حذر وزير الدفاع التونسي ابراهيم البرتاجي، خلال جلسة عامة خُصّصت لمساءلة الحكومة حول الوضع الأمني والاحتجاجات الليلية التي تعيشها البلاد بحضور وزيري الاقتصاد والشؤون الاجتماعية، من "توفر معلومات عن عمل عناصر إرهابية على استغلال "عمليات الشغب والنهب" الليلية لضرب مقومات الأمن واستقرار البلاد"، حسب قوله.
وأكد وزير الدفاع، في كلمته التي ألقاها ممثلاً عن الحكومة أمام البرلمان، اليوم الأربعاء، أنّ الوحدات الأمنية "قامت بضبط عناصر تكفيرية ومتطرفة ضمن العناصر المشاغبة أخيراً، كما تم حجز أسلحة بيضاء وقوارير مولوتوف حارقة".
ودعا الوزير إلى "تجنب اتهام الجميع بالإجرام أو تبرئتهم جميعاً، والتوقف عن تبرير أعمال العنف والشغب"، مشيراً إلى أن التدخل الأمني تجاه هذه التحركات التي جرت أخيراً "اتسم بالرصانة وضبط النفس، ولم تسجل إصابات في صفوف المحتجين بل في صفوف الأمنيين".
وشدد البرتاجي على أنه "من التجني الحديث عن الإفراط في استعمال القوة من الأمنيين، في حين أن العديد من الإصابات المسجلة كانت في صفوف عناصر الأمن".
ولفت إلى أن "الأمن وجد نفسه وحيداً خلال مواجهة الشغب، وبعض وسائل الإعلام وصل بها الأمر إلى التحريض على المؤسسة الأمنية".
وأكد وزير الدفاع التونسي أنّ "المؤسسة الأمنية في حاجة للدعم والمساندة، وأن قوات الدفاع الوطني لن تتوانى عن القيام بحماية المنشآت"، مؤكداً أن "هذه الأزمة ستمرّ، ولكن يجب أن يكون العمل جماعياً والأمل كذلك".
وقال البرتاجي إنّ أعمال الشغب تعود إلى انسداد الأفق وارتفاع نسب البطالة والانقطاع المبكر عن الدراسة، بالإضافة إلى الأسباب الظرفية التي تعود للوضع الصحي، وتبعات تفشي وباء كورونا، مشيراً إلى أن "الشباب والقصّر وجدوا أنفسهم بعيداً عن المدرسة والشارع، ما أدى إلى نوع من الاحتقان".
وأكّد البرتاجي، أنّ "بعض المنحرفين استغلوا ما حصل لبث الفوضى"، مضيفاً أنّ ما قام به بعض الشباب يعتبر أعمالا إجرامية من الناحية القانونية لكن لا يمكن أن ننعتهم بالمجرمين والسارقين، وكأن ذلك هو سلوكهم العادي''، مشيراً إلى أن "هناك من شجع القصّر على القيام بما قاموا به، من أعمال إجرامية".
وببن أن "التأطير العائلي والتربوي للشباب مفقود، وندعو الإطار التربوي والمجتمع المدني إلى أن يساهم في توعية الشباب وتأطيره".
وقال البرتاجي: "نثمن خروج رئيس الجمهورية ومخاطبته الشباب في أحد الأحياء التي جدت فيها الاحتجاجات" مشيراً في ذات السياق إلى أن "خطاب رئيس الحكومة كان مطمئناً".
واعتذر وزير الدفاع عن بعض العبارات التي أطلقها في كلمته إثر استنكار برلمانيين لما اعتبروه تمييزاً جهوياً لوصفه المحتجين "بالقادمين من الجهات الداخلية"، حيث قال الوزير إن أعمال الشغب كانت أكثرها في جهة الساحل، وذلك بسبب تعطل قطاع السياحة حيث وجد الشبان، لا سيما القادمين من جهات داخلية أخرى، أنفسهم في حالة بطالة، مبرزاً أن التحركات في محافظات الجنوب التونسي كانت "أقل عنفاً".
وقال النائب اليساري المعارض المنجي الرحوي، في مداخلته، إنّ الشرعية الثورية والشرعية الجماهيرية هي الوحيدة التي تقرّر طرق وأساليب الاحتجاج، مشيراً إلى أن الثورات والانتفاضات لا تقنن بالدساتير، وأن الشرعية الشعبية تمثل محركاً للمحتجين.
وحذر النائب عن "التيار الديمقراطي"، زياد الغناي، أنّ "التعامل العنيف مع المحتجين ينبئ بالخراب"، مؤكداً غياب سياسة عامة للحكومة في التعامل مع الوضع الاجتماعي.
واعتبر النائب المعارض عدنان الحاجي أنّ "الحكومات لم تأخذ بمطالب الشعب والمحتجين، وهو ما دفع بهم للخروج في احتجاجات صامتة لا مطالب لها"، مشيراً إلى أنه لا معنى للديمقراطية إن لم يتم تجسيدها على المستوى الاجتماعي.
ونبّه النائب في "حزب النهضة" فيصل دربال، من أنّ "الوضع ينبئ بالدمار نتيجة الظلم الاجتماعي"، واصفاً الوضع الصحي بأنّه "خطير جداً"، والحجر الصحي المطبق "مشكوك في نجاعته".
واعتبر النائب عن حزب "تحيا تونس" مروان فلفال، أن "حالة الانهيار والاحتقان تهدد بالانفجار الاجتماعي، فيما انشغلت الجهات الرسمية بالتحوير الوزاري".
ولفت إلى أن الإصغاء لمطالب الشعب والشباب "يمثل إحدى ركائز العقد الاجتماعي في البلدان الديمقراطية".
وقال النائب المستقل حاتم المليكي، إن "هناك ألف سبب يدفع الشباب للخروج إلى الشارع والاحتجاج"، متهماً هذه الحكومة بأنّها "قاصرة لأنها لا تفرق بين الاحتجاجات وأعمال الشغب".