مساعٍ روسية لإلغاء الحدود مع المناطق الأوكرانية المحتلّة

14 سبتمبر 2023
عند معبر أفيلو-أوسبنكا (أولغا مالتسيفا/فرانس برس)
+ الخط -

لا تحتاج تاتيانا لدخول الأراضي الروسية من المناطق الأوكرانية المحتلة سوى للوصول إلى أطراف منطقة دونيتسك، حيث تبرز جواز سفرها الروسي للحراس الذين تشكرهم ومن ثم تعبر الحدود.

وسيطرت موسكو على عدة نقاط حدودية منذ العام 2014، لكن عبور الحدود بات أكثر سهولة منذ ضمّ الكرملين أربع مناطق أوكرانية العام الماضي، وشجّع سكانها على الحصول على الجنسية الروسية.

وقالت تاتيانا (37 عاماً)، المتحدّرة من بلدة تحتلها روسيا عند خط الجبهة، لـ"فرانس برس": "بات الوضع مريحاً أكثر لأننا أصبحنا روساً".

وكانت تاتيانا تضطر للمرور في إجراءات شاقة أكثر من أجل دخول روسيا، تشمل عملية تفتيش يديرها انفصاليون تدعمهم موسكو ومن ثم الجمارك الروسية.

وقالت قرب نزل عند الحدود: "كان لدينا معبران، ما أدّى إلى تشكّل طوابير طويلة جداً".

وتحدثّت تاتيانا لـ"فرانس برس" بينما كانت متوجّهة إلى تاغانروغ، وهي بلدة في جنوب روسيا حيث عاش الكاتب أنطون تشيخوف، لقضاء بعض الحاجيات، بما في ذلك استصدار تأمين.

تعد المعابر الأكثر سلاسة من بين المؤشرات الواضحة على التغيّر الذي شهدته المنطقة منذ ضم الكرملين منطقة دونيتسك الصناعية، إلى جانب ثلاث مناطق أوكرانية أخرى، خلال مراسم ضخمة أقيمت العام الماضي.

وتكشف مدى السرعة التي تسعى السلطات الروسية من خلالها لاستيعاب المناطق التي جرى ضمها، رغم أن المجتمع الدولي، بما في ذلك حلفاء روسيا، لا يعترف بسلطة موسكو عليها.

الحياة على خط الجبهة

نظّمت موسكو، نهاية الأسبوع الماضي، انتخابات حكومية محلية في الأراضي الأوكرانية التي جرى ضمّها، وأعلنت فوز حزب "روسيا الموحّدة" المؤيد للكرملين بفارق كبير في كل منطقة.

وأعلن رئيس الوزراء ميخائيل ميشوستين، في مايو/ أيار، أن المسؤولين سلّموا حوالى مليوني جواز سفر روسي إلى أوكرانيين في المناطق المحتلة، لكن الجيش الروسي لا يسيطر إلى الآن بالكامل على أي من المناطق الأربع التي ضُمّت العام الماضي، فيما تحقق القوات الأوكرانية مكاسب في منطقتين منها، زابوريجيا في الجنوب ودونيتسك في الشرق.

ورغم ذلك، سافر الآلاف إلى روسيا بالحافلات أو السيارات من مدن محتلة مثل دونيتسك ولوغانسك وماريوبول، وهي مدينة ساحلية سيطرت عليها موسكو بعد حصار مشدد استمر شهوراً، لكن بعيداً عن خط الجبهة، تبدو آثار النزاع جلية في كل مكان.

وشاهد مراسلو "فرانس برس" على الطريق بين تاغانروغ ومعبر أفيلو-أوسبنكا مركبات عسكرية روسية تحمل الرمزين "Z" و"V".

وحلّقت مروحيتان هجوميتان روسيتان فوق المكان.

وقالت تاتيانا: "كلما اقتربت (من روسيا)، تشعر بالأمان أكثر"، واصفة الحياة في بلدتها الأوكرانية غورليفكا، الواقعة "على الجبهة"، بأنها خطيرة ومنهكة.

ومع اتساع رقعة النزاع ليصل إلى روسيا، حيث باتت الهجمات عبر الحدود بواسطة المسيّرات والقصف جزءا من الروتين اليومي، تسعى السلطات الروسية للسيطرة على القتال على جانب من الحدود.

"لسنا في روسيا بعد"

وأفاد سائق سيارة أجرة طلب عدم الكشف عن هويته بأن ضباط الجمارك الروس أوقفوا مؤخرا اثنين من الركاب، هما أم وابنها، لدى مغادرتهما منطقة لوغانسك الأوكرانية.

اتُّهم الرجل بالفرار من وحدته العسكرية فيما اتُّهمت والدته بمحاولة مساعدته على العودة.

وبينما بات الدخول إلى روسيا أسهل بالنسبة لمدنيين مثل تاتيانا، تبقى الصعوبات قائمة بالنسبة لسائقي الشاحنات الذين ما زالوا عرضة لعمليات تفتيش دقيقة ينفّذها ضباط الجمارك الروس.

وقال فلاد، سائق الشاحنة البالغ 26 عاما والذي يقضي ساعات طويلة في شاحنته في كل مرّة يمر، لـ"فرانس برس"، إنّ "قواعد عبور السيارات مختلفة جدا عن تلك المفروضة بالنسبة للمنتجات".

وفي مكان قريب، كانت موظفة البريد المتقاعدة ناتاليا بانتظار القطار الوحيد يوميا الذي يعيد الركاب من روسيا إلى منطقة دونيتسك المحتلة.

وقالت السيّدة البالغة 69 عاماً، لـ"فرانس برس"، بعدما زارت أقاربها في تاغانروغ: "نرغب بالتأكيد أن تكون هناك وسائل نقل أخرى.. لسنا في روسيا بعد، لكننا نأمل ذلك".

(فرانس برس)

المساهمون