مسؤول عراقي لـ"العربي الجديد": العام الحالي سيشهد نهاية إجراءات تأمين الحدود مع سورية

27 فبراير 2024
أطلق العراق بدعم غربي مشروعاً لتأمين الحدود مع سورية (Getty)
+ الخط -

قال المتحدث باسم قيادة العمليات العراقية المشتركة، اللواء تحسين الخفاجي لـ"العربي الجديد"، اليوم الثلاثاء، إنّ عمليات تأمين الحدود الدولية الغربية والشمالية مع سورية، التي انطلقت منذ 3 سنوات، متواصلة حتى نهاية العام الحالي، مؤكداً أن التأمين يتضمن جداراً أمنياً وأنفاقاً وسلسلة تحصينات تمنع جميع عمليات التسلل من الأراضي السورية إلى العراق.

وأطلق العراق فعلياً في العام 2020 بدعم غربي مشروعاً لتأمين الحدود مع سورية المحاذية لمحافظتي الأنبار ونينوى، والتي ما تزال تشهد عمليات تسلل فضلاً عن أنشطة تهريب المخدرات الآتية من الأراضي السورية.

واليوم الثلاثاء، أكد الخفاجي، لـ"العربي الجديد"، أنّ بلاده ستنتهي من عمليات التحصين والتأمين الكامل للحدود نهاية العام الحالي، موضحاً أن "وزارتي الدفاع والداخلية وعبر قيادة العمليات المشتركة تواصل أعمال إنشاء حواجز خرسانية على الشريط الحدودي من الجهة الشمالي الغربية في محافظة نينوى وتحديداً بلدة ربيعة ومدينة سنجار المقابلتين لمحافظة الحسكة السورية". وأضاف أن "الحواجز يتم وضعها حالياً في المناطق الأكثر تعقيداً ووعورة امتداداً من منفذ فيشخابور ولغاية منطقة جلبارات".

وأوضح أن "أعمال تأمين الحدود مع سورية تتضمن إنشاء جدار إسمنتي وحفر خنادق بعرض وعمق 3 أمتار، إضافة إلى مد الأسلاك الشائكة ونصب أبراج المراقبة، ونشر قطعات حرس الحدود ومن خلفها قطعات الجيش العراقي"، لافتاً إلى أنّ ذلك يأتي لضمان منع أي تسلل أو اختراق لمسلحي داعش للحدود من الجانب السوري، فضلاً عن ضبط عمليات الجريمة المنظمة والتهريب".

وسيمتد الجدار الخرساني الذي تقوم السلطات العراقية ببنائه على طول 160 كيلومتراً وبارتفاع 3 أمتار، من منطقة فيشخابور شمال غربي العراق، مروراً بمنطقة ربيعة وسنجار، وهذه المناطق هي نقطة نشاط لمسلحي حزب العمال الكردستاني وتقابلها مناطق سورية يسيطر عليها مسلحو قوات سورية الديمقراطية "قسد".

وينشر الجانب العراقي قوات حرس الحدود والجيش العراقي و"الحشد الشعبي" على الشريط الحدودي، في المقابل تنتشر جماعات مسلحة متعددة ومختلفة التوجهات على الجانب السوري، فمناطق محافظة الحسكة ومناطق في دير الزور تخضع لسيطرة المليشيات الكردية مدعومة بالقوات الأميركية، بينما تفرض قوات النظام السوري مدعومة بفصائل مسلحة قريبة من إيران سيطرتها على المناطق الشرقية في دير الزور والتي تقابل محافظة الأنبار العراقية. 

الجدار وحزب العمال على الحدود مع سورية

عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي عن دورته السابقة، علي المتيوتي، أكد لـ"العربي الجديد"، أنّ إجراءات ضبط الحدود مع سورية من قبل القوات العراقية تسير بشكل ممتاز، موضحاً أنها تلعب دوراً كبيراً في منع تسلل المسلحين من الجانب السوري.

وقال المتيوتي، الذي ينحدر من بلدة سنجار، القريبة من الحدود العراقية السورية إنّ "القوات العراقية وبعد مرحلة داعش بدأت بعمليات متصاعدة لضبط الأمن في الحدود وتجنب ما حدث في السنوات السابقة".

وأضاف أنّ "تأمين الشريط الحدودي عبر الجدار الكونكريتي وحفر الخنادق ونشر المناطيد وكاميرات المراقبة والطائرات المسيرة ونشر القوات من شأنه أن ينهي أنشطة داعش، فضلاً عن مشاركته في القضاء على عمليات تهريب المخدرات والمواد عبر الحدود"، لكن المتيوتي لفت إلى عدم جدوى تلك الإجراءات في وقف أنشطة حزب العمال الكردستاني على الحدود لا سيما في منطقة سنجار التي تخضع الكثير من مناطقها لسيطرة مسلحي الحزب.

