مشاورات مصرية للتعامل مع احتمال تدفق آلاف السودانيين

27 ابريل 2023
امرأة سودانية في القاهرة، الإثنين الماضي (فاضل داود/Getty)
+ الخط -

في وقت يقدّر فيه خبراء وعاملون بالمجال الإنساني، نزوح آلاف السودانيين إلى مصر، في حال استفحال الصراع الدائر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، أكدت وسائل إعلام مصرية أنه "تم تشكيل خلية أزمة من أجهزة الدولة المعنية، تضم (وزارة الدفاع، والمخابرات العامة، ووزارتي الداخلية، والخارجية) لمتابعة الموقف في السودان".

وأثار احتمال تدفق آلاف السودانيين الفارين من النزاع المسلح إلى مصر، إضافة إلى آلاف الرعايا المصريين العائدين، مخاوف السلطات المصرية، لا سيما في ظل الأزمة السياسية والاقتصادية التي تعاني منها البلاد أصلاً، ما دفع البرلمان لمناقشة "سيناريوهات" التعامل مع تلك الأزمة، كما تؤكد مصادر برلمانية لـ"العربي الجديد".

مخاوف من توسع الصراع السوداني

عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية أيمن سلامة، قال في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "مسألة اللاجئين السودانيين، خطيرة جداً"، مشيراً إلى أنه "في الأيام القليلة الماضية لجأ عشرات الآلاف من اللاجئين السودانيين إلى تشاد وأفريقيا الوسطى باعتبارهما الدولتين القريبتين جغرافياً إلى السودان، قائلاً إنه "ليس مستبعداً نزوح مثل هذه الآلاف إلى مصر عن طريق البر، وذلك في حال اتساع رقعة الصراع المسلح في شمال السودان".

وأوضح سلامة أنه "في شمال السودان، كسائر الأقاليم، هناك مليشيات مسلحة أخرى ولكنها غير نظامية، بل قبلية، تناهز 18 جماعة مسلحة، وهذه الجماعات إذا انخرطت في ذلك الصراع وتم استقطابها، سواء من الجيش أو قوات الدعم السريع، فإن البارود المشتعل سيأتي على الزرع والضرع في السودان، وقد تمتد شرارته إلى مصر".

سلامة: إذا أتى عشرات الآلاف من السودانيين إلى داخل مصر، عابرين الحدود الدولية، فإن ذلك سيشكل هاجساً أمنياً واقتصادياً ومالياً خطيراً

وأكد أنه "إذا أتى عشرات الآلاف من السودانيين إلى داخل مصر، عابرين الحدود الدولية، فإن ذلك سيشكل هاجساً أمنياً واقتصادياً ومالياً خطيراً". وأضاف "من المفترض أن هناك خلية إدارة الأزمة على المستوى المركزي في مصر، وأيضاً خلايا أخرى على مستوى الوزارات المختلفة لمواجهة الأزمة السودانية بشكل عام، لأن مسألة اللاجئين خطيرة، وستراعيها بالتأكيد وحدات وخلايا إدارة الأزمة التي تم تشكيلها في مصر".

وبالنسبة إلى مصر، لم تؤكد السلطات عدد الأشخاص الذين دخلوا البلاد بالفعل، على الرغم من أن وسائل الإعلام الحكومية قالت إن أكثر من 3000 شخص عبروا إلى مصر منذ بدء القتال. وحتى الآن، لم تصدر المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين التي لديها 58995 لاجئاً سودانياً مسجلين في مصر، أرقاماً عن عدد الأشخاص الذين دخلوا البلاد أخيراً.

وقال نور خليل، مدير منصة اللاجئين في مصر، إن "السلطات المصرية لم تعلن رسمياً عن أي معلومات حول من يمكنه الدخول من دون تأشيرة، ومن لا يستطيع، وكيفية الحصول على تلك الوثيقة؛ ولم تعلن أو توضح إجراءات تقديم طلب اللجوء على المعابر الحدودية، ولا ماهية الإجراءات". لكنه أضاف أنه "يمكن للنساء والأطفال والرجال الذين تقل أعمارهم عن 16 عاماً وتزيد عن 50 عاماً العبور من دون تأشيرة".

وتوقعت منصة اللاجئين في مصر في بيان على موقعها أنه مع بدء الأسبوع الثاني للنزاع المسلح في السودان، ستحدث زيادة سريعة في أعداد الأشخاص النازحين باتجاه المعابر الحدودية مع مصر، مع التصاعد الخطير التي تواجه البلاد، واستمرار الوضع الإنساني الصعب، وحاجة العديد من المدنيين إلى الوصول إلى مناطق آمنة بعيداً عن مناطق الحرب، وكون موقع مصر الجغرافي وامتداد حدودها البرية مع السودان، ووجود اتفاقية حرية التنقل والإقامة بين البلدين الموقعة منذ عام 2004.

