مطالبات ألمانية بموقف حازم إزاء روسيا بعد إدانة روسي بقتل معارض

17 ديسمبر 2021
مهمة الحكومة الاتحادية الجديدة الآن هي أن تقرر كيفية الرد بشكل مناسب على بوتين (فرانس برس)
+ الخط -

جاء حكم القضاء الألماني، الأربعاء، في جريمة اغتيال جورجي من أصل شيشاني عام 2019، بثلاث طلقات من مسدس كاتم للصوت في حديقة تيرغارتن في برلين، على مواطن روسي بالسجن مدى الحياة وحرمانه من إمكانية طلب الإفراج عنه المشروط بعد 15 عاماً؛ ليضع العلاقات الألمانية الروسية أمام عبء ثقيل، ويضغط على ائتلاف إشارات المرور الحكومي بالحزم تجاه موسكو.

ومع تأكيد محكمة الاستئناف في برلين ما افترضه مكتب المدعي العام الفيدرالي في القضية، والذي أشار بوضوح شديد إلى أن وكالات الدولة الروسية متورطة؛ أبرزت "تاغس شبيغل" أن عملية القتل في برلين هي أكثر بكثير من مجرد قضية جنائية مذهلة، وأنها عملية وحشية تمس سيادة الجمهورية الاتحادية، وحكومة أولاف شولتز مجبرة الآن على التصرف، والطلقات المميتة في العاصمة لا يمكن أن تمر من دون عواقب، ويجب عدم الاكتفاء بطرد اثنين من الدبلوماسيين.

وأضافت أن إطلاق الأجهزة السرية الروسية النار على أحد معارضيها في وسط برلين؛ "يظهر مدى العدوانية لدى الدولة التي نتعامل معها، وأن ذلك درس لأولئك الأشخاص في ألمانيا، المؤمنين بأن المزيد من الحوار يمكن أن يصلح بطريقة ما العلاقة المضطربة مع روسيا. من اغتيال المعارضين للكرملين في عدة ولايات، ومحاولات التأثير على الانتخابات في الديمقراطيات الغربية، إلى الصراع مع أوكرانيا". داعية الحكومة الجديدة إلى "تسمية الأشياء بأسمائها وإنهاء سياسة الاسترضاء وإعادة ضبط العلاقات".

ومع اعتبار المحكمة أن القاتل تلقى الأوامر من جهات روسية لتنفيذ العملية؛ اعتبر الكاتب السياسي شتيفان كورنليوس، أنه ستتعين على الحكومة الألمانية ترجمة الحكم إلى سياسة جديدة مع روسيا، وهذا يعني أنه لا يمكن أن تنتهي العملية القانونية هنا، ولا مفر من فرض عقوبات، والمزيد من عمليات الطرد. مشيراً إلى أنه من المحبط أن هذه الصراعات مع روسيا تنتهي دائما بالطريقة نفسها؛ الجاني يضع نفسه كأنه ضحية، ويدّعي دائماً عكس الحقائق التي تحددها المحكمة، وينخرط في معلومات مضللة. مشدداً على ضرورة أن تفرض الدولة سيادة القانون بنفسها، وأن تبقى ذات مصداقية، فلم يعد هناك من أعذار لتجاهل الخلفية السياسية للجريمة، وتسمية العواقب بعدما تحدث رئيس المحكمة عن "إرهاب الدولة".

وحيال القتل بدم بارد؛ قال خبير السياسة الخارجية في "الاشتراكي الديمقراطي"، نيلز شميد، إن مهمة الحكومة الاتحادية الآن هي أن تقرر كيفية الرد بشكل مناسب، وأنه يجب أن يكون رداً واضحاً للقيادة الروسية؛ لأنه لا يجوز تكرار شيء من هذا القبيل تحت أي ظرف من الظروف.

أما صحيفة "فرانكفورتر ألغماينه"، فرأت أن عدم اتخاذ إجراء سيرسل إشارة خاطئة إلى الكرملين، بأن الجريمة ستظل بلا عقاب إذا كانت تهدد في الوقت نفسه بمشكلة أكبر في مكان آخر، ومن الجيد أن تطلب برلين من الشركاء في الاتحاد الأوروبي اتخاذ إجراءات تضامنية، ولو أنها ستكون رمزية وليس لها أي تأثير على المدى الطويل.

من جهة ثانية، اعتبر موقع "تي أونلاين" أخيراً، أن الرئيس الروسي وصف عدة مرات بأنه تكتيكي ذكي، لكنه استراتيجي بائس، وعلى المدى القصير حيله ناجحة، ويفعل ما يفعله دائماً عندما يتعرض للضغط، وهو الآن يحرّض على أزمة في السياسة الخارجية لصرف الانتباه عن فشله، بعد الانتقادات المتزايدة في الداخل، لكنه وعلى المدى الطويل يدفع بلاده إلى مزيد من العزلة، وهذا يفسر أيضاً قيام المستشار شولتز، بالتفاوض في قمة الشراكة الشرقية في بروكسل، الأربعاء، مع ممثلي أذربيجان وأرمينيا وجورجيا ومولدوفا وأوكرانيا، بشأن تعاونهم مع الاتحاد الأوروبي.

وأوضح الموقع أن بوتين يفهم فقط لغة واحدة، بعدما دأب على تغطية أوروبا بالحرب والإرهاب والمحاولات العدائية لزعزعة الاستقرار، وبعدما لم يعد سراً أن أجهزته السرية ليست مسؤولة فقط عن القتل في جريمة برلين، ولكن أيضاً عن عدد من الجرائم الأخرى في عدد من الدول الأوروبية، ومن بينها بريطانيا وتشيكيا ومحاولة انقلاب في الجبل الأسود. وقد حان الوقت لوضع حد لذلك، بعدما راهنت ألمانيا ولفترة طويلة جداً على القيام بأعمال تجارية جيدة مع الرئيس الروسي، لافتاً إلى أن التغيير من خلال التجارة كان الاستراتيجية، لكن تبين أن بوتين لا يفهم إلا لغة القوة.

وكان السفير الروسي لدى ألمانيا، سيرغي نيتشاييف، وفي رد فعل أولي، قد وصف الحكم بالمسيس، وتحدّث عن مزيد من التوتر في العلاقة بين موسكو وبرلين. وإزاء ذلك، اعتبر الخبير شتيفان مايستر، من الجمعية الألمانية للسياسة الخارجية، أن الحكم في جريمة قتل تيرغارتن، لن يؤدي إلى تدهور كبير للعلاقات بين البلدين، ومشيراً إلى أنها وصلت الآن إلى نقطة متدنية، والمزيد من التدهور يكاد يكون مستحيلاً.