مصر تبحث دعوة المشري وصالح لإحياء الحلّ السياسي في ليبيا

31 اغسطس 2022
أدت اشتباكات طرابلس إلى سقوط 32 قتيلاً (محمود تركية/فرانس برس)
+ الخط -

نفى دبلوماسي مصري مطلع على عمل اللجنة الوطنية المعنية بالملف الليبي صحة ما يثار بشأن "تورط القاهرة في دعم رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب فتحي باشاغا، ودفعه إلى الهجوم عبر مليشيات موالية له على العاصمة طرابلس"، ما أسفر عن اشتباكات، يومي الجمعة والسبت الماضيين، خلّفت قتلى ومصابين.

لا دور مصرياً في اشتباكات طرابلس

وقال الدبلوماسي المصري، الذي تحدث لـ"العربي الجديد" مشترطاً عدم ذكر اسمه، إن "ما رددته بعض الأطراف الليبية في الغرب، بشأن دور مصري في الخطوة الأخيرة، غير صحيح بتاتاً"، لافتاً إلى أن القاهرة "التزمت بالخط العام الذي تم التوافق عليه بين القوى الغربية الفاعلة في المشهد الليبي، إضافة إلى الولايات المتحدة الأميركية وتركيا".

مصر التزمت بالخط العام الذي تم التوافق عليه بين القوى الغربية الفاعلة في المشهد الليبي، إضافة إلى الولايات المتحدة وتركيا

وأضاف الدبلوماسي أنه "كان هناك مقترح بشأن تشكيل حكومة إنقاذ تتولى تسيير الأعمال، إلى حين تهيئة الأوضاع وإجراء انتخابات قبل نهاية العام الحالي، وهو الأمر الذي استبقته أطراف محلية ودولية، محاولة القفز على هذا التصور الذي بات يحظى بدعم دولي مبدئي".

وكانت مصر قد طالبت الأطراف الليبية بوقف العنف، ودعت إلى حل توافقي ليبي-ليبي. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية أحمد حافظ في بيان، السبت الماضي، إن مصر "تدعو جميع الأطراف والقوى الوطنية والمكونات الاجتماعية الليبية إلى وقف التصعيد وتغليب لغة الحوار وتجنب العنف وضبط النفس، حقناً للدماء". وأعرب حافظ عن "حرص مصر على توصل الليبيين إلى حل ليبي-ليبي توافقي على نحو يلبي تطلعاتهم ورؤيتهم للانطلاق نحو المستقبل ويحقق الاستقرار المنشود في ليبيا".

باشاغا يعتمد على دعم فرنسا

من جهته، كشف دبلوماسي مصري آخر، مطلع على ملف الأزمة الليبية، أن "الطرف الوحيد الذي بات يستند إليه فتحي باشاغا هو فرنسا، التي لا تزال تصر على العمل بشكل غير متناغم مع القوى الدولية". وأرجع الدبلوماسي المصري "الدعم الفرنسي لباشاغا في تحركاته الأخيرة إلى تراجع تأثير باريس في المشهد الليبي أخيراً، لصالح أطراف أوروبية أخرى، على رأسها تركيا وإيطاليا"، موضحاً أنّ "دعم فرنسا لباشاغا هدفه تأمين مساحات أوسع لمصالحها في حال إعادة ترتيب المشهد في ليبيا".

وعلى الرغم من أن دولة الإمارات أدت في العام 2019 الدور الأكبر في تحريك قوات شرق ليبيا بقيادة خليفة حفتر صوب العاصمة طرابلس، في إطار دعمها لمعسكره الذي بات يمثله في الخلاف الحالي فتحي باشاغا، إلا أنه في هذه المرة اختلف الأمر تماماً، بحسب الدبلوماسي المصري.

وأكد الدبلوماسي أن أبوظبي في أعقاب المصالحة بينها وبين تركيا أخيراً، "باتت أقرب إلى تبني رؤى أنقرة في المشهد الليبي، أو على الأقل غير متصادمة معها كما كان في السابق"، على حد تعبير الدبلوماسي.

وظهر الموقف الإماراتي هذه المرة بوضوح من خلال البيان الرسمي الصادر عنها، والذي دان اشتباكات طرابلس الأخيرة. وحسب وكالة الأنباء الإماراتية (وام)، حثت دولة الإمارات على "نبذ الفرقة وإعادة التهدئة والحوار الجاد، وتغليب المصلحة الوطنية، لإعادة الأمن والاستقرار في ليبيا".

في مقابل ذلك، كشف الدبلوماسي المصري أنّ القاهرة "تدرس توجيه دعوة جديدة لكل من رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، للتشاور مجدداً في القاهرة، من أجل تحريك الحل السياسي للأزمة الليبية، والتوافق على القاعدة الدستورية، التي تعد الخطوة الرئيسية نحو الذهاب للانتخابات".

من جهته، كشف مسؤول مصري آخر أن الساعات الماضية "شهدت اتصالات على مستوى أمني رفيع بين مصر وتركيا، من أجل البحث في سبل احتواء المشهد ومنع اندلاع حرب أهلية".

اتصالات على مستوى أمني رفيع بين مصر وتركيا من أجل احتواء المشهد ومنع اندلاع حرب أهلية في ليبيا

وشدد على "صدق النوايا المصرية في الحفاظ على الهدوء في ليبيا، في الوقت الراهن"، بقوله "مصر تدرك حساسية المرحلة الراهنة، في ظل ما تواجهه من أزمة داخلية على المستوى الاقتصادي، وهو ما يعني أنها لن يكون بمقدورها تحمّل أي تطورات غير مدروسة في ليبيا، التي كانت تعول عليها كثيراً من أجل المساعدة في تخفيف وطأة الأزمة الاقتصادية".

وكانت معارك عنيفة بالأسلحة المتوسطة والثقيلة قد اندلعت، ليل الجمعة الماضي واستمرت يوم السبت، وسط العاصمة الليبية طرابلس، بين المجموعات المسلحة المتناحرة، وأدت إلى مقتل 32 شخصاً على الأقل، وإصابة 159 آخرين، حسب وزارة الصحة، وسط مخاوف من انفجار حرب جديدة في ليبيا التي تعاني من الفوضى والانقسام بين الحكومة المكلفة من برلمان طبرق ويرأسها فتحي باشاغا، وحكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة.

المساهمون