مسؤولون إسرائيليون يحذّرون من فقدان السيطرة على المستوطنين وإحراق عائلات فلسطينية

26 يونيو 2023
تشير التقديرات إلى أن الاحتلال فقد السيطرة على إرهاب المستوطنين (محمود عليان/أسوشييتد برس)
+ الخط -

تشير تقديرات جهات في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، إلى أن جيش الاحتلال فقد السيطرة على إرهاب المستوطنين في الضفة الغربية، واعتداءاتهم على منازل الفلسطينيين ومركباتهم وممتلكاتهم في عدة مناطق، بحسب ما نقله موقع "والا" الإسرائيلي، صباح اليوم الاثنين.

بدورها، نشرت صحيفة "هآرتس" تقديرات لجهات أمنية أخرى، تتحدث عن أن إرهاب المستوطنين قد لا يتوقف قبل إحراق عائلة فلسطينية أخرى، على غرار ما حدث لعائلة دوابشة في قرية دوما بمحافظة نابلس شمالي الضفة الغربية عام 2015، عندما أحرقهم المستوطنون وهم نيام في منزلهم، ما أدى إلى استشهاد الأب سعد، والأم ريهام، والرضيع علي، فيما أصيب الطفل أحمد بحروق بالغة.

ويحدث كلّ ذلك، برعاية رسمية من حكومة الاحتلال، بوقوف وزراء أمثال وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، ووزير المالية، الوزير في وزارة الأمن والمسؤول عن الاستيطان، بتسلئيل سموتريتش، إلى جانب المستوطنين، فيما تبدو تصريحات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خجولة.

وفي أعقاب تقييم للوضع الأمني أجرته الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، بالتشاور مع "الشاباك"، قرر رئيس هيئة أركان جيش الاحتلال هرتسي هليفي، مساء أمس الأحد، استدعاء كتيبتين إضافيتين إلى منطقة الضفة الغربية، تضافان إلى تعزيزات قوات الاحتلال الأسبوع الماضي.

ونقل موقع "والا" عن مسؤول أمني إسرائيلي لم يسمّه، قوله "إننا نقترب من اللحظة التي سيخرج فيها نطاق الجريمة القومية (إرهاب المستوطنين) عن السيطرة". وأوضح المصدر أنه منذ العملية قرب مستوطنة "عيلي" التي أسفرت عن مقتل أربعة مستوطنين وإصابة أربعة آخرين، وحتى يوم أمس، "تم الإبلاغ عن 85 جريمة قومية. في نهاية الأسبوع الماضي وحده، تم الإبلاغ عن 25 جريمة قوميّة، كان معظمها إحراقا متعمدا (لبيوت فلسطينيين). ما الذي تغيّر عن السنوات السابقة؟ حجم العمليات والأماكن التي تركّز عليها، هناك عدد أكبر بكثير من الأماكن ومن العنف في ذات الوقت".

وأضاف المصدر الأمني نفسه أن "الشرطة لا تعزز فعلاً سيطرتها وتواجدها في الميدان، والجيش لا ينجح في السيطرة على ما يحدث، ولا توجد قوات كافية لكلّ المناطق التي تتركز فيها الأحداث. ولهذا تقرر زيادة الكتائب، وهناك نية حسب تقديرات الوضع، لزيادة عدد القوات المقاتلة على حساب التدريبات للحرب".

ونقل الموقع عن مسؤول في قوات جيش الاحتلال المتواجدة في الضفة الغربية، قوله: "هناك شعور بفقدان السيطرة في الميدان. عادة ما تكون هناك جريمة قوميّة ليوم أو يومين، وليس أكثر من ذلك، الأوضاع الميدانية ليست هادئة. في الوقت الحالي لا توجد قوة كافية لوقف عمليات الحرق العمد ضد الفلسطينيين".

ورأى المصدر أنّ الجرائم القومية التي يرتكبها المستوطنون، تزيد احتمالات رد الفلسطينيين بعمليات ضد أهداف إسرائيلية، وعليه تقرّر تعزيز القوات الإسرائيلية.

استيطان بلا رادع

من جانبه، استعرض المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس" عاموس هرئيل، عوامل عدة من شأنها زيادة الاحتقان، كما نقل تخوفات مسؤولين أمنيين عن احتمال تسبب جرائم المستوطنين بإحراق عائلات فلسطينية.

وذكر أن المستوطنين يدركون بأن لديهم دعماً من داخل حكومة الاحتلال لإقامة بؤر استيطانية جديدة، فيما يغض نتنياهو الطرف عن أعمالهم الإرهابية. وأشار الكاتب إلى تقديرات في الأجهزة الأمنية بأن البؤر الاستيطانية التي أقيمت في الأيام الأخيرة ستبقى.

