معركة دونباس الوشيكة.. أوجه التشابه والاختلاف مع الهجوم على كييف

10 ابريل 2022
جنود أوكرانيون في دونباس حيث التوقعات تشير إلى معركة قريبة (فاضل سينا/فرانس برس)
+ الخط -

توقع تحليل نشرته "ذا غارديان" البريطانية، أمس السبت، أن يكون الشهر المقبل حاسماً على الأرجح بالنسبة إلى أوكرانيا، بعد أن أصبحت أنظار روسيا تتجه نحو الشرق مع هجوم كبير يُعدّ له جيشها، وأن تكون معركة دونباس مختلفة تماماً عن الهجوم على كييف.

وذهب التحليل الذي كتبه جاك واتلينغ، وهو زميل أبحاث أول متخصص في الحرب البرية لدى المعهد الملكي للخدمات المتحدة (RUSI)، إلى أن المأساة التي اكتُشِفَت وسط أنقاض بوكا وبوروديانكا قضت على أي بهجة بهزيمة كييف للقوات الروسية، بعد محاولات دامت شهراً لتطويق العاصمة والقضاء على "الأمة الأوكرانية". مع ذلك، فإن هزيمة القوات الروسية في الشمال تمثل نقطة تحول في الحرب.

وعلى المدى المتوسط​​، ستبقى أوكرانيا على قيد الحياة. لكن بالنسبة إلى جنودها ليس هناك مهلة بعد أن حوّلت موسكو نظرها إلى دونباس، وتُعدّ لشنّ هجوم كبير وشيك، بحسب المصدر نفسه.

 

وكان إقليم دونباس في حالة حرب منذ ثماني سنوات، وقُتل أكثر من 90 جندياً أوكرانياً في عام 2021 في الدفاع عن خط التماس. ومنذ أواخر فبراير/ شباط، تعرضت المواقع الأوكرانية لنيران المدفعية بشكل منتظم، حيث حُشد المدنيون من دونيتسك ولوغانسك، المحتلتين من قبل روسيا، لشنّ هجمات على الخنادق الأوكرانية. وكان الهدف من هذا النشاط الروسي تثبيت 40,000 جندي أوكراني في منطقة عمليات القوات المشتركة (JFO)، ومنعهم من التأثير بمعارك ماريوبول أو خاركيف أو كييف.

طلبت كييف من سكان شرق البلاد الإخلاء الفوري أو مواجهة "الموت" (فاضل السنا/فرانس برس)

وبعد الاستيلاء على ممر بري من روستوف إلى خيرسون، يستعد الروس لقطع خطوط الإمداد عن دونيتسك. المزيد من الوحدات الروسية، بعضها شُكِّل حديثاً، وبعضها غُيِّر موقعه، تتشكل للدفع جنوباً حول لوغانسك من خاركيف لإكمال التطويق.

ويؤكد واتلينغ أن المعركة ستكون مختلفة تماماً عن التقدم في كييف. الوحدات الروسية في بداية الحرب لم تكن جاهزة أو مزودة للقتال العنيف، أما الآن فالروس يقدّرون ما يواجههم، ومع وجود محورين فقط لدعمهم يمكن أن يركزوا إمداداتهم. وتتمتع الدفاعات الجوية الروسية بتغطية جيدة فوق نهر دونباس، ومن المرجَّح أن تكون موسكو قادرة على استخدام قوة جوية كبيرة. إلى جانب ميزتها في المدفعية، وحقيقة أن القتال سيكون في الريف وليس في المراكز الحضرية، تحتاج القوات الأوكرانية إلى المناورة للبقاء على قيد الحياة.

جندي أوكراني يقف حارسا في مدينة سيفيرودونتسك بدونباس (فاضل السنا/فرانس برس)

في الوقت نفسه، يواجه الروس تحدياً خطيراً. تضم القوات الأوكرانية في منطقة عمليات القوات المشتركة (JFO) بعضاً من أكثر الوحدات احترافاً وجاهزية. يتمتع الروس بميزة في القوة النارية، لكنهم سيقاتلون في ظل تكافؤ عددي. وإذا كانت خطتهم تطويق تلك المنطقة، فسيحتاجون إلى الدفاع عن الطوق من كلا الجانبين. صحيح أن الجنود الروس أصبحوا الآن أفضل استعداداً، إلا أن الروح المعنوية تبقى مشكلة في العديد من الوحدات الروسية.

على الرئيس فلاديمير بوتين، بحسب واتلينغ، أن يحقق أهدافه قبل موكب يوم النصر في 9 مايو، وإلا فسيواجه انخفاضاً ثابتاً في القوة القتالية الروسية بسبب الإرهاق. من المرجح أن يدفع ذلك الروس إلى استخدام العديد من أنظمة أسلحتهم الأكثر تدميراً. لكن إذا فشل بوتين، فعليه الاختيار بين السعي للخروج، أو دفع روسيا إلى وضعية الحرب وتعبئة الاحتياط، وهذا يعني التخلي عن الوهم القائل بأن الحرب في أوكرانيا مجرد "عملية خاصة".

القوات الأوكرانية: معركة بأولويات مختلفة

بالنسبة إلى الأوكرانيين، سيكون الشهر المقبل مكلفاً، لكن من المحتمل أن يكون حاسماً، حسب التحليل نفسه. إذا استولت روسيا على نهر دونباس، يمكنها أن تتماسك، ويمكنها التوقف مؤقتاً، بينما تجلب الاحتياط لهجوم الصيف. من ناحية أخرى، إذا فشلت روسيا في تحقيق أهدافها، فإن العديد من وحداتها ستجد نفسها تتقدم إلى الأمام مكشوفة، معرضة لخطر الاستنزاف المستمر مثل القوات التي انسحبت أخيراً من كييف.

بالنسبة إلى الجيش الأوكراني، تختلف أولويات المعركة في دونباس قليلاً عمّا هو مطلوب للدفاع الحضري. سيظل التزويد المستمر بالصواريخ المضادة للدبابات وأنظمة الدفاع الجوي المحمولة لا يقدَّر بثمن. لكن القوة ستحتاج أيضاً إلى ذخائر لاستهداف الدفاعات الجوية الروسية والمدفعية، ما يخلق فرصاً لطائرات الهليكوبتر الأوكرانية لإعادة إمداد الوحدات المعزولة، فهي بحاجة إلى تنقل محمي لنقل قواتها بأمان إلى مواقع دفاعية جديدة، ما يتطلب كمية كبيرة من ذخيرة المدفعية.

بالنسبة إلى حلفاء أوكرانيا، كان هناك توتر مستمر بين تقديم المساعدة العسكرية التي يمكن استخدامها على الفور لدرء الهزيمة، والأنظمة التي تأتي مع عبء التدريب المصاحب. من المرجح أن يكون معدل خسارة المعدات الأوكرانية في دونباس مرتفعاً. وإذا كانت أوكرانيا مستعدة للمعركة خارج دونباس، فستحتاج هناك إلى إعادة تشكيل بعض وحداتها، وعلى الأرجح لمساعدات طويلة الأجل لاستعادة المبادرة.

الدخان يتصاعد بالقرب من مدينة سيفيرودونتسك في منطقة دونباس جراء قصف روسي (فاضل السنا/فرنس برس)