كشفت مصادر مصرية خاصة، عن منح المسؤولين في جهاز المخابرات العامة، الضوء الأخضر لشركات السياحة المصرية المنظّمة لرحلات حج الأقباط إلى مدينة القدس المحتلة، لبدء إطلاق الرحلات، بعد إصدار الضوابط الأمنية والموافقات اللازمة.
وقالت المصادر لـ"العربي الجديد"، إن "المسؤولين عن ملف العلاقات مع إسرائيل، وملف فلسطين في الجهاز، اجتمعوا أخيراً مع مسؤولي الشركات الحاصلة على ترخيص بتنظيم تلك الرحلات، وأبلغوهم بالموافقات التي ظلت معلّقة لعدة أشهر، بعدما تكرر منعها للعام الثالث على التوالي".
وأضافت المصادر أن الموافقات الأمنية ظلت معلقة خلال الفترة الماضية، وكانت هناك مخاوف بين الشركات التي جمعت أموالاً من الحجاج الأقباط تحت حساب برنامج الزيارة، وكانت هناك مخاوف من عدم تمكن الشركات من تسفير الحجاج في الوقت المحدد لهم.
مواعيد الرحلات القبطية إلى القدس
ومن المقرر أن تنطلق أولى الرحلات في 14 إبريل/ نيسان الحالي، على أن تكون آخر رحلة ذهاب للقدس في الـ23 من الشهر ذاته، فيما ستكون آخر رحلة عودة، في 2 مايو/ أيار المقبل.
واتفقت مصر والحكومة الإسرائيلية، على توسيع الرحلات الجوية المباشرة التي يتم تسييرها بين الطرفين، وتدشين خط جديد ينطلق من مطار بن غوريون (اللدّ) في تل أبيب إلى مدينة شرم الشيخ في مصر على البحر الأحمر، وهو الخط الذي بدأ تسيير الرحلات الخاصة به مطلع إبريل الحالي.
وأكدت وسائل إعلام إسرائيلية فور الإعلان عن تلك الخطوة مطلع الشهر الماضي، أن القاهرة هي التي سَعت لتدشين ذلك الخط لزيادة السائحين بمدينة شرم الشيخ.
وبحسب مصادر، فإنه كانت هناك أسباب سياسية وراء تعطل الموافقة ومنح الضوء الأخضر للشركات متعلقة بمفاوضات خاصة مع الجانب الإسرائيلي، بالإضافة إلى أسباب أمنية متعلقة بمراجعة كافة أسماء الحجاج المقدمة من الشركات، لافتة إلى أن نحو 3 آلاف تقدموا للحصول على تأشيرة دخول المدينة المقدسة تمهيداً لأداء الحج.
ستبدأ الرحلات في 14 إبريل وتنتهي في 2 مايو
وكشفت المصادر أن الأسباب السياسية وراء تعطيل صدور الموافقة من جانب جهاز المخابرات العامة، كانت متعلقة بمفاوضات بين المسؤولين في مصر وحكومة الاحتلال بشأن التعاون السياحي، ورغبة القاهرة في فتح أسواق بديلة للسياحة المصرية، بعد التداعيات التي خلفتها الحرب الروسية الأوكرانية والتي أدت لانتكاسة كبيرة للقطاع السياحي المصري الذي كان يعتمد أصلاً وبدرجة كبيرة على السائحين الروس والأوكرانيين الذين يمثلون حوالي ثلث إجمالي عدد السائحين الوافدين إلى البلاد.
ووفقاً للمصادر، فإن وضع آليات واضحة ودائمة لرحلات حج الأقباط للقدس، كان ضمن ملفات مختلفة جرى التداول بشأنها بين مسؤولين مصريين وإسرائيليين، خلال الفترة الماضية لتوسيع التعاون الاقتصادي بين الجانبين.
وكانت السفيرة الإسرائيلية أميرة أورون في القاهرة، قد أكدت عقب إتمام اتفاق تدشين خط الطيران المباشر بين تل أبيب وشرم الشيخ، أن "الرحلات الجوية المباشرة ستقوي وتعزز العلاقات الاقتصادية، التجارية والسياحية بين إسرائيل ومصر ودول المنطقة".
وأوضحت المصادر أن الجانب الإسرائيلي رهن في السابق إتمام اتفاق متعلق بتدفق السياحة الإسرائيلية إلى مصر، بعدة خطوات على القاهرة اتخاذها، وذلك خلال مباحثات سابقة جرت في سبتمبر/ أيلول الماضي بين رئيس حكومة الاحتلال نفتالي بينت، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في مدينة شرم الشيخ.
