كشفت مصادر سياسية مصرية عن تطورات جديدة بشأن واقعة الوفاة المثيرة للجدل للباحث الاقتصادي أيمن هدهود، عضو الهيئة العليا لحزب الإصلاح والتنمية الذي يترأسه النائب محمد أنور عصمت السادات.
وقالت المصادر، لـ"العربي الجديد"، إن "ضغوطاً أمنية واسعة، فُرضت على السادات، لإصدار بيان باسم الحزب ينهي الجدل بشأن وفاة هدهود، ويبعد أي شبهة بشأن إمكانية تورط جهاز الأمن الوطني في اختطاف الباحث أو قتله تحت التعذيب، وهي الروايات التي يرددها مقربون من هدهود وأسرته، وذلك بسبب نشاطه على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث دأب على توجيه انتقادات لاذعة للقيادة المصرية".
وفاة هدهود: اتهامات لمستشفى العباسية
وأصدر الحزب بياناً أشار فيه إلى "معاناة الباحث الراحل من أزمة نفسية"، موجهاً مجمل الاتهامات إلى إدارة مستشفى الأمراض النفسية والعصبية في العباسية قائلاً: "لم نكن لنخفي عن الرأي العام أن الراحل ومنذ متابعتنا لأحواله من اليوم الأول لاحتجازه، وهو ما لا يعرفه كثيرون، ووفقاً لأقوال أشقائه أنفسهم، كان يمر في هذه الفترة بظروف نفسية صعبة، أدت به إلى تصرفات عديدة غير متزنة، وقد فَضَّل الحزب وأصدقاء وأشقاء الراحل، في بادئ الأمر، عدم التصريح بشأن تلك الظروف المرضية المؤقتة، احتراماً للخصوصية".
وبحسب البيان، فإن حزب الإصلاح والتنمية، رئيساً وأعضاء، إذ "يتابعون عن كثب ما يتردد لحظياً حول ملابسات وفاة الباحث الاقتصادي وعضو الهيئة العليا لحزب الإصلاح والتنمية أيمن هدهود، فإن الحزب يؤكد أنه بانتظار نتائج التحقيقات النهائية التي تجريها النيابة العامة بشأن الواقعة التي لا تزال قيد التحقيق، وذلك حتى يتسنى لنا جميعاً معرفة الحقيقة والمحاسبة القانونية في حالة ما تبين وجود مسؤولية طبية أو تقاعس إداري من جانب المستشفى، التي تم إيداع المذكور بها، نظرا لإنكار إدارة المستشفى أكثر من مرة وجوده بها، فضلاً عن أنه لم يتم إخطار أسرته بإيداعه بالمستشفى محل الواقعة".
وحسب البيان، فقد قام الحزب أيضا "بتكليف الهيئة البرلمانية للحزب باستخدام أدواتهم الرقابية للوقوف على حقيقة ما يُجري داخل مستشفيات الصحة النفسية بصفة عامة، ومعرفة حقيقة المسؤولية الطبية وجوانب الإهمال والتقاعس الإداري في المستشفى التي تم إيداع الفقيد بها".
وقال البيان إنه "لما كان الحزب يتفهم ويقدر مشاعر كل المتابعين القضية وحالة الغضب الكبير في الوسط السياسي والحقوقي، على أثر تصدير الواقعة للرأي العام ووضعها في شكل وإطار غير حقيقي، فإن الحزب يؤكد تماماً أنه لم يكن ليتقاعس عن حق أحد أبنائه، وكادر من كوادره وقياداته الشابة المخلصة، في وقت يبذل فيه رئيسه جهوداً كبرى للمساعدة القانونية والإنسانية في الإفراج عن العديد من المحبوسين على ذمة قضايا مختلفة".
وتابع البيان: "لكن الحزب أيضاً، على الجانب الآخر، لم يكن ليخفي عن الرأي العام أن الراحل ومنذ متابعتنا لأحواله منذ اليوم الأول لاحتجازه، وهو ما لا يعرفه كثيرون، ووفقاً لأقوال أشقائه أنفسهم، كان يمر في هذه الفترة بظروف نفسية صعبة، أدت به إلى تصرفات عديدة غير متزنة. وقد فَضَّل الحزب وأصدقاء وأشقاء الراحل في بادئ الأمر عدم التصريح بشأن تلك الظروف المرضية المؤقتة احتراماً للخصوصية".
