مطلب ترسيم رأس السنة الأمازيغية في المغرب: القرار بيد الملك

06 يناير 2022
متابعون: المؤسسة الملكية وحدها القادرة على الاستجابة للمطالب الأمازيغية (Getty)
+ الخط -

لا يزال مطلب الحركة الأمازيغية في المغرب بإقرار رأس السنة الأمازيغية، الذي يوافق 13 يناير/كانون الثاني من كل عام، عيداً وطنياً وعطلة رسمية، على غرار رأسي السنة الميلادية والهجرية، يراوح مكانه ويثير الكثير من الجدل في المشهد السياسي في البلاد.

وعلى بعد أيام قليلة من الاحتفال برأس السنة الأمازيغية، يبدو مصير مطلب الحركة الأمازيغية في المغرب الذي ظل يتكرر من دون أن تتم الاستجابة له من طرف الحكومات المتتالية، غامضا في ظل غياب إشارات من الحكومة المغربية الجديدة بهذا الصدد.

وكان الناطق الرسمي باسم الحكومة الوزير مصطفى بايتاس، قد اكتفى خلال المؤتمر الصحافي الذي أعقب اجتماع المجلس الحكومي الخميس الماضي، بالقول: "سنحتفل جميعا بهذا اليوم كما يجب وبقوة"، وذلك في سياق رده على تساؤلات الصحافيين بشأن ترسيم الاحتفال برأس السنة الأمازيغية. 

ودأبت الحركة الأمازيغية وجمعيات حقوقية، خلال السنوات الماضية، على رفع مطلب إقرار رأس السنة الأمازيغية عطلة رسمية، خاصة في ظل سريان دستور 2011 الذي رسّم اللغة الأمازيغية إلى جانب العربية، غير أن هذا الطلب الملح لا يزال عالقاً إلى حد الساعة بسبب ما تعتبره الحركة الأمازيغية غياباً للإرادة السياسية للتعاطي الإيجابي مع هذا المطلب، ولإنصاف الأمازيغية عموما في المغرب.

هل تقر حكومة أخنوش رأس السنة الأمازيغية عيدًا وطنيًا؟

يبدو مطلب إقرار رأس السنة الأمازيغية، في نظر نشطاء الحركة الامازيغية، أول اختبار لمصداقية الحكومة المغربية الجديدة بقيادة حزب "التجمع الوطني للأحرار"، تجاه القضية الأمازيغية، التي اعتبرها الحزب ورئيسه عزيز أخنوش أهم الشعارات السياسية الكبرى في حملته الانتخابية منذ عام 2016.
وإلى حدود اليوم لم يتضح إن كانت حكومة أخنوش تنوي الإقرار بترسيم رأس السنة الأمازيغية عيدا وطنيا، رغم أن البرنامج الحكومي تضمن التزاما بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وخصص صندوقا بميزانية مليار درهم بحلول 2025 ( نحو 108 ملايين دولار).

ويلفت الناشط الأمازيغي عبد الواحد درويش في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن مجلس الحكومة المنعقد اليوم الخميس، لم يتضمن جدول أعماله الدراسة والمصادقة على أي مشروع مرسوم يتم بموجبه تعديل مرسوم 28 فبراير/ شباط 1977 المتعلق بالعطل الرسمية والأعياد الوطنية والدينية، مضيفا: "ما لم تحدث مفاجأة ما في الأيام القليلة القادمة، فلا اعتقد أن الحكومة، على الأقل هذه السنة، ستقرر ترسيم عيد رأس السنة الأمازيغية لأن هناك تدابير إجرائية إدارية يستوجب اتخاذها للإعلان عن ذلك".

وبينما يعتقد درويش  أن ترسيم رأس السنة الأمازيغية قد يتم الإعلان عنه في وقت لاحق ليبدأ العمل به ربما في السنة المقبلة، يرى رئيس العصبة الأمازيغية لحقوق الإنسان بوبكر أونغير، أن "الحركة الأمازيغية انتظرت طويلا استجابة الحكومات المتعاقبة لهذا المطلب الرمزي الذي من شأن الاستجابة له تضميد بعض جراح الماضي، وجعل الباب مشرعا أمام فتح ورش إعادة كتابة تاريخ شمال أفريقيا عموما والمغرب خصوصا، وكذا إعادة ترتيب الخريطة التاريخية".

