مصر: إرجاء تمرير قانون صندوق قناة السويس لامتصاص الغضب

26 ديسمبر 2022
نواب في البرلمان خلال جلسة برلمانية، 2019 (Getty)
+ الخط -

كشفت مصادر برلمانية مصرية، أنه تقرر إرجاء تمرير قانون صندوق هيئة قناة السويس، والذي قدمته الحكومة إلى مجلس النواب فجأة خلال شهر ديسمبر/كانون الأول الحالي، ووافق عليه في مجموع مواده الأسبوع الماضي، من دون أن يصوت نهائياً عليه.

تهدئة عاصفة الانتقادات لقانون صندوق قناة السويس

وقالت المصادر، لـ"العربي الجديد"، إن "رئيس مجلس النواب، حنفي جبالي، قرّر تجميد مشروع تعديل قانون نظام هيئة قناة السويس، وعدم المصادقة عليه في الوقت الحالي، بسبب حالة الرفض المجتمعي لبعض مواده، متحفظاً في الوقت نفسه على إعادة المشروع إلى لجنة الشؤون الاقتصادية في المجلس للمزيد من الدراسة".

وأوضحت المصادر أن "جبالي رفض مطلب بعض النواب عقد اللجنة الاقتصادية جلسة استماع أو أكثر، في حضور مجموعة منتقاة من الخبراء والمتخصصين، وكذلك من رؤساء وممثلي الأحزاب السياسية، من أجل بحث واستعراض أوجه الاعتراض على مواد القانون، ومحاولة الوصول إلى صياغات توافقية بشأنها".

تحفظ رئيس البرلمان على إعادة المشروع إلى لجنة الشؤون الاقتصادية في المجلس للمزيد من الدراسة

وقضى تعديل القانون بإنشاء صندوق جديد لهيئة قناة السويس بغرض المساهمة بمفرده، أو مع الغير، في تأسيس الشركات، أو في زيادة رؤوس أموالها، والاستثمار في الأوراق المالية، وشراء وبيع وتأجير واستئجار واستغلال أصوله الثابتة والمنقولة والانتفاع بها.

وأضافت المصادر أن "جبالي يسير على نهج رئيس البرلمان السابق، علي عبد العال، في ما يخص تجميد مشاريع القوانين المرفوضة شعبياً لفترة من الوقت، تكون خلالها قد هدأت عاصفة الانتقادات، ثم طرحها للتصويت النهائي فجائياً بعد مرور مدة أقصاها شهران، من دون إدخال أي تعديل جوهري على موادها".

وتابعت المصادر أن "عدد الرافضين لتعديل قانون هيئة قناة السويس لا يتجاوز 30 نائباً من أصل 596 في نهاية الأمر، وبالتالي سيتم تمرير القانون بصورته الحالية من دون تعديل عند التصويت النهائي، نظراً لأن الغالبية الكاسحة من أعضاء البرلمان موالية لقرارات السلطة التنفيذية على طول الخط، وجميع مشاريع القوانين التي تقدمها الحكومة".

في السياق ذاته، أبدى سياسيون تخوفهم من أن "إرجاء تمرير قانون صندوق الهيئة لاعتبارات شعبية تتعلق بارتباط جموع المصريين بقناة السويس، قد يمهد إلى تمرير مقترحات تشريعية تسمح بالتفريط في أصول أخرى للدولة، يبدو أنها أقل أهمية من القناة، وبذلك يكون النظام حقق بعض الأهداف غير المعلنة من وراء طرح القانون".

وأفادت المصادر، بأن "تجميد قانون قناة السويس هو مؤقت، حتى تتحقق ظروف مواتية أكثر لتمريره، بكل ما تتضمنه مواده من مشاكل وعوار، عوضاً عن تعديل بعض أحكام القانون، بما يوحي بأن هناك تنازلاً من السلطة الحاكمة عن أي بند من بنوده".

وذكرت المصادر أن الترويج لإرجاء التصويت على قانون قناة السويس "يستهدف تخفيف الضغط عن الحكومة في ظلّ الأزمة الاقتصادية الراهنة، وإصرار القوى السياسية، والمواطنين العاديين أيضاً، على التركيز على موضوع قناة السويس، وخلق حالة من الحشد ضده عبر منصات ومواقع التواصل الاجتماعي".

