مسودة قانون جديد للأحزاب في الجزائر بعد إجراء تعديلات على النسخة التمهيدية

14 ديسمبر 2023
مبنى البرلمان الجزائري (العربي الجديد)
+ الخط -

وزعت حكومة الجزائر نسخة جديدة منقحة من مسودة قانون جديد للأحزاب على القوى السياسية في البلاد، بعد إجراء تعديلات على المسودة التمهيدية، التي كانت محل رفض من قبل الأحزاب بسبب بنود فيها تقيد العمل والممارسة الحزبية وتتيح للسلطة والإدارة التدخل في تركيبة وهيكلية الحزب السياسي، وطلبت الحكومة من الأحزاب السياسية إبداء مواقفها وملاحظاتها الأولية قبل صياغة المسودة النهائية.

ومن المتوقع أن يثير القانون مزيداً من الجدل السياسي في الجزائر بسبب بعض البنود والمضامين القانونية، التي تعتبرها الأحزاب مقيدة للعمل والممارسة السياسية وتتضمن تدخلاً للإدارة في تسيير الأحزاب وتنظيمها الداخلي وطبيعة تحالفاتها السياسية.

واضطرت الحكومة إلى تأجيل طرح مسودة قانون الأحزاب الجديد وعدم عرضه للنقاش في الدورة الخريفية للبرلمان، التي تنتهي في الثاني من يناير/كانون الثاني المقبل، وقررت أخذ مزيد من الوقت إلى حين الانتهاء من صياغة مسودة أكثر قبولاً من المسودة الأولى، ما يعني برمجة النقاش النيابي خلال الدورة الربيعية المقبلة.

ونقلت الأمينة العامة لحزب العمال اليساري لويزة حنون، عن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، رغبته في توسيع الاستشارة مع القوى السياسية بشأن قانون الأحزاب الجديد، وقالت إنها "طرحت ملاحظات الأحزاب على المسودة الأولى من مشروع قانون الأحزاب". وأوضحت أن تبون أكد لها أنه ليست لديه أية رغبة في التسلط على العمل النقابي والحزبي، وأنه ملتزم باستشارة الأحزاب حول مشروع قانون الأحزاب الذي يأتي لمطابقته مع دستور 2020.

وقال رئيس الكتلة النيابية لحركة مجتمع السلم أحمد صادوق، لـ"العربي الجديد"، اليوم الخميس، إنّ هناك "إجماعاً على أنّ قانون الأحزاب الحالي في الجزائر بحاجة إلى تعديل وتحسين، لكن هذا التعديل يتوجب أن يتم بناءً على التشاور مع الأحزاب نفسها لإبداء رأيها أولاً، وأقصد جميع الأحزاب بما فيها تلك التي لا تحوز في الوقت الحالي على تمثيل في البرلمان"، مشيراً إلى أن "أي تعديل لقانون الأحزاب يجب أن يستهدف بالأساس تمكين الأحزاب من أداء دورها وليس تقييدها".

وبحسب المسودة السابقة للقانون التي تضمنت 97 مادة، كانت الحكومة ترغب في فرض التداول على قيادات الأحزاب عبر تحديد المسؤولية في قيادة الأحزاب السياسية "بعهد واحد مدته خمس سنوات كأقصى حد، ويمكن تجديدها مرة واحدة على الأكثر"، بهدف الحد من تمسك قادة الأحزاب بمناصبهم لفترات طويلة، وهو بند أثار تحفظات استباقية لدى عدد من قادة الأحزاب السياسية في الجزائر.

ويحظر القانون الجديد كل علاقة أو ارتباط عضوي للأحزاب مع النقابات والجمعيات أو أي تنظيم آخر ليس له طابع سياسي، كما يمنع تلقيه بصفة مباشرة أو غير مباشرة أي تمويل من مصدر أجنبي بأي صفة أو شكل كان، على أن يتم التصريح لدى السلطات بأية هبات ووصايا وتبرعات من مصدر وطني.

وتشدد المسودة على منع الأحزاب السياسية من أي "استعمال للعلامات والشارات الخاصة بالدولة في وثائقه ومحرراته، وحظر استعمال اللغات الأجنبية في جميع نشاطاته داخل التراب الوطني"، كما يلزم هذا القانون الحزب السياسي، في حال ربطه علاقات تعاون مع أحزاب سياسية أجنبية لا تتعارض مبادئها وتوجهاتها مع مصالح الجزائر، الحصول على موافقة مسبقة من وزير  الداخلية، و"لا يمكن للحزب السياسي استغلال هذه العلاقات للقيام بأعمال في الخارج لفرض المساس بالدولة ورموزها ومؤسساتها ومصالحها الاقتصادية والدبلوماسية".

ووصف الناشط السياسي سمير لرابي، وهو قيادي في حزب يساري جرى حله قبل مدة قصيرة، في تصريح لـ"العربي الجديد"، المشروع التمهيدي للقانون العضوي للأحزاب السياسية بأنه "يوضح بجلاء أن السلطة السياسية في الجزائر مازالت بصدد فرض تقييد للحريات الديمقراطية، مثل ما فعلت مع الحركة النقابية سالفاً، خاصة من خلال تدخل الإدارة في الحياة الداخلية للأحزاب السياسية".

ويشير لرابي في السياق إلى الرغبة في فرض الرقابة على الأحزاب السياسية، "فالمادة 37 من المسودة تجعل السلطة هي من يقرر طبيعة الهياكل الحزبية واللجان الدائمة للتنظيم السياسي، ويعني أن الإدارة هي التي تحدد الأولويات التنظيمية والسياسية للحزب وليس المناضلون والقيادات الحزبية"، مضيفاً أن "السلطة حشرت أنفها حتى في طبيعة التحالفات السياسية للأحزاب والتصريح به لدى مصالح وزارة الداخلية (المادة 57)، ولوزارة الداخلية حق النظر، قبول ورفض هذه التحالفات السياسية".