علم "العربي الجديد" من مصادر عدة، بعضها فلسطيني، أن هناك محاولات من قبل السلطة الفلسطينية لاحتواء قرار صادر عن جمهورية نيكاراغوا باعتبار السفير الفلسطيني لديها محمد عمرو "شخصاً غير مرغوب فيه"، على خلفيه ما وصفته مصادر بأنه "اعتداء بالضرب" على إحدى الموظفات بالسفارة.
وفيما رفضت أكثر من جهة رسمية فلسطينية تواصل معها "العربي الجديد"، بما في ذلك السفير نفسه ومسؤولة قطاع أميركا اللاتينية في وزارة الخارجية سعاد صبح عبر الاتصال والرسائل، التعليق على ما يجري وتأكيد أو نفي خبر طرد السفير الفلسطيني من نيكاراغوا، أكدت عدة مصادر لـ"العربي الجديد"، أن السفير الفلسطيني في نيكاراغوا قد وصل إلى رام الله بالفعل، "وأن العمل جار على احتواء الأزمة والبحث عن حل بين الطرفين بسبب العلاقة التاريخية المهمة التي تجمع نيكاراغوا بفلسطين، حتى لا يصل الأمر للإعلام".
وحسب المصادر، فإن وزارة الخارجية الفلسطينية "تريد أن تبحث عن طريقة بحيث تبدو فيها عدم عودة السفير عمرو إلى نيكاراغوا عادية أو في إطار تغيير مهمته، حتى لا تغضب جمهورية نيكاراغوا التي تجمعها بفلسطين علاقات سياسية وطيدة".
وبحسب مصادر "العربي الجديد"، فإن عمرو اعتدى بالضرب على دبلوماسية تعمل في السفارة الفلسطينية في نيكاراغوا، بعد نقاش بينهما وطردها خارج السفارة، يوم 28 إبريل/نيسان الماضي.
وراسلت وزارة الخارجية في نيكاراغوا وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية عدة مرات منذ ذلك التاريخ، وطالبتها بتوضيح حول ما جرى. لكن الخارجية الفلسطينية لم ترد، لتصل الأمور بجمهورية نيكاراغوا إلى أن ترسل رسالة في الثامن من يونيو/حزيران الجاري بأن "السفير الفلسطيني محمد عمرو غير مرغوب به في نيكاراغوا"، الأمر الذي أغضب الرئيس محمود عباس، الذي علم بالأمر خلال وجوده في قبرص في أول يوم لزيارته 13 يونيو/ حزيران الجاري، وأصدر أوامره لوزير الخارجية رياض المالكي باستدعاء عمرو سريعاً والقيام باللازم.
وتعتبر جمهورية نيكاراغوا من أكبر الدول في أميركا الوسطى وأكثر الداعمين سياسياً للقضية الفلسطينية في كل القرارات الدولية.
وبحسب التفاصيل التي توفرت لـ"العربي الجديد"، فإن السفير دخل في نقاش حاد مع الموظفة وقام بدفعها وضربها، وحين هربت لغرفة مكتبها وأغلقته، هاجم الغرفة وفتح الباب بقوة، وقام بضربها وجرها نحو باب السفارة إلى الشارع وأمرها بعدم الحضور مرة ثانية إلى السفارة.
ورغم أن جمهورية نيكاراغوا لا تملك قانونياً الحق بالتصرف أو طرد السفير بسبب مشكلة حدثت في السفارة الفلسطينية، إلا أن عدم رد وزارة الخارجية، وتحديداً وزير الخارجية رياض المالكي على رسائل دعته للتدخل في الأمر على مدار شهرين، دفع وزارة خارجية نيكاراغوا لإرسال رسالة في الثامن من الشهر الجاري تفيد بأن السفير الفلسطيني محمد عمرو "بات شخصية غير مرغوب فيها" في البلاد.
وبحسب المعلومات المتوفرة، فإن الشرطية التي كانت على مدخل السفارة في نيكاراغوا قدمت شهادتها للجهات المعنية حول سماعها صوت الصراخ والبكاء في السفارة، ولاحقاً رؤية السفير وهو يدفع بالموظفة ويجرها إلى خارج السفارة، ويأمرها بأن تأخذ سيارة أجرة وألا تعود أبداً إلى السفارة.
