طالبت مجموعة من الناشطين في الدفاع عن معتقلي التسعينيات، والكوادر السابقة في "جبهة الإنقاذ" المحظورة في الجزائر، السلطة بالوفاء بالتزاماتها السياسية بشأن تسوية إنسانية لملف هؤلاء السجناء الذين ما زالوا خلف القضبان منذ 25 عاماً.
وأفاد بيان لمجموعة نشطاء منضوية، تحت اسم "مبادرة الوحدة من أجل الحفاظ على السيادة والثوابت الوطنية"، صدر الأحد، بأن "السلطة التنفيذية ستكون أمام المسؤولية التاريخية لبلادنا من أجل إثراء هذا المشروع وتوسيع أبعاده الوطنية تماشيا مع طموحات الشعب الجزائري الذي طالب بإنهاء جميع التوترات والخلافات الناجمة عن العقود المأساوية السابقة، خصوصا ملف سجناء التسعينيات بجميع أبعاده الإنسانية والوطنية، تعزيزا لمبادئ الوحدة الوطنية لمواجهة التحديات المحتملة".
ويقصد "بمساجين التسعينيات"، عدد من الكوادر المحلية للجبهة الإسلامية للإنقاذ التي تم حلها (محظورة منذ مارس 1992)، وبعض العسكريين المتعاطفين معها، وهم في حدود 160 سجيناً اعتقلوا في بداية الأزمة الأمنية في البلاد، وتمت محاكمتهم من قبل محاكم خاصة (غير دستورية)، والتي قضت بالسجن المؤبد والإعدام على بعضهم. وألغيت هذه المحاكم لاحقاً بضغط دولي لعدم دستوريتها، لكن أحكامها بقيت مطبقة، ولم يستفد هؤلاء المساجين، وبينهم عسكريون، من تدابير قانون السلم والمصالحة الوطنية عام 2005، رغم أنه شمل مساجين ومسلحين وقيادات في الجيش الإسلامي للإنقاذ والجماعة الإسلامية المسلحة.
وأكدت المبادرة دعوتها هذه "بعد أن قرر رئيس الجمهورية تحويل مبادرة لم الشمل إلى خطوة قانونية وتكليف السلطة التنفيذية بإعادة النظر في مسودة هذا القانون وإعداد النصوص التنظيمية والتطبيقية لتشمل جميع الأفراد الذين يستحقون إعادة الاعتبار والاندماج في الحياة الطبيعية للمجتمع"، مشيرة إلى أنه "لا يمكننا إنكار الجهود المتواصلة التي تبذلها السلطات العسكرية والأمنية للوصول إلى الصورة النهائية لمشروع هذا القانون ومواكبة الإرادة السياسية لرئيس الجمهورية التي ترمي إلى معالجة تداعيات المأساة الوطنية و فتح آفاق جديدة نحو المصالحة الوطنية".
وجاءت هذه المبادرة في سياق مخاوف من تخلي الرئيس تبون عن التزامات سياسية كان أعلنها أمام عدد من قادة الأحزاب السياسية الذين التقاهم في إطار الحوار السياسي في إبريل/نيسان الماضي، بشأن إيجاد معالجة لملف مساجين التسعينيات تسمح بالإفراج عنهم، وهذا بعدما أحدث الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، في 28 أغسطس/آب الماضي، مفاجأة سياسية بشأن مشروع قانون "لم الشمل"، حيث قرر حصر الفئة المستفيدة منه في المسلحين الذين سلموا أنفسهم للسلطات بعد عام 2005، ما يعني استبعاد مجموعة من الفئات التي كان الرئيس تبون نفسه أعلن أنها ستستفيد من قانون "لم الشمل"، على غرار "مساجين التسعينيات"، والناشطين المعارضين في الداخل والخارج.
وعلى أساس هذا الموقف، بات قانون لم الشمل (تدابير تعزيز الوحدة الوطنية) المقرر عرضه قريبا على البرلمان، يشمل حصرا عناصر وقيادات في الجماعة السلفية للدعوة والقتال سابقا، وتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، الذين سلموا أنفسهم للسلطات بعد انتهاء الآجال القانونية لقانون المصالحة الوطنية، والذي كان أقر في استفتاء شعبي في سبتمبر/أيلول 2005، وأتاح فترة ستة أشهر حتى مارس/آذار 2006 للمسلحين لتسليم أنفسهم.