كشف مصدر من حركة حماس، لـ"العربي الجديد"، كواليس قرار هيئة الطوارئ العليا للحركة الأسيرة خوض ألف أسير إضراباً مفتوحاً عن الطعام، مساء أمس الخميس، عقب توتر متصاعد في أقسام أسرى الحركة في سجن النقب الإسرائيلي، في أعقاب جولة استفزازية أجراها وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، بهدف وضع إجراءات من شأنها التضييق على الأسرى وسلب إنجازاتهم.
وكان مكتب إعلام الأسرى التابع لحركة حماس في قطاع غزة قد ذكر، يوم أمس الخميس، أن ألف أسير من الحركة دخلوا في إضراب عن الطعام.
وقال المصدر الذي فضل عدم ذكّر اسمه، "إن أسرى سجن النقب يعانون من العلاقة المقرّبة بين مدير السجن، المتطرف يوسف خنيفس، وبين بن غفير، الذي أوصل رسالة للأسرى عبر مدير السجن قبل عدة أيام تشير إلى تراجعهم عن الاتفاقات المبرمة بين إدارة السجون والحركة الأسيرة، التي أعقبت قرار الإضراب الجماعي، الذي لم يتم في شهر مارس/آذار الماضي".
وخلال الأشهر الماضية، انتزع الأسرى إنجازاً برفع ساعات الخروج لساحة السجن (الفورة)، والاتفاق مع إدارة السجن على تحديد الفحص الأمني (دق الشبابيك)، مرة واحدة يومياً، ووقف التفتيش الليلي (العدد) بعد السابعة مساءً، بحسب المصدر.
واستدرك المصدر، بأنه "منذ الزيارات التي بدأ بن غفير تنظيمها للسجون وتحديداً سجن النقب، ظهر تغير في تعامل إدارة السجن مع الأسرى، وصاروا يقتحمون للتفتيش بعد السابعة مساءً، وانتهاج استفزاز جديد متعلق بما يعرف بـ (التفتيش السنوي)، الذي بات وسيلة لتصفية الحسابات بين إدارة السجن والأسرى، فأخرجت إدارة السجن قبل أيام، أسرى قسم 26 في النقب، بشكل عنيف وهمجي، لمدة أربعة أيام وتوزيعهم على أقسام السجون.
وحول دلالات إفراغ القسم من الأسرى، يوضح المصدر، "تريد إدارة السجن إيصال رسالة بأنها جاهزة لأي تصعيد قادم مع الأسرى، والاطلاع على أقسام السجون عن قرب وهي فارغة لوضع آليات جديدة من شأنها تضييق الحياة على الأسرى، كما حصل في سجن نفحة، حيث أنشئت أقسام جديدة أسوأ للمعيشة، وفيها أعلام إسرائيلية".
في خضم تصعيد إدارة السجن مع أسرى النقب، توترت الأمور قبل أيام، بعد وقوع أسير يبلغ من العمر 60 سنة على الأرض، في قسم رقم 4، وتأخر إدارة السجن بالتدخل لنقله للعلاج، ما دفع الأسرى إلى التصعيد، لتفرغ إدارة السجن القسم في اليوم الثاني، وتتهم ممثل الأسرى أمام إدارة السجن، وعضو مجلس الشورى لأسرى حماس في النقب، إسلام بني شمسة، بالتحريض على إدارة السجن، وتتخذت إجراءات عقابية ضده.
وبحسب المصدر، فإنه "في الأعراف التنظيمية، وعبر تواصل الحركة الأسيرة مع إدارة السجون خلال السنوات السابقة، لا يحق للإدارة اتخاذ إجراء عقابي بحق ممثل القسم، كونه مسير أعمال وحياة الأسرى مع الإدارة، وما حصل كان رسالة تصعيدية أخرى من مدير السجن، إذ هدد بنقل بني شمسة خارج النقب".
وتابع المصدر، "علمنا من إدارة السجن أن بن غفير يتجاوز صلاحيات المسؤولة عن السجون (شاباص)، ويتواصل مع إدارة السجون بشكل خاص، وأنه جرى لقاء بين مدير سجن النقب (خنيفس) وبن غفير في بيته، وتبع هذا اللقاء تصعيد عنيف مع الأسرى في الأسبوع الأخير، في إشارة إلى أن بن غفير أعطى الضوء الأخضر لمدير السجن بالاعتداء على الأسرى".
حالة سجن النقب مختلفة عن باقي السجون، وما يفسر وجود توتر أكبر أن "الرتبة العسكرية لمديره أعلى من باقي السجون، وفي السجن وحدة قمع خاصة تسمى (تيكر) لقمع أي تصعيد أو عصيان أو تمرد من الأسرى، حيث تحاول إدارة السجن توجيه ضربة لتنظيم حماس في النقب كون نصف أسرى الحركة وقيادتها المركزية في السجن، والعمل على إفراغ أقسامهم وتشتيت أسراهم لإضعاف الحركة الأسيرة وإيصال رسالة تخويفية لباقي التنظيمات".
تراكم الأمور دفع لجنة الطوارئ بالحركة الأسيرة لاتخاذ قرار الإضراب المفتوح عن الطعام، ويقول المصدر ذاته، لـ"العربي الجديد": "إن الانسجام بين قيادة لجنة طوارئ الأسرى ممتاز، وتحديداً بين ممثل فتح عمار مرضي، وممثل حماس سلامة القطاوي (...)، ولدى الأسرى خطط مواجهة معروفة بمعركة المدى القصير وهي خطوات تصعيدية خاصة، ومعركة المدى الطويل وهي الإضراب عن الطعام، ولذا جاء قرار الإضراب عن الطعام في إشارة ورسالة واضحة أن الأسرى جاهزون للمواجهة للمدى البعيد".
لكن ما بدا لافتاً، أنه رغم وجود قرار لدى حركة حماس وكذلك حالة الانسجام، هو عدم إصدار مؤسسات الأسرى المختلفة حتى الآن، أية بيانات تتعلق بدخول ألف أسير إضراباً مفتوحاً عن الطعام.
ووفق المصدر نفسه، فقد "أوصلت الحركة الأسيرة لإدارة السجون أنها مستعدة لتنفيذ تصعيد خطوات المعركة قصيرة المدة، وهي خطوات تصعيدية عنيفة من الأسرى تعلمها إدارة السجون، ولذا هم في حالة مشاورة الآن لمنع تصعيد الأمور".
وأوضح المصدر ذاته في "حماس" أنهم اتفقوا سابقاً على عدم تدخل بن غفير في حياة الأسرى، لكن الواقع يثبت عكس ذلك، ما يعني أن سقف المطالب في هذه المرحلة لدى الأسرى سيكون أعلى من السابق، ولن يقف عند حدود إعادة الأسرى من أقسام (3-4-26) إلى أماكنهم.
ومن المتوقع أن تتدحرج حالة توسع الإضراب عبر مشاركة المعتقلين الإداريين، إذ زاد عددهم إلى 1300 معتقل إداري، من أصل 5000، وهو رقم قياسي يصل إليه عدد الأسرى المعتقلين إدارياً للمرة الأولى.