقريرها السنوي أمام اللجنة الثالثة للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك المعنية بحقوق الإنسان. وتناول تقريرها معاملة المحتجزين والأسرى، والهجمات على المرافق الطبية وعلى العاملين في المجال الطبي خلال الفترة من السابع من أكتوبر/تشرين الأول لعام 2023 إلى أغسطس/آب لعام 2024.

وقالت إن التقرير يظهر "أن السلطات الإسرائيلية قد فرضت سياسة مكثفة تهدف إلى تدمير نظام الرعاية الصحية في غزة، وشنت القوات الإسرائيلية المئات من الهجمات على المستشفيات والمرافق الطبية، بما فيها المركبات والموظفون المقدمون لتلك الخدمات التي يجب أن تتمتع بالحماية الخاصة". وأضافت: "قتل وجرح عمداً المئات من العاملين في مجال الرعاية الصحية، بما في ذلك عبر نيران القناصة واحتجزوا، كذلك أساءت القوات الإسرائيلية معاملتهم، وهذه كلها شكل من أشكال العقوبة الجماعية وترقى إلى مستوى جرائم الحرب عبر القتل العمد والتعذيب والجرائم ضد البشرية والتطهير (العرقي)".

وحول تدمير البنية التحتية الصحية في غزة، قالت إن "تدميرها عرقل بشكل كبير القدرة على توفير الخدمات الطبية وزادت بشكل حاد نسبة الوفيات بين الأطفال والمرضى الضعفاء. كما ضيقت السلطات الإسرائيلية من خناق الحصار ومنعت دخول الوقود والغذاء والمعدات الطبية إلى المستشفيات". وتحدثت عن تحقيق اللجنة بحادث استشهاد الطفلة هند رجب وعائلتها وعدد من المسعفين في الحادثة نفسها. وقالت إن اللجنة استنتجت أن "الفرقة 162 التابعة للجيش الإسرائيلي ارتكبت هذه الأفعال وتشكل جرائم حرب لأنها تعتبر قتلاً متعمداً وهجوماً ضد عناصر مدنية. وإن استهداف وتدمير البنية التحتية التي توفر الرعاية الصحية ورعاية الأمومة مع عدم القدرة على الحصول على الرعاية الصحية ينتهك حقوق المرأة والفتاة الفلسطينية الإنجابية، ما يؤدي إلى آثار طويلة الأمد لا يمكن العودة عنها وتؤثر في حق الشعب الفلسطيني في البقاء كمجموعة".

وأشارت إلى تسجيل اللجنة كذلك لهجمات "ارتكبتها الجماعات الفلسطينية المسلحة استهدفت الموظفين الطبيين والمرافق وسيارات الإسعاف في السابع من أكتوبر/تشرين وتشكل كذلك جرائم حرب". وتحدثت عن معاملة الأسرى الفلسطينيين في المعتقلات والسجون الإسرائيلية "وجدنا أن آلاف الفلسطينيين معظمهم من الرجال والفتيان قد احتجزوا تعسفياً ولا يمكن الوصول إليهم. واستخدمت القوات الإسرائيلية فلسطينيين دروعاً بشرية في الضفة وغزة وهو ما يرقى إلى جريمة الحرب". وأشارت كذلك إلى تعرّض الأسرى الذين اعتقلوا قبل السابع من أكتوبر للضرب والتهديد بالقتل والإذلال والحرمان والتعذيب. وشددت على أن جميعها بما فيها أفعال العنف البدني والنفسي فرضت على الفلسطينيين بهدف معاقبتهم وذلهم.

وأشارت كذلك إلى الاغتصاب والتعذيب الجنسي والتحرش الجنسي والتهديد بالاغتصاب، وقالت: "إن ذلك يأتي ضمن سياسة مقصودة لإنزال العقوبة الجماعية، وهو ما صرّح به عدد من المسؤولين الإسرائيليين الذين شرعوا أعمال الانتقام ونزع الإنسانية عن الفلسطينيين". وتحدثت عن تعرّض عدد من الرهائن (المحتجزين) الإسرائيليين لسوء المعاملة.

وقدمت، أمام اللجنة نفسها، المقررة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فرانشيسكا ألبانيز، تقريرها الدوري كذلك. وركزت فيه على "الإبادة الجماعية بوصفها محواً استعمارياً". ونصّ تقريرها على وجود أسباب معقولة للاعتقاد "بأن إسرائيل ارتكبت أعمال إبادة جماعية في غزة". وتستفيض في تقريرها "في تحليل العنف الذي أعقب السابع من أكتوبر/ تشرين الأول لعام 2023 ضد غزة، والذي امتد إلى الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، وتركز على النية في ارتكاب أعمال إبادة جماعية وتضع ذلك في سياق عملية التوسع الإقليمي والتطهير العرقي التي استمرت لعقود من الزمن بهدف تصفية الوجود الفلسطيني في فلسطين". وتشير في تقريرها إلى أن "الإبادة الجماعية يجب أن ينظر إليها على أنها جزء لا يتجزأ من هدف الاستعمار الإسرائيلي الكامل للأرض الفلسطينية مع إزالة أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين".