وصندوق قناة السويس على غرار صندوقي مصر السيادي و"تحيا مصر"، إذ تخضع جميعها لإشراف مباشر من الرئيس عبد الفتاح السيسي، بعيداً عن بنود الموازنة العامة للدولة، ومراجعة ورقابة الجهاز المركزي للمحاسبات (أهم جهاز رقابي في البلاد)، أو غيره من الأجهزة الرقابية.

تحذيرات حزبية من مخاطر القانون

وأدانت أحزاب العربي الناصري والاشتراكي المصري والوفاق القومي، في بيان مشترك أخيراً، تعديل قانون هيئة قناة السويس، الذي أعدته الحكومة على عجل استجابة لتوجيهات السيسي في المؤتمر الاقتصادي نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي. 

ودعت الأحزاب رئيس الجمهورية إلى عدم التصديق على تعديل القانون في حال إقراره نهائياً من مجلس النواب، مؤكدة أن "الشعب المصري، وكل قواه السياسية الوطنية الحية، ترفض هذا القانون بوصفه يمثل خطراً داهماً على الدولة، ويكرر مآسي الصناديق السيادية البعيدة عن رقابة السلطة التشريعية، بوصفه ستاراً لخصخصة ملكية قناة السويس جزئياً أو كلياً".

توقعت المصادر أن يطرح جبالي مشروع القانون للتصويت النهائي فجائياً بعد مرور مدة أقصاها شهران

وبيّنت أحزاب العربي الناصري والاشتراكي المصري والوفاق القومي أن "إنشاء صندوق هيئة قناة السويس يخل بوحدة الموازنة العامة، التي من المفترض أن تشمل جميع إيرادات الدولة، وتتصرف فيها على نحو كلي في تنظيم الإنفاق والاستهلاك والاستثمار كوحدة واحدة تحت سيادة الدولة، وسلطتها التشريعية، مع توافر العلنية التي تتيح الرقابة الشعبية على هذه الممارسات، بخلاف ما يحدث مع أموال الصناديق الخاصة".

بدوره، اتهم حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، نظام الحكم الحالي، بـ"إهدار كل مكتسبات نضال الشعب المصري التاريخية، بعدما أغرق البلاد في الديون الخارجية". وحذّر من تداعيات خصخصة هيئة قناة السويس، وإمكانية مبادلة ديون الدولة بأسهم القناة، بعد الإعلان عن تدشين صندوق جديد للهيئة بغرض واحد هو بيع أصولها.

ويوم الخميس الماضي، قال رئيس هيئة قناة السويس، أسامة ربيع، في مؤتمر صحافي، إن الهيئة تسعى إلى "تكوين شراكات مع مستثمرين أجانب في مشروعاتها، ولكن هذا لا يعني تدخلهم في إدارة القناة، لأن الهيئة ستملك النصيب الأكبر من أي شراكات". ونفى ربيع "تفريط الدولة في ملكية وأصول قناة السويس أو إدارتها، لا سيما مع تضحيات الأجيال السابقة، سواء في حفرها أو تأميمها، والحروب التي دخلتها مصر من أجل القناة".

وقضت المادة 43 من الدستور المصري بأن "تلتزم الدولة بحماية قناة السويس وتنميتها، والحفاظ عليها بصفتها ممراً مائياً دولياً مملوكاً لها". كما تلتزم بـ"تنمية قطاع القناة، باعتباره مركزاً اقتصادياً متميزاً".

وقدّر القانون المقترح رأس مال صندوق قناة السويس المرخص به بمائة مليار جنيه مصري (نحو 4 مليارات دولار)، ورأس مال مصدر ومدفوع يبلغ عشرة مليارات جنيه تسدد من أموال هيئة القناة. وتجوز زيادة رأس مال الصندوق نقداً أو عيناً بموافقة الجمعية العمومية له، ووفقاً للضوابط والإجراءات الواردة في نظامه الأساسي.

وتتكون موارد الصندوق من رأس ماله، ونسبة من إيرادات هيئة قناة السويس، أو تخصيص جزء من فائض أموال الهيئة لصالح الصندوق بعد الاتفاق مع وزير المالية في بداية كل عام مالي، إضافة إلى عائد وإيرادات استثمار أموال الصندوق، والموارد الأخرى التي تحقق أهدافه، ويقرها مجلس الإدارة، ويَصدر بقبولها قرار من رئيس الوزراء.


 

المساهمون