مراوغات مجلسي النواب والدولة الليبيين

25 مايو 2023
ملّ الليبيون الأزمات السياسية (محمود تركية/فرانس برس)
+ الخط -

أعلنت "لجنة 6+6" الليبية، المشكلة من مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، والمكلفة إعداد القوانين الانتخابية، عقب اجتماعات عقدتها في المغرب، عن توافق أعضائها "بشكل كامل حول النقاط المتعلقة بانتخاب رئيس الدولة ومجلس الأمة". لكن يبدو أنّ البيان يتضمن مراوغة جديدة من مراوغات المجلسين.

اللافت أن البيان لم يذكر أي موعد لتسليم القوانين الانتخابية المتفق عليها إلى مجلسي النواب والدولة لتتم دعوة أعضائهما إلى جلسات رسمية للمصادقة على القوانين بما يتيح دخولها حيز التنفيذ. كما تُمكن ملاحظة أن ما ذكره البيان بشأن النقاط التي تم الاتفاق عليها لم يتجاوز الحديث عن ملف الانتخابات البرلمانية من دون التطرق للانتخابات الرئاسية.

حدث ذلك على الرغم من أن البيان صرّح بأن التوافق الكامل كان حول الانتخابات الرئاسية والبرلمانية. مع العلم أنه لا خلاف حول شكل وقوانين الانتخابية، بل الخلاف حول انتخاب رئيس الدولة، لا سيما شرْطَي منع العسكريين ومزدوجي الجنسية.

والواقع أنه لا جديد في اتفاقات اللجنة سوى دعوتها "إلى تشكيل حكومة موحدة" بحجة ضرورتها للتمهيد لإجراء الانتخابات، وهي دعوة تتنافى تماماً مع تأكيد بيان اللجنة التزامها "في عملها بمهامها ومقتضيات تشكيلها الواردة في المادة 30 من التعديل 13 للإعلان الدستوري". فالمادة 30 حددت مهامها بإعداد القوانين الانتخابية لا التدخل في الشأن السياسي والتوسط لحلّ الأزمة الحكومية.

حتى مطلع الأسبوع الماضي كانت تصريحات أعضاء اللجنة تتحدث عن عراقيل يسعون جاهدين لتجاوزها من أجل التوصل إلى اتفاق حول القوانين الانتخابية. وقبل اللجنة تشكلت لجان لذات المهمة وأجريت اتصالات ولقاءات بين أعضاء المجلسين، وعقد أكثر من اجتماع بين رئيسي المجلسين، عقيلة صالح وخالد المشري، لكنها كلها فشلت. واصطدمت في كلّ مرة بعقبة شرْطَي ترشيح العسكريين ومزدوجي الجنسية، فما الجديد؟ وما الذي حدث حتى تتفق لجنة 6+6 في غضون يومين فقط وبشكل فجائي حول تلك القوانين؟

يبدو أنّ ما ظهر - وهو المطالبة بتشكيل حكومة موحدة، وما خفي - وهو شكل التوافق حول شرطي العسكريين ومزدوجي الجنسية، هما لب القضية ومضمون الرسالة التي أراد المجلسان توجيهها للبعثة الأممية وللمجتمع الدولي، ومفادها بأنّه لا اتفاق حول انتخابات رئيس الدولة إذا لم تتشكل حكومة موحدة وفقاً لرغبات المجلسين التي لن تنتهي ولن تنجز معها أي انتخابات.

المساهمون