مفاوضات تشكيل الحكومة العراقية: قوى سياسية تحدد شروطها

17 أكتوبر 2022
طالبت أطراف في "التنسيقي" بإنهاء الوجود الأميركي بالعراق (يونس كيليس/الأناضول)
+ الخط -

كشفت قوى سياسية عراقية، أمس الأحد، عن كتابة شروطها المطلوبة من حكومة محمد شياع السوداني لقاء التصويت على منحها الثقة، مؤكدة أنها أبلغت قوى "الإطار التنسيقي" أنها تسعى لأن تكون شريكة في القرار وليس في المناصب الحكومية فقط.

وبدأ السوداني حراك تشكيل حكومته من خلال إجراء حوارات ومفاوضات مع الكتل والأحزاب السياسية، وسط تأكيد على الإسراع بعملية تشكيل الحكومة في القريب العاجل، لما يلاقيه السوداني من دعم سياسي كبير من كافة الأطراف.

وقال حسن الجبوري، العضو في تحالف "السيادة"، الممثل عن العرب السنة في العراق، لـ"العربي الجديد"، إن أبرز شروط القوى السياسية العربية السنية هي أن "تكون شريكاً أساسياً في القرارات وليس فقط المشاركة بالحكومة".

حسن الجبوري: أبرز شروط القوى السياسية العربية السنية أن تكون شريكاً أساسياً في القرارات

وأضاف الجبوري أن "الشروط المرفوعة حالياً، والتي تم طرحها أمام السوداني، هي كشف مصير المغيبين والمختطفين، وإعادة جميع النازحين، وتعويض كافة المتضررين، وإنهاء ملف المساءلة والعدالة، وكذلك العفو العام عن كافة الأبرياء في السجون العراقية".

واعتبر أن "هذه المطالب ستكون الورقة التفاوضية لتشكيل الحكومة الجديدة. وقبول السوداني بها، ثم عدم الالتزام بتنفيذها بعد تشكيل حكومته، سيدفعنا إلى اتخاذ قرارات ومواقف سياسية تجاه حكومته. فلا يمكن القبول بتسويف هذه المطالب خلال المرحلة المقبلة".

إعادة فتح ملف الوجود الأميركي بالعراق

ووسط تأكيدات سياسية بوجود ورقة مطالب محددة تتضمن أيضاً مسألة إعادة التوازن داخل دوائر ومؤسسات الدولة وفقاً للتوزيع السكاني في العراق، في إشارة إلى اختلال التوازن الطائفي والمكوناتي بفعل سياسات الحكومات السابقة، وتحديداً حكومتي نوري المالكي بين 2006 و2014، قال نائب عن تحالف "الإطار التنسيقي"، لـ"العربي الجديد"، إن بعض أطراف التحالف أعادت مجدداً فتح موضوع الوجود الأميركي بالعراق وأهمية طي صفحته بالكامل.

وأوضح النائب أن جناحاً داخل الإطار التنسيقي، مثل العصائب وكتائب حزب الله ومنظمة بدر ودولة القانون، "مع إعادة النظر باتفاق الوجود الأميركي، داعين إلى إنهائه حتى على مستوى قوات التدريب والاستشارة".

وقال القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني مهدي عبد الكريم، لـ"العربي الجديد"، إن "القوى الكردية تريد خلال المرحلة المقبلة أن تكون هناك عملية توازن داخل مؤسسات الدولة بشكل عام".

شروط "الديمقراطي الكردستاني"

وأضاف عبد الكريم أن "الحزب الديمقراطي الكردستاني سيعمل على تنفيذ المطالب التي فيها استحقاق لشعب إقليم كردستان، وهي قضية تصدير النفط من حقوله، وملف المادة 140 من الدستور (المناطق المتنازع على إدارتها بين بغداد وأربيل)، وكذلك إعادة تطبيع الأوضاع في كركوك، وحقوق الإقليم الكاملة بالموازنة العامة من الرواتب وغيرها. فهذه النقاط الأساسية التي ستكون في الورقة التفاوضية مع السوداني وقوى الإطار التي رشحته لهذا المنصب".

وكشف أن "المفاوضات الحقيقية حول هذه الشروط، وغيرها من شروط القوى السياسية الأخرى، ستنطلق خلال أيام قليلة. وهذه الشروط تم طرحها أمام السوداني وعموم قوى الإطار التنسيقي في وقت سابق".

