مشروع تعديلات ضبابية لنظام الائتلاف السوري المعارض: محاولة لاستعادة النفوذ

15 يناير 2022
يحاول الائتلاف استعادة ثقة الشارع المعارض به (محمد سعيد/الأناضول)
+ الخط -

وضع الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية سلسلة تعديلات على نظامه الداخلي، في سياق عملية إصلاح، تتباين الآراء بشأن توقيتها وأهدافها، ومدى إمكانية أن تسفر عن استعادة الائتلاف ثقة الشارع السوري المعارض.

ومن المقرر أن تعرض التعديلات، التي تطاول بنية الائتلاف، الأسبوع المقبل على الهيئة العامة لمناقشتها والتصديق عليها.

ووفق مصادر في الائتلاف الوطني، فإن التعديلات الجديدة تتضمن إلغاء كتلة "الحراك الثوري" الموجودة حالياً، واستبدالها بممثلين عن مجالس للمحافظات السورية، يشكلها الائتلاف الذي حدد معايير جديدة للأحزاب الممثلة فيه.

شروط لعضوية الائتلاف الوطني

وأبرز هذه المعايير ألا يقل عدد منتسبي الحزب، بالأسماء الصريحة التي تحمل وثيقة هوية أو جواز سفر، عن 300 عضو من سبع محافظات سورية على الأقل، وأن يكون للحزب وثائق تعريفية برؤيته الثورية المعارضة لنظام الأسد ضمن نظام سياسي، وأن يكون له هيئة قيادية معلنة الأسماء.

وائل علوان: الكثير من التعديلات بقيت غير مضبوطة لحل مشكلات جوهرية في بنية الائتلاف

كما حددت التعديلات شروط عضوية الائتلاف الوطني، ومنها "أن يكون مشهوداً له بالنزاهة والوطنية"، و"يتمتع بالأهلية القانونية"، و"ألا يقل عمره عن 22 عاما"، و"أن يلتزم بعدم القيام بأي عمل باسم الائتلاف دون تكليف رسمي".

وتعليقاً على التعديلات المقترحة، أشار الباحث السياسي في مركز "جسور" للدراسات وائل علوان، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن "التعديلات في النظام الداخلي للائتلاف أنتجتها مجموعة من النزاعات الداخلية بين المكونات الحالية".

وأوضح أن هناك الكثير من التعديلات بقيت غير مضبوطة بالشكل الذي يضمن حل مشكلات جوهرية في بنية الائتلاف. وأشار إلى أن "جميع الشروط لم يتم التصريح إن كانت ستنطبق على الموجود حالياً من الكتل والأعضاء"، موضحاً أن آليات التقييم، ومن سيقوم به، غير واضحة.

ولفت علوان إلى أن "آليات التشكيل، والإطار الزمني للكتلة الجديدة (مجالس المحافظات)، غير واضحة". وقال: كنا ننتظر ضبطاً أكبر لآليات الاستبدال والمرجعية لجميع المكونات الحالية، ومنها كتلة المستقلين.

وأعرب علوان عن اعتقاده أن الخطوة التي أقدم عليها الائتلاف الوطني "ليس واضحاً، حتى الآن، إن كانت ستكون جدية وتفضي إلى تغييرات حقيقية، وحل للمشكلات المستعصية، أو أنها ستكون شكلية وعبارة عن إعادة تدوير الأعضاء والكثل مع تعديلات طفيفة".

تعديلات الائتلاف السوري تأخرت كثيراً

وفي السياق، رأى المحلل السياسي رضوان زيادة، في حديث مع "العربي الجديد"، أن التعديلات التي يجريها الائتلاف "تأخرت كثيراً". واعتبر أن الائتلاف لا يحظى بدعم، أو حتى اهتمام، المجتمع الدولي حتى يدعم قراراته.

وأشار إلى أن "سورية في العام 2012، حين تشكل الائتلاف الوطني، ليست ذاتها اليوم". وأوضح أن المعارضة السورية خسرت الكثير من مواقعها منذ ذلك الحين. وأعرب زيادة عن اعتقاده أن "تركيا البلد المضيف للائتلاف، والدول العربية والإقليمية، لا تبدي دعماً لهذا الجسم السياسي"، مضيفاً: سينتهي (الائتلاف) مع فقدان الاهتمام وانعدام الفعالية.

وتحوز الآن كتلة المجالس المحلية في الائتلاف على 9 أعضاء، معظمهم لم يعد لهم مرجعيات تمثلهم بعد تراجع سيطرة المعارضة في العديد من المحافظات. واليوم يشار إلى أن جميع ممثلي هذه الكتلة بلا مرجعية فاعلة على الأرض.