وتأتي الموافقات المصرية الجديدة بشأن رحلات حج الأقباط، بعد تغييرات واسعة على إطار التعاون الحاصل بين الجانبين المصري، والإسرائيلي، بعد هبوط طائرة تحمل شعار الناقل الوطني المصري مصر للطيران لأول مرة، في مطار بن غوريون قرب تل أبيب، في رحلة وصفتها هيئة الطيران المدني الإسرائيلي بالتاريخية، في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وتشهد الفترة الراهنة، بحسب المصادر، اتصالات ولقاءات مكثفة بين الجانبين المصري والإسرائيلي، على صعيد توسيع علاقات التعاون، مشيرة إلى أن المسؤولين في مصر، يحاولون احتواء عملية التقارب الإسرائيلي الخليجي، عبر مزيد من ربط المصالح الإسرائيلية بالمصالح المصرية، على حد تعبير المصادر. وكشفت في الوقت ذاته عن ترتيبات موازية، مع مسؤولي السلطة الفلسطينية، بشأن ترتيبات زيارة الحجاج المصريين للقدس.
استثمارات إسرائيلية في مصر
وكانت مصادر خاصة، قد كشفت عن اجتماع عقد الشهر الماضي، بمكتبة الإسكندرية، ضم ممثلين عن 9 شركات إسرائيلية، ومسؤولين في مجلس الأمن القومي التابع للحكومة الإسرائيلية، ورجال أعمال مصريين، تم برعاية جهاز المخابرات المصرية، وبحث فرص استثمارات ومشروعات إسرائيلية في مصر.
ووصفت المصادر الاجتماع بأنه "بداية صفحة جديدة في العلاقات المصرية الإسرائيلية، لم تحظ بمباركة مسؤولين داخل بعض أجهزة الدولة السيادية، خصوصاً أنها ستفتح المجال أمام توغل إسرائيل في المجتمع المصري، اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً بشكل قد يؤثر على الأمن القومي للبلاد".
عرض الإسرائيليون تعزيز السياحة في مصر
وقالت المصادر إنه تم خلال الاجتماع، الاتفاق بشكل نهائي على منح شركات الطيران الإسرائيلية، التصاريح اللازمة لتسيير خط الطيران الجديد بين مطار بن غوريون الدولي ومطار شرم الشيخ، ابتداء من شهر إبريل الحالي، إضافة إلى مناقشة إمكانية فتح استثمارات إسرائيلية، بمحافظة جنوب سيناء.
وكشفت المصادر التي تحدثت مع "العربي الجديد" عن أن ممثلي الشركات الإسرائيلية، عرضوا خلال اجتماع الإسكندرية، رؤيتهم للفرص الاستثمارية في مصر، وعبروا عن رغبتهم في الدخول إلى مجال السياحة، خصوصاً في شبه جزيرة سيناء.
وقالت المصادر إن الجانب الإسرائيلي، عرض على المسؤولين المصريين، فكرة تعويض السياحة الأوكرانية والروسية التي كانت تتوجه إلى سيناء عبر طيران الـ"تشارتر"، وتوقفت بسبب الحرب، بسائحين إسرائيليين، وهي الفكرة التي لاقت قبولاً لدى المصريين، خاصة مع تراجع أعداد السائحين الذين كانوا يشكلون مصدراً مهماً للعملة الصعبة. يذكر أن برنامج الحجاج الأقباط يشمل زيارة المعالم المسيحية في مدينة القدس للاحتفال بعيد القيامة، ومدينة الناصرة.
وكان بابا الأقباط السابق الأنبا شنودة الراحل قد أصدر ما يشبه القرار بمنع سفر الأقباط إلى الأراضي المحتلة، إلا مع "إخوتهم من المسلمين"، على حد قوله، وسبقه قرار للبابا كيرلس السادس بإيقاف رحلات زيارة الأقباط للقدس سنة 1967، لكن البابا تواضروس الثاني قد أكد في أكثر من مناسبة بعد توليه المنصب، عن رفضه لقرار منع الأقباط المصريين من زيارة القدس المحتلة، واصفاً القرار بأنه "لم يكن جيداً".
وقال تواضروس خلال تصريحات مطلع العام الحالي، إنه "لا مانع من زيارة القدس حيث هناك مطران قبطي في القدس منذ القرن الـ13، وممتلكات أخرى".