منذ مطلع العام الحالي، سجلت مدن ومناطق عدة في إقليم كردستان، شمالي العراق، سقوط 7 مسيرات، خمس منها كانت مفخخة، أغلبها في محافظة دهوك الحدودية مع تركيا.
وظهر في صور انتشرت عن المسيرات أنها مُصنّعة بشكل بدائي، مع بروز أشرطة اللاصق والأسلاك من جوانبها إلى جانب عملية تثبيت القذائف على أجسامها. ولم يؤدّ سقوط المسيرات إلى خسائر، في مقابل عدم تعليق حكومة الإقليم وبغداد على ذلك.
ويكتفي الإعلام القريب من رئاسة إقليم كردستان في إربيل بنقل ما تذكره مصادر أمنية عن أن المسيرات تعود إلى حزب "العمال الكردستاني"، فيما يؤكد مراقبون أن أساليب المواجهة بين "الكردستاني" وتركيا تغيرت خلال العامين الماضيين، مع دخول المسيرات على الخط، سواء لتنفيذ الهجمات أو لتصوير مواقع محددة على الأرض.
جبار الياور: العناصر والجماعات المعارضة لإيران أيضاً تمتلك المسيّرات
وسقطت آخر طائرة مفخخة، الثلاثاء الماضي، بالقرب من قرية بوتيا، الواقعة في ناحية زاويتة، التابعة لمحافظة دهوك. ولم ينجم عن سقوطها أي أضرار.
ونقلت وسال إعلام كردية عن مصادر أمنية في إقليم كردستان قولها إن المسيرة "كانت تحمل ثلاث قنابل لم تنفجر". وقبل ذلك سقطت مسيرات أخرى في قرى متفرقة، في نواحي شيلادزي، وبامرني، وأتروش، وزاويتة، وهي مواقع تعتبر ميادين صراع بين مسلحي "الكردستاني" والجيش التركي.
مسيرات "الكردستاني"
وحول هذه التطورات، يشير عضو في البرلمان عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، رفض الكشف عن اسمه، في حديثٍ مع "العربي الجديد"، إلى أن "مسلحي حزب العمال الكردستاني لم تكن لديهم مسيرات حتى السنوات الثلاث الماضية، لكنهم بالتنسيق والتعاون مع فصائل مسلحة داخل العراق وقوات قسد (قوات سوريا الديمقراطية)، تمكنوا من الحصول على أعداد منها، بعضها للتصوير، وأخرى أكبر حجماً قادرة على حمل قذائف عيار 50 ميليمتراً".
ويضيف العضو البرلماني أن "الكردستاني بث لقطات تظهر مهاجمة مواقع عسكرية تركية بواسطة المسيرات، في تأكيد على أنها تابعة لهم، لكن قسما منها يسقط بسبب خلل تقني أو على يد القوات التركية".
ويؤكد أن "سجلات الأمن تشير إلى سقوط 7 مسيرات منذ مطلع العام الحالي، وجرى التحفظ عليها من قبل مديرية الأسايش (الأمن)، ووضع الطائرة وطريقة تفخيخها تؤكد أنها ليست لقوة نظامية بل مليشيا".
بدوره، يكشف الأمين السابق لوزارة البيشمركة في إقليم كردستان جبار الياور، في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أن "السلطات الأمنية في الإقليم أحصت خلال العام الماضي 640 حالة خرق للمسيرات من خارج العراق، وأغلبها صغيرة ومفخخة أغلب الأحيان"، مؤكداً أن "العناصر والجماعات المعارضة لإيران أيضاً تمتلك المسيّرات، واستخدمتها للقصف وللتصوير خلال الفترة الماضية".
مخاوف كردستان العراق
ويوضح عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني الحاكم في مدينة أربيل ريبين سلام أن "عناصر ومسلحي الكردستاني يخترقون الأجواء العراقية عبر المسيرات والتصرفات المنافية للقانون، وهذا واضح لكل السلطات الكردستانية والمواطنين، لأن حزب العمال يريد أن يورط الإقليم في سياسات لا علاقة لنا بها".
ويعتبر في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أن "هناك مشاكل أمنية تقلق الأكراد في الإقليم، تحديداً تلك المرتبطة بالكردستاني والمعارضة الإيرانية والقوات التركية، وجميعها تحول مناطق الإقليم إلى أرض قلقة أمنياً، ونطالب بغداد بالتدخل لحل هذه الأزمات في سبيل منع تطور المشاكل الأمنية بين هذه الأطراف، من دون أن تكون لإقليم كردستان ناقة أو جمل".
جمال بايك: تركيا تقصف المدن العراقية بواسطة المسيرات أيضاً
ولم ينفِ القيادي في حزب "العمال الكردستاني" جمال بايك امتلاك عناصر حزبه المسيرات التي تستخدم في الأغراض القتالية، حسبما يقول في حديثٍ مع "العربي الجديد". ويضيف بايك أن "تركيا تقصف المدن العراقية بواسطة المسيرات أيضاً، وتحاول بصورة متواصلة قتل قادة الحزب، إضافة إلى الداعمين للحزب، وتستخدم المسيرات في عملياتها العسكرية في الإقليم".
وينشط المئات من مسلحي "العمال الكردستاني" منذ سنوات في سنجار المحاذية للحدود العراقية السورية، ويتخذون من البلدة منطلقاً لأنشطة مسلحة ضد تركيا، في الوقت الذي تواصل فيه أنقرة دعوتها لبغداد لمنع تحول أراضيه منطلقاً لأعمال عدائية ضدها، وتدعو لطرد مسلحي التنظيم.
وتستهدف العمليات التركية منذ منتصف عام 2021 مقار وتحركات عناصر "العمال الكردستاني" في عدة مناطق، شمالي العراق، ضمن إقليم كردستان، تقع أغلبها بمحاذاة الحدود مع تركيا. ونجحت تلك العمليات خلال الفترة الماضية في تحييد المئات من مسلحي "الكردستاني" وتدمير مقار ومخازن سلاح ضخمة تابعة له، وفقاً لبيانات وزارة الدفاع التركية.
ويؤكد مسؤولون أتراك أن العمليات تنطلق من حقها في الدفاع عن أمنها، وتطالب بغداد بمنع تحول الأراضي العراقية إلى مصدر تهديد للجيران.