- حزب السيادة وحزب متحدون يعبران عن قلقهما من تحول النظام السياسي إلى ثيوقراطي ويدعوان لتعزيز الوحدة الوطنية وتجنب تشريع الأعياد الدينية التي قد تفاقم الانقسامات الطائفية.
- الجدل حول تشريع "عيد الغدير" يبرز التحديات في تحقيق التوازن بين التنوع الديني والمذهبي والحاجة للوحدة الوطنية والاستقرار السياسي في العراق، في ظل الانتقادات لكثرة أيام العطل الرسمية والخلافات بين الأطراف السياسية.
أثارت محاولة تشريع "عيد الغدير" عطلة جديدة في العراق، دعا لها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، رفضاً من قبل أطراف سياسية عدة اعتبرتها "تكريساً للطائفية"، وسط دعوات للاهتمام بمصلحة البلاد بدلاً من إثارة ملفات ودعوات لا تصب في صالح الوحدة الوطنية.
وكان الصدر قد دعا، يوم الجمعة الماضي، البرلمان العراقي إلى اعتبار يوم "عيد الغدير"، الذي يحتفل به أبناء الطائفة الشيعية في العراق، عطلة رسمية، مطالباً تياره بمساندة القرار بكل الوسائل السلمية المتاحة والقانونية، وقد استجاب رئيس البرلمان بالوكالة محسن المندلاوي إلى الطلب، وأدرج المقترح ضمن جدول أعمال جلسة البرلمان التي عقدت الثلاثاء.
إلا أنّ المقترح بشأن "عيد الغدير" أثار جدلاً أثناء الجلسة، بعد أن اعترض عدد من النواب عليه، على اعتبار أن هناك قانوناً للعطل الرسمية مرسل من الحكومة الى البرلمان، ما تسبب بمشادات داخل الجلسة أفضت الى رفعها. الأطراف السياسية العربية السنية من جهتها سجلت رفضاً للخطوة واعتبرت أنها تسهم في مزيد من الخلاف الطائفي داخل المجتمع العراقي.
وأصدر حزب السيادة، أكبر القوى العربية السنية في العراق، بياناً اليوم الخميس، حذّر فيه من "تحول النظام السياسي تدريجياً إلى نظام دولة ثيوقراطية". وأضاف البيان أنه "في الوقت الذي يتطلع فيه حزب السيادة إلى ترسيخ حالة الاستقرار السياسي والأمني والمجتمعي وتوثيق اللحمة الوطنية والعدالة الاجتماعية، وطي صفحة الاستقطاب والانقسام المذهبي والديني، والبدء بصفحة العدالة والمساواة بين أبناء الوطن الواحد دون تمييز وإقصاء وتهميش، نرى محاولات تشريع أعياد دينية لا تنال الإجماع الوطني بسبب الطبيعة التعددية الاجتماعية والمذهبية والدينية التي يعرف بها العراق".
وتابع البيان: "وهذا ما يثير المخاوف من تحول النظام السياسي تدريجياً إلى نظام دولة ثيوقراطية دينية بسبب هذه القوانين"، معتبراً أن هذا الأمر "يخالف الدستور والقوانين النافذة". وأضاف البيان: "إننا في حزب السيادة إذ نحترم المدارس الدينية والمذهبية بمختلف مرجعياتها، لكننا نرفض فرضها على المجتمع العراقي المتعدد كتشريع ملزم"، مقترحاً أن "تتولى مجالس المحافظات بعينها تشريع القوانين ذات البعد الديني بما يتلاءم مع توجهات أبنائها".
ووفقا لبيان "السيادة"، فإن "أولويات المرحلة تتطلب المزيد من التكاتف والتعاضد السياسي والاجتماعي لدعم الحكومة العراقية وإنجاح مشاريعها الخدمية والإقليمية وإنهاء حالة الفراغ التشريعي التي يعانيها البرلمان، فتلك التي تجعل العراق أكثر استقراراً خدمة لأهداف الإصلاح والبناء والتنمية".