وناشدت المنصة السلطات المصرية، الإعلان بشكل واضح عن الإجراءات المتخذة مع الواصلين إلى معابرها الحدودية من حاملي الجنسية السودانية وغيرها، وتوضيح الأشخاص المسموح لهم بالدخول أو العبور إلى الأراضي المصرية من دون تأشيرة، والمطلوب منهم تأشيرات، وكيفية وشروط الحصول على التأشيرة.

توزان في الموقف المصري

وفي السياق، قال الصحافي السوداني الهندي عز الدين لـ"العربي الجديد"، إن "هناك توازناً واحتراماً في الموقف المصري حتى الآن، يليق بتاريخ وعمق العلاقات بين البلدين، فمصر ظلت تفتح أراضيها لكل العرب، من سورية وليبيا واليمن، المقيمين في مصر منذ سنوات".

ولفت إلى أن "هناك اتفاقية بين السودان ومصر، لكنها غير مفعّلة بالكامل، وهي اتفاقية الحريات الأربع (الإقامة، والعمل، والحركة، والتملك)، يطبق السودان بعضاً من بنودها، وكذلك تطبق مصر بعض البنود".

وأضاف: "مطلوب من الدولة المصرية المزيد من التساهل وتيسير وصول السودانيين الفارين من الحرب في الخرطوم، فهذا الموقف سيظل عالقاً بأذهان السودانيين لسنوات طويلة، أما الأصوات المشروخة التي تتحدث بسوء سواء عن السودان أو عن مصر، فهي أصوات نشاز لا يعتد بها".

عز الدين: مطلوب من الدولة المصرية المزيد من التساهل وتيسير وصول السودانيين الفارين من الحرب في الخرطوم

وتابع: "قد يكون هناك تأثير وتبعات لمقتل مساعد الملحق الإداري في سفارة القاهرة في الخرطوم، خصوصاً بعد أن اتهم الجيش السوداني قوات الدعم السريع في بيان رسمي، وكانت مصر أعلنت منذ وقت مبكر أنها ضد المليشيات المسلحة في السودان، ولكن عندما اندلعت الحرب التزمت الحياد".

وعلى الحدود البرية الشمالية للسودان، عبرت عشرات الحافلات إلى مصر يوم الإثنين الماضي تقل الفارين من القتال، حيث التقوا بأقارب سودانيين.

ووصفت فيث كاسينا، المتحدثة الإقليمية باسم وكالة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، في تصريحات لها قبل أيام، "التأثير الإنساني لهذه الأزمة" بالقول إن "أسوأ سيناريو يتكشف أمام أعيننا".

من جهته، قال الباحث المصري في جامعة إسطنبول، المتخصص في العلاقات الدولية والشؤون الأمنية شادي إبراهيم، لـ"العربي الجديد"، إن "نزوح موجات كبيرة من السودان هو أمر متوقع، وأمر غير حديث العهد أو مرتبط فقط بالأحداث الأخيرة، فتوجد دراسات حول احتمال وجود حركات هجرة كبيرة تخرج من السودان نحو أوروبا عبر مصر وليبيا".

أما مدير معهد الدراسات الاستراتيجية والعلاقات الدولية السابق، صلاح الدومة، فقال في حديث لـ"العربي الجديد" إن "السودانيين في مصر ليسوا لاجئين، كما أنهم ليسوا في معسكرات، ولا يشكلون عبئاً على الحكومة المصرية، بل هم في مقام السائحين، وتستفيد منهم الدولة في إدخال العملة الصعبة ومن نشاطهم التجاري وشرائهم أو تأجيرهم للعقارات".

ولفت إلى أن "من مصلحة مصر ألا تكون هناك هجرة غير نظامية، سواء من مصر أو من المنطقة المشتركة مع ليبيا (باتجاه أوروبا)"، مشيراً إلى أن "أغلب الهجرات غير النظامية تحصل عن طريق الشواطئ التونسية والليبية والمغربية، وليس عن طريق الشواطئ المصرية، لذلك قد يكون هناك استحسان من أوروبا بشكل عام وإيطاليا بشكل خاص، للجهود المصرية لمكافحة الهجرة غير النظامية، لكن أهمية الدور المصري تظل أقل من أهمية الدور التونسي والليبي والمغربي".

سوشيال ميديا
التحديثات الحية
المساهمون