فيما تتواصل زيارة وفد حركة حماس إلى العاصمة المصرية القاهرة، ولقاء المسؤولين في جهاز المخابرات العامة في إطار الوساطة التي تقودها مصر بين فصائل المقاومة وحكومة الاحتلال الإسرائيلي من أجل ضبط الأوضاع والحفاظ على التهدئة ووقف إطلاق النار في قطاع غزة والضفة الغربية، لم تفلح الجهود المصرية في التوصل إلى اتفاق شامل مع قيادة الحركة بشأن عدم التصعيد العسكري.
وبحسب معلومات حصلت عليها "العربي الجديد"، فإن قيادة الحركة عبّرت للجانب المصري عن عدم ارتياحها جراء ما وصفته "بالضغط في اتجاه واحد وهو المقاومة"، فيما لا يمارس أي طرف، وفي مقدمتها القاهرة، ضغوطاً على تل أبيب.
"حماس" لن تستطيع السيطرة على عناصرها
وحسب المعلومات نفسها، فإن جولة المفاوضات الجديدة، التي شملتها زيارة وفد "حماس" للقاهرة، أكدت خلالها قيادة الحركة أنه لن يكون بمقدورها السيطرة على كافة أعضاء وقيادات الجناح العسكري "كتائب عز الدين القسام" إذا استمرت ما وصفتها بـ"استفزازات وزراء حكومة (بنيامين) نتنياهو".
اتفقت القاهرة وقيادة "حماس" على قصر التصعيد العسكري على رد الفعل
وكان وفد من قيادة "حماس" قد بدأ زيارة لمصر، الأسبوع الماضي، برئاسة إسماعيل هنية، وضم في عضويته نائب رئيس الحركة صالح العاروري، ورئيس مكتب الحركة في الخارج خالد مشعل، رئيس مكتب العلاقات العربية خليل الحية. وشددت قيادة الحركة على أن هناك حالة من الغضب بين شباب "القسام"، بسبب ممارسات الاحتلال في القدس والضفة الغربية، وعمليات قصف قطاع غزة من وقت لآخر.
خط "حماس" الأحمر
وأمام عدم وجود أفق واضح لإمكانية التوصل لتفاهمات سريعة مع حكومة الاحتلال، عملت القاهرة على التوصل لاتفاق "بَيْني" مع قيادة "حماس" يكون بمثابة خط أحمر بعدم تجاوز التصعيد والرد العسكري على استفزازات حكومة الاحتلال مستوى معيناً تم التوافق بشأنه خلال لقاءات القاهرة.
وعلمت "العربي الجديد" أن الجانب المصري توصل لاتفاق مع قيادة الحركة على قصر التصعيد العسكري على "رد الفعل" وعدم تجاوز "معادلة الرد على التجاوزات الإسرائيلية". وخلال اللقاءات، استفسر المسؤولون المصريون بشأن وقائع محددة استخدمت فيها الطائرات المسيّرة خلال الفترة الأخيرة.
وعلى الرغم من غضب القاهرة واستيائها من تصرفات حكومة الاحتلال، إلا أنه بدا أنها لا تزال تسعى لإضفاء أهمية على الوساطة، عبر نقل رسائل من جانب أجهزة الاحتلال للحركة، والوصول لإجابات عن استفسارات إسرائيلية بشأن شواغل أمنية وعسكرية لها.
هدف القاهرة منع انتفاضة جديدة
وخلال اللقاءات، أكدت القاهرة أن أهم شاغل بالنسبة لها في الفترة الراهنة هو منع اندلاع انتفاضة جديدة، مشددة على أن كافة محركات الانتفاضة متوفرة في المشهد الفلسطيني حالياً، في الوقت الذي تأكد فيه لدى المسؤولين في مصر أنه لن يكون بمقدور رئيس حكومة الاحتلال السيطرة على وزراء حكومته المتطرفين.
وعبرت القاهرة، عبر مستويات مختلفة دولية وفي إسرائيل، عن استيائها من النهج الذي تتبعه حكومة الاحتلال وعدم تجاوبها مع جهود الوساطة. وبدا أنه كان من بين تلك المستويات حضور الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بنفسه مؤتمر نصرة ودعم القدس في مقر الجامعة العربية، الأحد الماضي، وعدم اكتفائه بإرسال مندوب أو مشاركة وزير الخارجية فقط، لتكون رسالة لحكومة الاحتلال.