رفض شروط مخالفة للدستور والقانون

بدوره، اعتبر عضو "الإطار التنسيقي"، محمود الحياني أن فرض شرط على مرشح تحالفه للقبول بمنح حكومته الثقة من قبل باقي القوى السياسية "محل نقاش".

وقال، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إن "الإطار ومرشحه لتشكيل الحكومة لن يقبلوا بفرض أي شروط مخالفة للدستور والقانون، لكنه سيعمل على معالجة بعض المشاكل التي لم تتمكن الحكومات السابقة من حلها وفق الدستور والقانون".

وأكد الحياني أن "الإطار التنسيقي لن يقبل بتقديم تنازلات مفتوحة، والحوارات مع القوى السياسية يجب أن تكون ضمن الدستور والقانون. بعض مطالب القوى السياسية مُلزمة للحكومة المقبلة، كإعادة النازحين وغيرها من الملفات، التي لم تحلها الحكومات السابقة".

وأضاف أن "حوارات تشكيل الحكومة تجري بأجواء إيجابية جداً، ورئيس الوزراء المكلف بدأ حراكه منذ يومين، وهو مستمر بلقاء كافة القوى السياسية للوصول إلى تفاهمات تهدف للإسراع بتشكيل الحكومة خلال الأيام القليلة المقبلة".

السوداني سيوافق مبدئياً على الشروط

وقال المحلل السياسي ماهر جودة، في حديث مع "العربي الجديد"، إنه "مع كل مفاوضات تشكيل حكومة جديدة، تفرض بعض الأطراف السياسية شروط ومطالب، ودائماً ما يوافق عليها المكلف بتشكيل الحكومة من أجل منع عرقلة تشكيل حكومته. ولهذا السوداني سيوافق من حيث المبدأ على شروط الكتل السنية والكردية، وحتى الشيعية منها".

محمود الحياني: الإطار ومرشحه لتشكيل الحكومة لن يقبلوا بفرض أي شروط مخالفة للدستور والقانون
 

وبين جودة أن "المشاكل التي تواجه القوى السياسية هي تطبيق المطالب والشروط ما بعد تشكيل الحكومة الجديدة. لا توجد ضمانات حقيقية لتطبيق هذه الشروط والمطالب رغم الموافقة عليها، خصوصاً أن مطالب القوى السنية والكردية هي نفسها التي تطرحها في كل عملية تفاوض لتشكيل الحكومة الجديدة، منذ سنوات طويلة".

وأضاف أن "المشاكل والخلافات ما بين الأطراف السياسية ورئيس الحكومة دائماً ما تظهر بعد تشكيل الحكومة بفترة ليست طويلة، وهذا سببه عدم تطبيق الشروط والمطالب التي على أساسها وافقت القوى السياسية على دعم الحكومة وتشكيلها".

وبعد جلسة برلمان ماراثونية استمرت أكثر من 7 ساعات، الخميس الماضي، انتخب فيها القيادي بالاتحاد الوطني الكردستاني عبد اللطيف رشيد رئيساً جديداً للبلاد، كُلف مرشح تحالف "الإطار التنسيقي" محمد شياع السوداني تشكيل تاسع الحكومات منذ الغزو الأميركي عام 2003.

وهاجم "التيار الصدري" بزعامة مقتدى الصدر، أول من أمس السبت، مساعي "الإطار التنسيقي" لتشكيل حكومة "ائتلافية مليشياوية مجربة"، بحسب تعبيره، مجدداً رفضه المشاركة فيها، ومتحدثاً عن مساع لإرضاء التيار من خلال منحه مناصب في تلك الحكومة. وهذا الموقف الأول للتيار الصدري، إزاء مساعي تشكيل الحكومة الجديدة، إذ كان التيار قد حدد مطالبه بحل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة جديدة.

وكانت الأزمة العراقية قد انحرفت في الأشهر الأخيرة نحو الشارع واستعمال السلاح بين قوى "الإطار التنسيقي" والتيار الصدري، فيما يسود ترقب حالياً من ناحية ردة الفعل التي يتوقع منه أن يتخذها بعد التطورات السياسية المتسارعة.

المساهمون