رضوان زيادة: التعديلات التي يجريها الائتلاف تأخرت كثيراً

أما كتلة "الحراك الثوري"، فتتمثل حالياً داخل الائتلاف بأربعة أعضاء، عن محافظات درعا ودمشق وريفها والحسكة واللاذقية. وأيضاً هذه الكتلة لم تعد لها مرجعيات مع تلاشي "المجالس الثورية" التي كانت قائمة سابقاً، والتي كانت تأخذ طابعاً خدمياً، في المحافظات مع اندلاع الثورة السورية.

وتشير معلومات "العربي الجديد" إلى أن مفاوضات دارت مع أعضاء الكتلتين لتثبيت مرجعياتهم، لكن لم يتمكن أي من أعضاء الكتلتين من تثبيت مرجعيات لهم.

محاولة لإحداث تغيير نوعي على أداء الائتلاف

من جهته، قال عبد المجيد بركات، وهو عضو الهيئة السياسية في الائتلاف، إن التعديلات لا تزال بمثابة مقترحات، ولم يتم إقرارها بعد.

وأشار بركات، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن الائتلاف شكل لجنة من ثمانية أعضاء من الهيئة العامة والهيئة السياسية، لتقديم اقتراح تعديلات على النظام الأساسي للائتلاف، الذي تشكل قبل نحو عشرة أعوام، وقد حصل داخل مكوناتها العديد من التغييرات التي تستوجب التعامل معها، ليكون هناك إنصاف في آلية التمثيل بناء على المعطيات والتشكيلات الحالية.

وأضاف بركات أن الهدف من تشكيل اللجنة، وتحديد عملها، إحداث تغيير نوعي وملحوظ على أداء الائتلاف على المستوى التنظيمي والسياسي.

وحول ما إذا كانت التعديلات تستهدف أيا من المكونات الحالية داخل الائتلاف، أو قطع الطريق على تشكيل أجسام جديدة تأخذ طابع الندية له، أشار بركات إلى أنه ليس هناك أحد مستهدفا، سواء من الأفراد أو المكونات، وإنما تمثيل الحاضنة الشعبية والمكونات الحالية يتطلب إجراء هذه التعديلات لتوسيع دائرة التشارك في صناعة القرار.

رغبة أعضاء الائتلاف بالإصلاح

ونوه بركات إلى أن هناك رغبة كبيرة لدى جميع أعضاء الائتلاف ومكوناته بالإصلاح. وأكد أن الإصلاحات مطلوبة وملحة، ولم يكن في بال أحد من أعضاء الائتلاف، ولا الائتلاف كمؤسسة، اقتراحها أو اللجوء إليها لقطع الطريق على تشكيل أجسام سياسية جديدة.

وكان الائتلاف تأسس في نوفمبر/تشرين الثاني 2012 في العاصمة القطرية الدوحة في ذروة الحراك الثوري في سورية، ليكون الممثل الشرعي والوحيد للثورة. ونال اعترافاً وترحيباً إقليمياً ودولياً، لكنه فقد، مع مرور السنوات، الكثير من بريقه السياسي، بسبب فشله في تحقيق تمثيل واسع النطاق لمختلف تيارات ومجالس المعارضة.

عبد المجيد بركات: هناك رغبة كبيرة لدى جميع أعضاء الائتلاف ومكوناته بالإصلاح

ويحاول الائتلاف، مع كل دورة رئاسية، استعادة ثقة الشارع السوري المعارض، من خلال القيام بعدة إجراءات تثبت الوقائع أنها غير ناجعة. والسبب في ذلك وجود عدة شخصيات تتصدر مشهد الائتلاف منذ تأسيسه، رغم أنها لم تثبت كفاءة سياسية على مدى 10 سنوات، وكان أداؤها باهتاً الى حد بعيد خلال جلسات التفاوض مع النظام تحت مظلة الأمم المتحدة منذ العام 2014.

وكانت ارتفعت في الآونة الأخيرة أصوات في تيارات المعارضة السورية تدعو إلى تشكيل كيان سياسي جديد، يكون مرجعية واحدة لقوى الثورة والمعارضة. لكن ما يُحسب للائتلاف الوطني محافظته على المبادئ الأساسية للثورة السورية، وعدم انجراره إلى تسويات جانبية مع النظام، لا تحقق الحد الأدنى من هذه المبادئ، وأبرزها رحيل بشار الأسد عن السلطة.

وحاولت أطراف إقليمية ودولية، خلال السنوات الماضية، تشتيت التمثيل السياسي للثورة السورية، من خلال خلق منصات سياسية تتماهى مع رؤى مخالفة تماماً لرؤية الائتلاف، وهو ما أدى إلى تشظي القرار السياسي لقوى الثورة والمعارضة على كافة المستويات.

ورغم محاولات الائتلاف الوطني الالتفات إلى الأقليات المذهبية في سورية، إلا أن تمثيلها داخله ليس بالشكل المطلوب. لكن الأقليات القومية ممثلة بالائتلاف بشكل كبير، من خلال المجلس الوطني الكردي، ورابطة الأكراد المستقلين، والمجلس الوطني التركماني، والمنظمة الآثورية التي تمثل السريان السوريين.

المساهمون