بعد مرور شهر على توقف مفاوضات فيينا لإحياء الاتفاق النووي وعودة المفاوضين إلى بلدانهم، يبدو أن المسافة للوصول إلى اتفاق بدأت تتسع وأصبحت فرص الاتفاق أبعد مما كانت عليه قبل الحادي عشر من مارس/آذار الماضي حينما أعلن عن وقف المفاوضات.
وقال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، اليوم الأحد، إن الإدارة الأميركية طرحت مطالب جديدة خلال الأسابيع الأخيرة "تتعارض مع بعض بنود مسودة" الاتفاق التي توصل إليها المفاوضون.
وأضاف أمير عبد اللهيان، في اجتماع للجنة تنسيق العلاقات الاقتصادية الخارجية بالخارجية الإيرانية: "في مجال العقوبات يطرحون شروطا جديدة خارج المفاوضات"، مؤكدا أن "إيران ستبقى ملتزمة بخطوطها الحمراء ولن تتنازل عنها".
وشدد على أن إيران خلال مفاوضات فيينا توصلت إلى "نتائج في القضايا الفنية" مع الدول الأوروبية الثلاث (فرنسا وبريطانيا وألمانيا) الشريكة في الاتفاق النووي، موضحا: "إننا نسعى إلى رفع العقوبات بشكل مستدام ومحترم".
وقال الوزير الإيراني إن "مسار الدبلوماسية ما زال مفتوحا"، مشددا على أن طهران ستواصل الجهود للوصول إلى "اتفاق جيد ومستدام".
وأشار إلى زيارته إلى موسكو خلال الشهر الماضي، قائلا إنه اتفق مع الروس على ألا تشكل روسيا أي عقبة أمام الاتفاق في فيينا إذا وصلت المفاوضات إلى نقطة التوافق.
ولفت أمير عبد اللهيان إلى أن الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي يؤكد دوما على ضرورة عدم تعليق الآمال كلها على مفاوضات فيينا، وإفشال أثر العقوبات الأميركية بموازاة السعي لرفعها.
وأضاف: "إذا هم (الأميركيون) لديهم حسن نية فليظهروا ذلك عمليا قبل أي اتفاق من خلال اتخاذ إجراء أو إجرائين عمليين ملحوظين، فعلى سبيل المثال، أن يحرروا جزءا من الأرصدة الإيرانية المجمدة، إضافة إلى إلغاء جو بايدن الذي يتحدث دائما عن حسن النية إحدى العقوبات من خلال أمر تنفيذي".
يشار إلى أن مطالبة إيران بالإفراج عن جزء من أرصدتها المالية المجمدة في الخارج ليست جديدة، فسبق أن كررها وزير خارجيتها عدة مرات وحدد مبلغ 10 مليارات دولار لتسهيل التوصل إلى اتفاق.
وتابع أمير عبد اللهيان أن تبادل الرسائل بين إيران والولايات المتحدة مستمر عبر أنريكي مورا منسق الاتفاق النووي ومفاوضات فيينا، قائلا: "لقد أبلغنا الأميركيين بشكل صريح أنه عليهم ألا يضعوا عقبات وعراقيل" أمام التوصل لاتفاق.
وتوقفت مفاوضات فيينا في الـ11 من الشهر الماضي، وعاد المفاوضون إلى عواصمهم، مع ذلك، استمرت المفاوضات غير المباشرة بين طهران وواشنطن في العواصم، بعد توقف المفاوضات خلال الأسابيع الأخيرة، وذلك عبر منسقها إنريكي مورا الذي تبادلَ الرسائل بين الطرفين، فضلاً عن نقل أطراف إقليمية أيضاً هذه الرسائل بينهما.
يشار إلى أن موضوع رفع "الحرس الثوري" الإيراني من قائمة الإرهاب الأميركية يعتبر أهم قضية عالقة أمام مفاوضات فيينا للتوصل إلى اتفاق. وظلت طهران تكرر أن ذلك من خطوطها الحمراء، ولن تتنازل عنه. وفي الجانب الآخر، ظلت الولايات المتحدة الأميركية ترفض التجاوب مع هذا الطلب الإيراني، مؤكدة أنها ستبقي العقوبات على الحرس ومؤسساته.
وتربط كل من إيران والولايات المتحدة الأميركية التوصل إلى اتفاق في مفاوضات فيينا لإحياء الاتفاق النووي بأن يتخذ الطرف الآخر القرار السياسي.
في السياق، كشفت، مصادر مقربة من المفاوضات الإيرانية الأميركية غير المباشرة، أمس السبت، لـ"العربي الجديد" عن أن الإدارة الأميركية أظهرت "تقريباً" استعداداً لرفع "الحرس الثوري" الإيراني عن قائمة المنظمات الإرهابية، لكنها لم توافق على أن ترافق الخطوة رفع العقوبات أيضاً عن الحرس والمؤسسات التابعة له، مضيفة أن "هناك رفضاً أميركياً مطلقاً لرفع (فيلق القدس) عن قائمة الإرهاب".
وتابعت أن الجانب الإيراني ما زال متمسكاً برفع الحرس والفيلق عن قائمة الإرهاب معاً، وضرورة رفع العقوبات عن جميع مؤسساته وشركاته.
وأكدت المصادر أن المفاوضات النووية بين طهران وواشنطن مستمرة عبر الاتحاد الأوروبي للتوصل إلى اتفاق يحيي الصفقة النووية المبرمة عام 2015، غير أنها أعربت عن قناعتها بأن الاتفاق "ليس قريباً وما زال الطرفان بعيدين عن حل للقضايا الباقية".
وفي السياق، أضافت المصادر التي رفضت الكشف عن هويتها أن الطرفين توصلا إلى اتفاق خارج مفاوضات فيينا للإفراج عن أرصدة إيرانية في كوريا الجنوبية مقابل إفراج طهران عن سجناء وعدم اتخاذ طهران خطوات نووية تصعيدية في الظروف الراهنة في ضوء صعوبة التوصل إلى اتفاق.