وتابع أن "حزب العمال يمتلك العديد من الأنفاق بين البلدين، ولذلك من الممكن أن يواصل أنشطته على الحدود"، مشدداً على أهمية أهمية إنهاء الوجود المسلح لحزب العمال في سنجار لضمان تأمين الحدود بشكل كامل، معتبراً أنّ القرار السياسي العراقي الداعم للقرار الأمني حال حدوثه "سيكون له الأثر الواضح في تحجيم حزب العمال في المنطقة".

ومطلع العام الجاري، افتتحت وزارة الداخلية العراقية جزءاً من الجدار في منطقة الباغوز شمال الفرات، على الشريط الحدودي العراقي السوري، وبينت أنّ طول الحاجز على الحدود يبلغ 160 كيلومتراً، وبارتفاع 3 أمتار شمال نهر الفرات. 

الجدار والفصائل المسلحة على الحدود مع سورية

الخبير والمحلل العسكري والباحث في مركز "راسام" للدراسات حاتم الفلاحي استبعد السيطرة الأمنية الكاملة على الشريط الحدودي بين العراق وسورية.

وقال الفلاحي، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ "إنشاء جدار الصد بين الحدود العراقية السورية من شأنه المساهمة في منع أنشطة داعش على الحدود"، لكنه أوضح أنّ طول الحدود التي تزيد عن 600 كيلومتر، فضلاً عن عدم امتلاك قوات حرس الحدود العراقية الكفاءة والقدرة القتالية العالية والتسليح الجيد يجعل من مسألة ضبط الحدود بشكل كامل أمراً مستبعداً".

ولفت الفلاحي إلى أنّ التهديدات والمخاطر القادمة من الحدود مع الجانب السوري ليس مصدرها "داعش" فقط، مؤكداً أنّ حزب العمال يشكّل تهديداً للعراق، وكذلك الفصائل المسلحة المعروفة بقربها من إيران تشكّل الأخرى تهديداً للأمن العراقي. 

وأضاف "ظهر ذلك واضحاً من خلال الهجمات الصاروخية التي نفذتها تلك الفصائل ضد القوات الأميركية والتي وضعت الحكومة العراقية في حرج ومأزق"، لافتاً إلى أن الإجراءات المتبعة على الشريط الحدودي لا تعالج التهديدات والمخاطر التي مصدرها حزب العمال والفصائل المسلحة الأخرى، لاسيما وأن تلك الجماعات تفرض سيطرتها الأمنية على المناطق الحدودية من الجانبين. 

الجدار والممر الإيراني

من جهته، يرى رئيس المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية غازي حسين أنّ "الجدار الذي تشيده القوات العراقية يمثل حاجزاً وقائياً يمنع توغل مسلحي داعش المتواجدين في سورية والذين يقدر عددهم هناك بالآلاف".

وأشار حسين، في حديث مع "العربي الجديد" إلى أنّ "الجدار سيكون له الأثر البارز في الحد من عمليات التسلل للمنظمات الإرهابية ومافيات الجريمة المنظمة وعمليات التهريب الخاصة بالأسلحة والمخدرات والنفط والآثار والسلع".

واستبعد حسين أن يؤثر الجدار الأمني على أنشطة الفصائل المسلحة المدعومة إيرانياً، وقال إنّ "الفصائل المسلحة غالباً ما تستخدم الطرق الاعتيادية والمنافذ الرسمية في نقل الأسلحة والنفط بين البلدين"، لافتاً إلى أن هذا الجدار لن يؤثر على الممر الإيراني الممتد إلى المتوسط عبر الأراضي العراقية وتحديداً سنجار والأنبار.

ويشترك العراق مع سورية في 4 معابر رسمية، هي معبر سيمالكا في منطقة الخابور بمحافظة دهوك، ومعبر ربيعة الذي يربط بين محافظتي نينوى والحسكة، ومعبري البو كمال - القائم، والوليد - التنف اللذين يربطان الأنبار ودير الزور.

وشهدت الحدود العراقية السورية على مدى العقدين الماضيين عمليات تسلل لجماعات مسلحة منها القاعدة و"داعش"، فضلاً عن عمليات تهريب واستيلاء جماعات مسلحة مختلفة على المناطق الحدودية مع العراق.

المساهمون