وأشار هرئيل إلى أنه "بتشجيع من وزراء اليمين المتطرف، عاد المستوطنون إلى البؤرة الاستيطانية أفيتار، التي أخلتها الحكومة السابقة قبل نحو عامين. وجاء هذا استمراراً لنقل المعهد الديني في (البؤرة الاستيطانية) حومش الشهر الماضي. كلتا الخطوتين غير قانونيتين، ولكن الجيش لا يعمل ضدهما، بل يتلقّى تعليمات مباشرة من الحكومة بعدم التدخّل، ويضع قوات لحماية الخارجين على القانون". واستشهد المحلل العسكري بزيارة بن غفير إلى أفيتار يوم الجمعة الماضي، وتحريضه المستوطنين: "اركضوا إلى التلال".

وأكد هرئيل، أنه حتى قبل العملية قرب مستوطنة "عيلي"، لم يشعر المستوطنون بأن هناك من يحاول عرقلتهم، كما أن الحكومة منحت سموتريتش صلاحيات أوسع بشأن الاستيطان، وقلّصت إجراءات المصادقة على البناء الاستيطاني وصدّقت على بناء 4600 وحدة استيطانية في المستوطنات، وألف وحدة إضافية في مستوطنة "عيلي".

ونقل المحلل العسكري تقديرات "مسؤولين أمنيين أمس الأحد، بأن البؤر الاستيطانية التي أقيمت في الأسبوع الأخير ستبقى، على الرغم من وضوح عدم قانونيتها، وأن أقوال نتنياهو في افتتاح جلسة الحكومة بأن الدعوة للاستيلاء على أراضٍ بشكل غير قانوني ليست مقبولة عنده، لم تقنعهم، وكان مجرد كلام بسبب الضغوطات (الخارجية) عليه".

إحراق عائلات فلسطينية ودوابشة 2؟

وأردف هرئيل بأن المشهد المكمّل للاستيطان يحدث كل ليلة، من قبل "فتية التلال"، ولكن ليسوا وحدهم، ومعتبراً أنه "من الخطأ أن تُنسب عمليات البوغروم (في هذه الحالة جماعات إسرائيلية ترتكب مذابح وهجمات جماعية ضد الفلسطينيين) إلى فتية التلال من البؤر الاستيطانية وحدهم. في مقاطع الفيديو التي ينشرها الفلسطينيون من الأحداث، نشاهد أشخاصاً أكبر أيضاً، والذين يسكنون كما يبدو في مستوطنات أقدم. ويظهر فيها تواجد مسلحين مزودين بأسلحة، وأحياناً يطلقون النار. هذه أسلحة عسكرية، ومطلقو النار هم جنود في الخدمة المنتظمة يتواجدون في إجازة، أو أعضاء في صفوف الجهوزية (الأمنية) في المستوطنات. حتى اليوم اعتُقل جندي واحد بشبهة إلقاء حجارة في قرية أم صفا قبل يومين، ولكن يوجد المئات مثله ممن شاركوا في الأحداث".

وعلى الرغم من البيان المشترك لجيش الاحتلال، وجهاز "الشاباك"، والشرطة، باعتبار أعمال المستوطنين "جرائم قوميّة بكلّ ما تحمل الكلمة من معنى"، امتنع نتنياهو في جلسة الحكومة عن التطرق إلى الأحداث.

وقال المحلل العسكري إن ما يسمعه المستوطنون الضالعون في الأحداث الإرهابية ضد الفلسطينيين هي تصريحات سموتريتش، الذي سبق أن دعا إلى محو حوارة، ويطالب الأجهزة الأمنية اليوم بالتركيز على مكافحة ما يسمّيه الإرهاب الفلسطيني، كما يهاجم وضع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية عمليات الطرفين في الخانة نفسها.

كما هاجم سموتريتش قيام جيش الاحتلال بتفتيش مركبات المستوطنين لدى خروجها من مستوطنة "عطروت"، في أعقاب حرق بيوت الفلسطينيين في بيت صفا.

ويوصي عدد من كبار المسؤولين في جهاز الأمن الإسرائيلي، بتوسيع دائرة الاعتقالات بحق المستوطنين الضالعين بالأعمال الإرهابية، ويرون، بحسب ما نقله هرئيل، أنه "بدون تدخّل فوري، فإن العنف لن يتوقف إلا بعد قتل عائلة فلسطينية، مثلما حدث في صيف 2015، حيث قُتل ثلاثة أفراد من عائلة دوابشة في قرية دوما".

وخلص الكاتب الى أن جيش وشرطة الاحتلال بعيدين عن نيل التقدير بشأن مكافحتهم "الإرهاب اليهودي" في الضفة الغربية، وليس بنفس الدافعية حين يكون الحديث عن "إرهاب فلسطيني" على حدّ تعبيره، "ولكن الجناح اليميني المتطرف للمستوطنين، والذي يُمثَّل للمرة الأولى أيضاً بشكل كبير في الحكومة، يريد أن يحقق أكثر من ذلك. يريد الإشارة إلى ضباط بعينهم كمشتبه فيهم بأنهم يساريون على نحو خطير، وبالتالي ثنيهم عن أي عمل (يخالف توجهات الحكومة)".

المساهمون