مسؤولون إسرائيليون يتوقعون استمرار الهجوم المكثف على غزة من 6 إلى 8 أسابيع

19 فبراير 2024
تستعد إسرائيل لشن غزو بري لمدينة رفح المكتظة بالنازحين (رويترز/ Getty)
+ الخط -

تعتقد إسرائيل أن بإمكانها إلحاق ضرر كبير بقدرات حماس المتبقية

مسؤولون: لن يكون آمنا نقل السكان من رفح للشمال دون كهرباء ومياه

واشنطن متشككة بتجهيز إسرائيل استعدادات كافية لإجلاء آمن للمدنيين

الفرصة ضئيلة في أن تلغي إسرائيل الهجوم البري المزمع على رفح

قال أربعة من المسؤولين المطلعين على الخطط الإسرائيلية، لوكالة رويترز، إن إسرائيل تتوقع مواصلة الحرب على قطاع غزة لمدة تتراوح من ستة إلى ثمانية أسابيع أخرى، إذ تستعد لشن غزو بري لمدينة رفح في أقصى جنوب القطاع الفلسطيني.

وأوضح المسؤولون، وهم إسرائيليان ومسؤولان آخران في المنطقة طلبوا عدم ذكرهم بالاسم للتحدث بحرية، أن القادة العسكريين في إسرائيل يظنون أن بإمكانهم إلحاق ضرر كبير بما تبقى من قدرات "حماس" خلال هذه الفترة، مما يمهد الطريق للتحول إلى مرحلة أقل كثافة من الضربات الجوية المستهدفة وعمليات القوات الخاصة.

وقال آفي ميلاميد، المسؤول السابق في المخابرات الإسرائيلية والمفاوض في الانتفاضتين الفلسطينيتين الأولى والثانية في الثمانينيات والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين، إن الفرصة ضئيلة في أن تستجيب حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للانتقادات الدولية، وتلغي الهجوم البري المزمع على رفح.

وأضاف أن "رفح هي آخر معقل لسيطرة حماس، ولا تزال هناك كتائب في رفح يجب على إسرائيل تفكيكها لتحقيق أهدافها في هذه الحرب".

وقال وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت يوم الجمعة، إن الجيش يخطط لعمليات في رفح تستهدف مقاتلي "حماس" ومراكز قيادة الحركة وأنفاقها، لكنه لم يحدد جدولاً زمنياً للحملة، وأكد أنه يجري اتخاذ "إجراءات استثنائية" لتجنب الخسائر البشرية من المدنيين.

وأضاف في مؤتمر صحافي: "كان هناك 24 كتيبة في غزة، وفكّكنا 18 منها.. الآن، رفح هي مركز الثقل التالي لحماس".

ويوجد أكثر من مليون مدني فلسطيني محاصرين في رفح الواقعة على الحدود مع مصر، ولم يعد أمامهم مكان للفرار، بعد نزوحهم هرباً من الهجمات الإسرائيلية التي دمرت جزءاً كبيراً من القطاع.

وفي الأسبوع الماضي الذي شهد توتراً دبلوماسياً شديداً، اتصل الرئيس الأميركي جو بايدن هاتفياً بنتنياهو مرتين لتحذيره من شن عملية عسكرية في رفح دون خطة موثوقة لضمان سلامة المدنيين. وقال نتنياهو نفسه إنه سيسمح للمدنيين بمغادرة منطقة القتال قبل الهجوم، مع تعهده بتحقيق "النصر المبين". ولم يوضح الجيش الإسرائيلي كيف سينقل أكثر من مليون شخص بين أنقاض القطاع.

رصيف عائم إلى الشمال من رفح

ووفقاً لمصدر أمني إسرائيلي ومسؤول إغاثة دولي، طلبا عدم نشر هويّتهما، يمكن فحص سكان غزة لـ"التخلص" من أي مقاتلين من "حماس" قبل توجيههم شمالاً. وقال مصدر إسرائيلي منفصل إن إسرائيل يمكن أن تبني أيضاً رصيفاً عائماً إلى الشمال من رفح لإتاحة وصول المساعدات الدولية والسفن المجهزة كمستشفيات عن طريق البحر.

ومع ذلك، قال المسؤول الأمني إنه لن يُسمح للفلسطينيين بالعودة إلى شمال غزة جماعياً، مما يترك الأراضي التي تتناثر فيها الشجيرات حول رفح خياراً للمخيمات المؤقتة. وقال المسؤولان في المنطقة أيضاً إنه لن يكون من الآمن نقل عدد كبير من الأشخاص إلى منطقة في شمال القطاع بلا كهرباء ولا مياه جارية ولم تُطهّر من الذخائر غير المنفجرة.

وذكر عدة مسؤولين مطلعين على المحادثات بين الحكومتين أن واشنطن متشككة في أن تكون إسرائيل جهزت استعدادات كافية لإجلاء آمن للمدنيين. وقال بايدن يوم الجمعة إنه لا يتوقع حدوث غزو بري إسرائيلي "شامل" قريباً.

وعلاوة على ذلك ترى "حماس" أن "النصر المبين" الذي وعد به نتنياهو لن يكون سريعاً أو سهلاً.