وفي مداخلتها أمام اللجنة، تحدثت ألبانيز كذلك عن الحرب المستمرة على غزة، قائلة إنه "لم يسلم أحد من القصف الإسرائيلي المتواصل، ورصاص القناصة والمدفعية، لا الصحافيون ولا الطلاب ولا العلماء ولا الأطباء ولا الممرضات ولا ذوو الإعاقة ولا الباحثون عن الغذاء والأمان ولا العاملون في المجال الإنساني وحتى موظفو الأمم المتحدة". وأشارت إلى إحصائيات محافظة مفادها "أن الهجوم الإسرائيلي على غزة أدى إلى مقتل وإصابة وتشويه ما لا يقل عن 155 ألف فلسطيني بمن فيهم هؤلاء الذين دفنوا تحت الأنقاض. كذلك أُبيدت عائلات بأكملها، وقُتلت النساء الحوامل وأكثر من 700 رضيع من بين 17 ألف طفل".

ونص التقرير كذلك على أنه في الـ14 من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 بعد أن أمرت إسرائيل 1.1 مليون فلسطيني بالنزوح من شمال غزة إلى جنوبها في غضون 24 ساعة في "واحدة من أسرع عمليات التهجير الجماعي في التاريخ" حذرت المقررة الخاصة من خطر تطهير عرقي جماعي متعمد. ولقد تمّ الآن "تهجير ما لا يقل عن تسعين بالمئة من الفلسطينيين في غزة قسراً".

وأشار التقرير كذلك إلى دعوات إسرائيلية "بالعودة إلى غزة وإعادة بناء المستعمرات التي تم تفكيكها في عام 2005". وأشارت ألبانيز أمام اللجنة وفي تقريرها كذلك إلى الهجوم على المصادر الغذائية ومنعها، وقالت إن "الهجمات الممنهجة على السيادة الغذائية في غزة تشير إلى وجود نية لتدمير سكانها من خلال التجويع، ودمرت إسرائيل الأرض الزراعية والخزانات وهاجمت مراكز التوزيع وفرق التنسيق وقوافل المساعدات، وفتكت بالحشود الجائعة التي تنتظر الطعام. وتعرض للتدمير ما يقرب من 93 في المئة من اقتصادات الزراعة والغابات وصيد الأسماك ويواجه 95 في المئة من الفلسطينيين مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد والحرمان لعقود مقبلة". 

مقررة أممية: إسرائيل ارتكبت أعمال إبادة جماعية وجرائم حرب في غزة

وخلال إحاطتها أمام اللجنة المعنية في الجمعية العامة، وجهت ألبانيز انتقادات شديدة اللهجة لتلك الدول الأعضاء في الأمم المتحدة المستمرة بتوجيه الانتقادات والاتهامات للعاملين في مجال حقوق الإنسان، بمن فيهم ألبانيز نفسها، والتي لا تظهر أي تعاطف مع الضحايا الفلسطينيين "على الرغم من قتل إسرائيل لأكثر من 42 ألف فلسطيني أغلبهم من النساء والأطفال في غزة، وهذا فقط الأرقام التي تم التحقق منها". وشددت على أن الدول الأعضاء في الأمم المتحدة التي لا تنتقد إسرائيل وما تقوم به من إبادة تجعل المؤسسة الدولية غير ذات أهمية أكثر فأكثر. كذلك وجهت انتقادات شديدة اللهجة حول المعايير المزدوجة والحديث عن حقوق الإنسان دون تطبيقها عندما يتعلق الأمر بفلسطين بل وتقييد حرية التعبير في الشوارع والجامعات الغربية من أجل حماية إسرائيل.

ورأت ألبانيز أن قرار إسرائيل بمنع عمل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في الأراضي الفلسطينية المحتلة، يشكل مثالاً صارخاً آخر على استمرار إسرائيل بعدم احترام القانون الدولي ضمن سلسلة من الهجمات على الأمم المتحدة ومبانيها، التي أدت إلى قتل قرابة 230 من العاملين في الأمم المتحدة في غزة. وأشارت إلى توصية سابقة لها للأمم المتحدة بالنظر بتعليق عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة حتى تمتثل على الأقل للمبادئ الأساسية مثل إنهاء الإبادة الجماعية.