بيان حزب السيادة في دعوات تشريع (عيد الغدير) pic.twitter.com/b2C7kw5T9U
— حزب السيادة (@alseyadaiq) May 2, 2024
بدوره، طالب حزب متحدون، بزعامة رئيس البرلمان الأسبق أسامة النجيفي، أعضاء مجلس النواب إلى مقاطعة أي جلسة تشرع المقترح المتعلّق بـ"عيد الغدير". وقال "متحدون" في بيان إنّ الحزب "كان وما زال مع عراق موحد قوي، وحكومة رشيدة، ومجلس نواب يعبّر حقيقة عن آمال وطموحات الشعب العراقي بغض النظر عن العرق أو الدين أو الطائفة"، داعياً إلى "البحث عن نقاط اتفاق جديدة بدلاً عن البحث في السرديات الطائفية التي تفرّق أبناء الشعب الواحد".
وأوضح أنّ "عيد الغدير أو عيد الولاية، وحسب السردية التي يعتنقها الفقه الشيعي، يُكفَّر من لا يعتقد بذلك، وهذا يعني أنّ اعتماد سردية طائفية تكفر نصف الشعب العراقي أمر في غاية الخطورة، بل إنه ينسف الهوية الوطنية التي تجمعنا جميعاً". وأشار إلى أنه "ليس من حق أحد أن يفرض قناعات طائفية على الآخرين، وينبغي أن تكون الدولة بعيدة كل البعد عن أي ميل طائفي يقوّض الهوية الوطنية للعراقيين، ويضرب مبادئ الدستور باعتباره القانون الأعلى للبلد".
وأكد أنّ "للإخوة من المكون الشيعي الحق في الاحتفال بمناسبة عيد الغدير وفق ما يتبناه المذهب من سردية، ويمكنهم عبر مجالس المحافظات في المحافظات ذات الأغلبية الشيعية أن يجعلوا من هذا اليوم يوم عطلة يحتفلون فيها، إلا أنه يجب على أعضاء مجلس النواب التمسّك بوحدة العراقيين ونبذ أية وسيلة لتفرقتهم، عبر مقاطعة أية جلسة تعقد لمناقشة أو إقرار هذا القانون".
وشدد على أنّ "أمام الدولة مهمات وتحديات ليست سهلة ما يدعو كل وطني إلى التعاون والتآزر بدلاً من البحث عن سرديات تاريخية غير متفق عليها"، داعياً من سمّاهم الحكماء والعقلاء إلى "منع الطائفيين من فرض رؤيتهم على الدولة، فالعراق بتاريخه وحاضره ومستقبله ملك للعراقيين جميعاً".
كما اعترض الحزب الإسلامي العراقي على المقترح بشأن إقرار عطلة "عيد الغدير". وقال المكتب السياسي للحزب، في بيان، أمس الأربعاء، إنّ "المقترح لا يتوافق مع احتياجات العراق اليوم، وهذه مناسبة لها خصوصيتها لدى مكون دون آخر"، مشدداً على أنّ "المناسبة ستعيد إنتاج دوامة الفعل وردة الفعل بما لا يخدم المصلحة الوطنية العليا للبلاد".
وأظهرت وثائق لتواقيع نواب في البرلمان تدعو إلى سحب القانون من جدول أعمال المجلس.
النائب رعد الدهلكي يجمع تواقيع برلمانية لإعاقة إقرار قانون "عطلة يوم الغدير" الذي طالب به الصدر pic.twitter.com/v1IA86hb2x
— منصة خبر (@khbarpls) May 1, 2024
وتحيي الطائفة الشيعية في العراق يوم الـ18 من ذي الحجة في كل عام مناسبة "يوم الغدير"، وبحسب رواياتها، فإن النبي محمد أوصى في خطبة له بهذا اليوم، سنة 10 للهجرة، بأن يكون علي بن أبي طالب مولى المسلمين من بعده.
يشار إلى أن أيام العطل الرسمية في العراق تتجاوز 100 يوم في العام، من دون احتساب أيام الجمعة والسبت التي تُعَدّ عطلة لمعظم الموظفين في دوائر ومؤسسات الدولة العراقية، الأمر الذي يدفع مراقبين إلى انتقاد أيام العطل الكثيرة تلك التي تساهم في خسائر فادحة، وتأخير شؤون عديدة في البلاد. وارتبطت تلك العطل بمعظمها بوقائع تاريخية ودينية ومذهبية، مع العلم أنّها لم تكن تتجاوز 16 يوماً فقط قبل عام 2003.
ولم يتمكّن مجلس النواب العراقي، منذ عام 2015، من تمرير قانون العطل الرسمية المثير للجدل، بسبب خلافات عميقة بشأنه أدّت إلى ترحيله أكثر من مرّة إلى دورات برلمانية لاحقة، أملاً بالتوصّل إلى تسويات سياسية.