وأضاف البيان: "عليه، فإن الحزب ينتظر ما سوف تؤول إليه نتائج التحقيقات ويقف داعماً أهل وأصدقاء الفقيد ومتمسكاً بمحاسبة أي مهمل أو مقصر أو متجاوز، وفقا لما ستنتهي إليه التحقيقات التي تجرى حاليا بمعرفة النيابة العامة".
ضغوط أمنية على السادات
لكن مصدراً في الحزب قال إنه "جرى الضغط على السادات لإصدار البيان بهذه الصيغة، على الرغم من ممانعته إصداره، لما سيثيره من غضب ضده في الأوساط السياسية والحقوقية التي يعمل بها، خصوصاً في الوقت الذي يقود فيه جهوداً للتخفيف عن سجناء ونشطاء سياسيين، بالتواصل مع أجهزة أمنية وسيادية مصرية".
وبحسب المصادر التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإن السادات "حاول جاهداً الخروج من مأزق إصدار البيان بالصيغة التي أمليت عليه، والاكتفاء فقط بالتصريح بانتظار ما ستؤول إليه تحقيقات النيابة، من دون وصف الباحث الراحل بأنه كان يعاني من أزمة نفسية، بالشكل الذي يبرر الرواية الأمنية التي تزعم نقله إلى مستشفى الأمراض العصبية بعد القبض عليه في واقعة الاعتداء على مسكن أحد جيرانه".
وأضافت المصادر: "كان هناك إصرار من جانب المسؤولين في جهاز الأمن الوطني على ضرورة إغلاق القضية في أسرع وقت ممكن، لمنع تحولها إلى قضية رأي عام، تجذب اهتمام المنظمات الحقوقية الدولية في هذا التوقيت، أو يجرى استغلالها من أطراف داخلية لإثارة أزمة ضد القيادة السياسية".
وبحسب المصادر، فإنه "جرى توجيه تهديدات واضحة للسادات وأسرة الباحث الراحل بملاحقتهم قضائياً، من جانب وزار ة الداخلية، في حال صدور أي مواقف رسمية منهم، تشير من قريب أو بعيد إلى وقوف جهة أمنية وراء الأزمة".
ولفتت إلى أن "هناك قناعة داخل الحزب، ولدى المقربين من هدهود، بأنه جرى اختطافه وإخفاؤه قسرياً من جانب جهاز الأمن الوطني، وتعرضه للتعذيب، ما أسفر عن وفاته، قبل أن يتم التوصل إلى سيناريو أمني تكرر في أوقات سابقة، بنقله إلى مستشفى الأمراض العصبية، على قيد الحياة، بسبب معاناته من أزمة نفسية، وهناك ساءت حالته الصحية ما أدى لوفاته".
وقالت المصادر إن "المسؤولين في المستشفى، لم يكن لهم القبول بأداء هذه المهمة من دون الحصول على وعد وضمانات من مسؤولين أمنيين بعدم تعرضهم لأية مسؤولية جنائية".
وقدمت النائبة راوية محفوظ، عضو الهيئة البرلمانية للحزب، بياناً عاجلاً لرئيس مجلس النواب، أمس الخميس، للوقوف على حقيقة ما يجري داخل أروقة مستشفيات الصحة النفسية بصفة عامة، ومعرفة حقيقة المسؤولية الطبية، وجوانب الإهمال والتقاعس الإداري في مستشفى الأمراض النفسية بالعباسية، التي أودِع هدهود فيه، وأيضاً أسلوب معاملة المرضى النفسيين والمحبوسين منهم على ذمة قضايا، وما يقدم لهم من رعاية وخدمات، نظراً لتكرار حالات حوادث شبيهة داخل مستشفيات الصحة النفسية. كما طالبت على وجه السرعة بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق للوقوف على حقيقة هذه الأوضاع.