"حماس": فقدنا ستة آلاف مقاتل خلال الحرب

وقال مسؤول من "حماس" يقيم في قطر لـ"رويترز" إن تقديرات الحركة تفيد بأنها فقدت ستة آلاف مقاتل خلال الحرب المستمرة منذ أربعة أشهر، أي نصف العدد الذي تقول إسرائيل إنها قتلته وهو 12 ألفاً. وأضاف المسؤول الذي طلب عدم ذكره بالاسم إن الحركة التي تدير قطاع غزة يمكنها مواصلة القتال وهي مستعدة لحرب طويلة في رفح وغزة.

وقال: "نتنياهو خياراته صعبة ونحن خياراتنا صعبة، هو يقتل وبإمكانه أن يحتل غزة وعنده غطاء لذلك، لكن في الوقت نفسه حماس صامدة وتقاتل. لم يحقق أهدافه لقتل القيادة العسكرية وإبادة حماس".

منطقة عازلة على حدود غزة

وتغلق مصر حدودها مع القطاع. وتصر القاهرة على معارضتها لتهجير الفلسطينيين من غزة في إطار رفض عربي أوسع لأي تكرار "للنكبة" عندما فر 700 ألف فلسطيني أو أجبروا على ترك ديارهم خلال حرب عام 1948 التي صاحبت إعلان قيام إسرائيل.

وقالت ثلاثة مصادر أمنية في مصر لـ"رويترز"، وطلبت عدم نشر أسمائها بسبب حساسية الأمر، إن مصر تمهد منطقة على حدود غزة يمكن استخدامها في حال الضرورة لإيواء لاجئين فلسطينيين إذا أدى هجوم إسرائيلي على رفح إلى نزوح جماعي عبر الحدود، إلا أن الحكومة المصرية نفت القيام بأي استعدادات من هذا القبيل.

"تعهد للضحايا"

قال ميلاميد، المسؤول السابق في المخابرات الإسرائيلية، إن التأخير الوحيد المحتمل للهجوم الإسرائيلي على رفح يمكن أن يحدث إذا قدمت "حماس" تنازلات في المفاوضات وأطلقت سراح الرهائن الذين احتجزتهم في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول.

وأضاف: "حتى ذلك لن يؤدي إلا إلى تأخير التقدم نحو رفح ما لم يقترن بنزع السلاح في المدينة واستسلام كتائب حماس هناك". وقال مسؤول أمني كبير في المنطقة إن إسرائيل تظن أن بعض قادة حركة "حماس" والرهائن موجودون في رفح.

وفي هذا الشهر، وبعد أسابيع من المفاوضات، اقترحت "حماس" وقفاً لإطلاق النار لمدة أربعة أشهر ونصف الشهر، يُطلَق خلاله سراحُ جميع المحتجزين الإسرائيليين، وتسحب إسرائيل قواتها من قطاع غزة، ويُتوصل إلى اتفاق بشأن إنهاء الحرب.

ورفض نتنياهو العرض ووصفه بأنه "وهمي". وانتهت جولة جديدة من المحادثات التي شملت الولايات المتحدة ومصر وإسرائيل وقطر بهدف التوصل إلى هدنة يوم الثلاثاء في القاهرة دون تحقيق انفراجة.

وقالت المصادر الأميركية إن كبار المسؤولين الأميركيين يرون أن التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح المحتجزين المتبقين مقابل هدنة طويلة للصراع هو أفضل طريق لإفساح المجال أمام محادثات أوسع نطاقاً، وأضافوا أنهم مع ذلك يشعرون بالقلق من أن مثل هذا الاتفاق قد لا يتحقق في الأسابيع المقبلة، وأن الحرب ستستمر حتى شهر رمضان في مارس/ آذار وإبريل/ نيسان، مما قد يؤدي إلى تكثيف الانتقادات العالمية للحملة الإسرائيلية.

ويبدو أن التوصل إلى اتفاق شامل لإنهاء الصراع أمر بعيد المنال. ووفقاً لعدة مصادر في المنطقة، بما في ذلك مصادر في "حماس" والسلطة الفلسطينية، فإن أي محاولة لتشكيل حكومة لإدارة غزة بعد الحرب لا يمكن أن تنجح إلا إذا حصلت على موافقة "حماس"، ومع ذلك، لا يمكن للوضع أن يستمر كما كان من قبل.

وفي حين تتعهد إسرائيل بالقضاء على "حماس"، قالت الحركة ومسؤولون في المنطقة إن "حماس" وزعيمها في غزة يحيى السنوار سيقاتلان حتى الموت بدلاً من الاستسلام أو العيش في الخارج.

ولا تزال إسرائيل تعارض أي اتفاق يتضمن وقفاً دائماً لإطلاق النار أو إقامة دولة فلسطينية، على الرغم من الضغوط الأميركية والاحتجاجات الدولية المنددة بمعاناة المدنيين في غزة وعدم إحراز تقدم نحو حل سلمي دائم.

ومنذ أكتوبر/ تشرين الأول، زار وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن المنطقة خمس مرات. وقالت وزارة الخارجية الأميركية الشهر الماضي إن واشنطن "تسعى بنشاط إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة" مع ضمانات أمنية لإسرائيل، وتستكشف الخيارات مع شركاء في المنطقة.

وقال وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون لأعضاء البرلمان أيضاً إن بريطانيا وحلفاءها "سينظرون في مسألة الاعتراف بالدولة الفلسطينية، بما في ذلك في الأمم المتحدة".

ولم تعترف إسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا رسمياً بفلسطين، على عكس ما يقرب من 140 دولة أخرى في الأمم المتحدة.

(رويترز)