ووفق المصادر، فإن "رئيس جمهورية نيكاراغوا له الحق في إعلان أي دبلوماسي شخصية غير مرغوب فيها".
وتملك نيكاراغوا قوانين مشددة ضد ضرب النساء وتعنيفهن. وكان وزير خارجية نيكاراغوا دينيس موناكادا قد أرسل رسالة حول الاعتداء للمالكي، وطالبه بتوضيح عمّا جرى، ولاحقاً عقد سفير نيكاراغوا في فلسطين يوبرتو موراليس اجتماعات مع مسؤولة قطاع أميركا اللاتينية في وزارة الخارجية سعاد صبح، من دون أن تسفر هذه اللقاءات عن أي إجراء ضد السفير.
وحاولت مراسلة "العربي الجديد" التواصل مع السفير عمرو، الذي من المفترض أن يكون قد وصل إلى رام الله لكنه لم يرد رغم مشاهدته الرسائل على حسابه "الواتساب"، كما حاولت أيضاً التواصل مع مسؤولة قطاع أميركا اللاتينية في وزارة الخارجية سعاد صبح عبر الاتصال والرسائل، لكن دون جدوى، فيما وعد المستشار ووكيل وزارة الخارجية الفلسطينية أحمد الديك مراسلة "العربي الجديد" بالعودة لها بتوضيح أو تعليق لكنه لم يحدد وقتًا لذلك.
وعلى مدار الشهرين الماضيين، وصلت عدة رسالة إلى وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، ومنظمة التحرير الفلسطينية، ووزارة شؤون المرأة لإطلاعهم على القضية وإنصاف الدبلوماسية التي تعرضت للاعتداء، وفتح تحقيق بالحادث، لكن دون جدوى.
ووصلت لمكتب مديرة قسم أميركا اللاتينية والكاريبي في دائرة المغتربين في منظمة التحرير الدكتورة رينا فتوح رسالة من اللجنة التنفيذية في أميركا اللاتينية التي تتبع منظمة التحرير (كوبلاك)، تطالب الجهات المعنية في منظمة التحرير بالإيعاز للجهات المسؤولة بالتحرك في قضية الاعتداء.
وجاء في الرسالة التي وصلت باللغة الإسبانية معنونة بـ"اعتداء على أساس النوع الاجتماعي": "نعرب عن أسفنا وضيقنا من الذي حصل في السفارة الفلسطينية في نيكاراغوا للدبلوماسية التي واجهت موقف عنف بسبب كونها امرأة، على يد مديرها الأعلى السفير الفلسطيني محمد عمرو في دولة شقيقة مثل نيكاراغوا".
وتابعت الرسالة المؤرخة بـالسادس من مايو/أيار الماضي: "هذا موضوع يتعلق مباشرة بوزارة الخارجية، لكن نحن الجالية الفلسطينية في أميركا اللاتنية والكاريبي، لدينا واجب أخلاقي أن نخرج وندافع عن شخص تاريخياً كان عبارة عن جندي يدافع عن القضية الفلسطينية من داخل جمهورية البيرو، وهي أيضاً ناشطة في (كوبلاك) حتى اللحظة".
وجاء في الرسالة: "ليس من المقبول لأي شخص بحكم موقعه أن يستخدم أساليب عنيفة جسدياً أو عقلياً للشخص الذي يترأسه، وأضر به بشكل عنيف"، لافتة إلى أن "الجهات المسؤولة بدأت بتحقيق أخلاقي عمن يتحمل مسؤولية الذي حدث، ولديهم أوامر بإنهاء التحقيق"، في إشارة إلى جمهورية نيكاراغوا.
وفي السياق ذاته، وصلت رسالة إلى وزارة شؤون المرأة الفلسطينية بتاريخ 25 مايو الماضي، تشرح الاعتداء الذي تعرضت له الدبلوماسية في السفارة الفلسطينية في نيكاراغوا. وبحسب مصادر في وزارة المرأة، "فقد طلبت الوزيرة أمال حمد من وزارة الخارجية التدخل، وإنهاء الأمر، لكن دون جدوى".