كشفت مصادر حكومية مصرية لـ"العربي الجديد" عن خضوع أعداد كبيرة من الأطباء، الذين تقدّموا أخيراً بطلبات استقالة من أعمالهم في وزارة الصحة المصرية، إلى التحقيق من جانب جهاز الأمن الوطني التابع لوزارة الداخلية.
ويتزامن ذلك مع ارتفاع أعداد الوفيات بين الأطباء في مصر جراء الإصابة بفيروس كورونا إلى 183 طبيباً، إذ نعت النقابة العامة للأطباء وفاة الطبيب رقم 183 متأثراً بإصابته بالفيروس.
ووفقاً للأرقام الرسمية الصادرة حتى يوم الجمعة 9 أكتوبر/تشرين الأول الحالي، بلغ إجمالي أعداد الوفيات في مصر 6029 حالة وفاة، فيما بلغ إجمالي عدد الإصابات 142 ألفاً و262 حالة إصابة، وإجمالي عدد حالات الشفاء ممن غادروا المستشفيات بعد تلقيهم العلاج اللازم 97592.
وبحسب المصادر التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإن أعداداً كبيرة من الأطباء تقدّموا أخيراً باستقالاتهم من العمل في عدد من المستشفيات المركزية والعامة، بسبب عدم التزام وزارة الصحة بتوفير مستلزمات الوقاية اللازمة، خلال توقيع الكشف على المترددين على المستشفيات.
وقالت المصادر إن هناك حالة من الغضب لدى الأطباء بسبب السياسات الحكومية الجديدة، التي ترفض رفع درجات الاستعداد تحسباً للموجة الجديدة مع فصل الشتاء، وهي الموجة التي بدأت تظهر بوادرها بأعداد كبيرة من الإصابات والوفيات غير المعلن عنها رسمياً، في ظل سياسة الدولة بعدم الإعلان عن الوضع الحقيقي حفاظاً على معدلات الاقتصاد، وفق المصادر.
وأكدت المصادر أنه أمام تلك السياسة العامة للدولة، وفي ظل تجاهل نداءات النقابة العامة للأطباء للجهات المعنية، أقدمت أعداد كبيرة منهم على التقدم باستقالات، قبل أن يفاجؤوا من إدارات المستشفيات التابعين لها بتحويلهم للتحقيق من قِبل ضباط في جهاز الأمن الوطني، في محاولة لإرهابهم وإجبارهم على التراجع، لمنع حدوث عجز بالمستشفيات أو إثارة البلبلة بين المواطنين.
وكشف أحد الأطباء الذين خضعوا للتحقيق من جهاز الأمن الوطني في إحدى محافظات الصعيد أنه تم تهديده بخضوعه للمحاكمة، وتوجيه اتهامات له بالتعاون مع جماعة "الإخوان" لتنفيذ أجندات خارجية بهدف تكدير السلم العام وإثارة الشائعات والبلبلة لدى المواطنين.
وقال الطبيب الذي تحدث لـ"العربي الجديد": "لم أكن وحدي من تقدّم باستقالته في المستشفى التي أعمل فيها، ولكن هناك آخرين غيري"، مضيفاً "الوضع سيئ للغاية، والوزارة ترفض العودة لقرارات تنظيم العمل في المستشفيات خلال الموجة الأولى لفيروس كورونا بتحديد مستشفيات خاصة، سواء بالعزل أو الكشف على حالات الاشتباه والإصابة".
وأضاف "حالياً نضطر للعمل مع كافة المترددين على المستشفى، والذين قد نكتشف بعد ذلك أنهم مصابون بالفيروس، في حين أنهم قدموا للخضوع للكشف لمعاناتهم من أمراض وإصابات أخرى".
وتابع: "ذلك كله يحدث في ظل عدم توفير المستلزمات الكافية التي تضمن سلامة الطاقم الطبي"، مشيراً إلى أنه "لا يوجد سوى الكمامة فقط، وأحياناً كثيرة نقوم بشرائها على نفقتنا الخاصة، وأكثر من مرة طالبنا بتوفير السترات الواقية والأقنعة، والأهم من ذلك ضرورة إعلان حالة الطوارئ مجدداً، والعودة إلى نظام تخصيص المستشفيات".
يأتي ذلك في وقت اتخذت فيه أجهزة الدولة قراراً بعدم العودة مجدداً إلى إجراءات الإغلاق الكلي أو الجزئي، وذلك بعد تعافي الاقتصاد جزئياً في أعقاب إجراءات الموجة الأولى، وكذلك بعد الخسائر الكبيرة التي تحمّلها الاقتصاد المصري نتيجة تلك الإجراءات، والتي تسببت في خسارة الاحتياطي من النقد الأجنبي بالبنك المركزي لنحو 9.4 مليارات دولار.