ويقول أونغير إن الحركة الأمازيغية "يئست من انتظار التفاعل الحكومي الذي يبدو أنه لا يريد ولا يملك القدرة على تدبير هذا الملف الحارق الملتهب"، مشيرا إلى أن "الفاعل الحكومي رغم اقتناعه بمشروعية المطلب، إلا أنه ينتظر الفاعل الملكي أي المؤسسة الملكية القادرة وحدها على الاستجابة للمطالب الأمازيغية، خصوصا أن الملك محمد السادس يملك نفسا إصلاحيا ورؤية تقدمية تؤهله لينصف تاريخ الأمازيغ ببلادنا ويقر الاعتراف بالسنة الأمازيغية كعيد وطني رسمي".

ووفق المتحدث ذاته، فإن الحكومة كمؤسسة دستورية لا تملك السلطات الفعلية القادرة على أن تبادر لتحقيق هذا المطلب خارج موافقة المؤسسة الملكية، مضيفا: "الحركة الأمازيغية وعموم المغاربة ينتظرون من المؤسسة الملكية إعلان رأس السنة الأمازيغية عيدا وطنيا لأنها مؤسسة تتفاعل دائما مع نبض الشارع وروح المجتمع ومؤمنة بالتعدد الثقافي واللغوي ببلادنا ومتشبعة بروح الحداثة في كل مستوياتها، وإن كانت بعض الكوابح المحافظة داخل المجتمع وداخل بعض المؤسسات تلعب أدوارا في عرقلة المسار التحديثي للمغرب".

ويلفت الناشط الأمازيغي إلى أن "مواضيع من قبيل الأمازيغية والدين هي من المجالات المحفوظة للمؤسسة الملكية ولا تملك أي حكومة هامش التقرير فيها، وإن لم يكن ذلك بالنص المكتوب، لكن سلطة العرف والعادة جعل الحكومة غير قادرة على أن تستجيب لمطلب شرعي يؤمن به أعضاء الحكومة أنفسهم".

ويعتبر أونغير أن مطلب إقرار رأس السنة الامازيغية عيدا وطنيا "مطلب مشروع ولا يتطلب موازنة ولا مراسيم تنفيذية ولا أي شيء، وإنما هو اعتراف رمزي سيغير الشيء الكثير في نظرة المغاربة لأنفسهم ولتاريخهم العريق"، مضيفا: "نتمنى صادقين أن تتم الاستجابة لهذا المطلب الحقوقي والثقافي الذي سيعيد نوعا من التوازن للشخصية الثقافية المغربية، ويكون بداية مصالحة تاريخية بين كل مكونات الثقافة والهوية المغربيتين".

أصل الاحتفال برأس السنة الأمازيغية

وينقسم المؤرخون حول أصل الاحتفال برأس السنة الأمازيغية إلى فريقين، الأول يرى أن اختيار 13 يناير/كانون الثاني من كل عام، يرمز إلى الاحتفال بالأرض والزراعة لذا يعرف بـ"السنة الفلاحية"، في حين يرجعه فريق آخر إلى إحياء ذكرى انتصار الملك الأمازيغي شاشناق على الفرعون المصري رمسيس الثاني.

ويوافق 2022 في التقويم الأمازيغي عام 2972، ويعتدّ الأمازيغ بهذا التاريخ معتبرين أن تقويمهم يتجاوز التقويم الغريغوري المعترف به عالمياً بـ950 سنة.

وكانت الدولة المغربية قد اعترفت بالأمازيغية في الخطاب الملكي لعام 2001 بأجدير، ثم تم الاعتراف الدستوري بها كلغة رسمية عام 2011، في حين صدر القانون التنظيمي المتعلق بمراحل تفعيلها في مجالات الحياة في عام 2019.

المساهمون