وأعلنت "حماس"، في بيان أمس، أن رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، الذي يقود وفد الحركة، يبحث خلال زيارته عدداً من الملفات، منها "ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني والمصالحة والجرائم الإسرائيلية في مدينة القدس والضفة الغربية"، فيما قال المتحدث باسمها جهاد طه، لوكالة "الأناضول"، إنه من المقرر أن تستمر الزيارة "حتّى يُستكمل بحث كافة الملفات مع القيادة المصرية".
أكدت القاهرة خلال اللقاءات أن أهم شاغل بالنسبة لها في الفترة الراهنة هو منع اندلاع انتفاضة جديدة
ودانت مصر، أمس الإثنين، قرار الحكومة الإسرائيلية "شرعنة" بؤر استيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة وبناء وحدات استيطانية جديدة. وأكدت وزارة الخارجية المصرية في بيان، أمس، أن هذا القرار يمثل مخالفة صارخة لقرارات مجلس الأمن، والأمم المتحدة، وقواعد القانون الدولي ذات الصلة، والتي تؤكد على عدم قانونية أو شرعية النشاط الاستيطاني بكافة أشكاله وصوره، واعتباره عملاً استفزازياً غير مقبول، يتزامن مع انعقاد مؤتمر نصرة ودعم القدس في القاهرة.
تأجيج للوضع المحتقن بالأراضي المحتلة
وحذرت مصر من تبعات هذا القرار، مؤكدة أن من شأنه تأجيج الوضع المحتقن بشدة في الأراضي المحتلة، بشكل ينذر باتساع نطاق أعمال العنف ووتيرته، وأنه ستكون له تداعيات وخيمة على أمن واستقرار المنطقة كلها، مطالبةً بالتوقف بشكل فوري عن كافة الإجراءات الأحادية من جانب إسرائيل، بما في ذلك هدم المنازل، والاعتقالات، والمداهمات، التي تستهدف أبناء الشعب الفلسطيني وممتلكاته.
وشددت الخارجية المصرية على أن السبيل الوحيد لتهدئة الأوضاع هو التوقف عن تلك الممارسات المخالفة للقوانين الدولية، والتي يرفضها الضمير الإنساني، وتهيئة المناخ للعودة إلى طاولة المفاوضات، بهدف التوصل إلى حل للقضية الفلسطينية على أساس مقررات الشرعية الدولية، بما يحقق السلام الشامل والعادل الذي تعيش فيه الدولة الفلسطينية المستقلة جنباً إلى جنب مع إسرائيل في سلام وأمان.
في غضون ذلك، قال نائب رئيس حركة حماس صالح العاروري إن "الحكومة الإسرائيلية الجديدة مختلفة عن كل ما سبقها من حكومات إجرامية، فتركيبتها إجرامية، ولا تأخذ بالاعتبار لا قانوناً ولا مجتمعاً دولياً، ولا حتى قانونهم المحلي. يريدون أن يستولوا بشكل كامل على القدس والضفة الغربية".
وأضاف، خلال كلمة له بمؤتمر "دعم صمود ومقاومة الشعب الفلسطيني بالضفة والقدس" في غزة، أن "هذه الحكومة تعتقد أن إسرائيل هي الضفة الغربية، وتعني لهم أكثر من تل أبيب والنقب، ويريدون أن يفتعلوا توتراً جديداً في المنطقة كي يكملوا فيه تهجير كامل شعبنا واحتلال باقي الضفة والقدس".
وتابع: "الحكومة الصهيونية الجديدة تريد أن تستولي على جزء من المسجد الأقصى، إذا لم يتمكنوا من السيطرة الكاملة عليه، وعندهم برنامج لتهجير أهلنا حتى في داخل الـ48، لأن لديهم هدفاً واحداً هو تهجير شعبنا والتخلص منه".
ودعا إلى التصعيد، قائلاً: "يجب تصعيد المقاومة ضد الاحتلال بكل الوسائل، الميدانية والشعبية والمقاطعة وبالحجارة، ونحن نتعامل مع عصابات مجرمين، ويجب أن ندافع عن أنفسنا".