مخاوف من إطالة أمد الصراع في السودان مع سعي طرفيه للسيطرة

29 ابريل 2023
وصف دبلوماسي إقليمي بارز الوضع في السودان بأنه "مرعب" (Getty)
+ الخط -

يخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ أسبوعين صراعاً، وسط مؤشرات على أنه لا يمكن لأي منهما أن يحقق نصراً حاسماً، مما يثير المخاوف من أن تؤدي حرب طويلة الأمد إلى زعزعة استقرار منطقة مضطربة بالفعل.

ورغم سقوط مئات القتلى وتحول العاصمة الخرطوم إلى منطقة حرب، لا توجد مؤشرات تذكر على إمكانية التوصل إلى تسوية بين قائد الجيش الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، المعروف باسم حميدتي.

ويبذل وسطاء أجانب جهوداً حثيثة لوقف الانزلاق إلى الحرب. وأدى القصف المدفعي والضربات الجوية في الخرطوم والصراع في أماكن أخرى، مثل منطقة دارفور الغربية، إلى تقويض عدة اتفاقات لوقف إطلاق النار توسطت فيها الولايات المتحدة ودول أخرى.

وأشار مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى السودان فولكر بيرتس، اليوم السبت، إلى وجود مؤشرات على مزيد من الانفتاح على التفاوض، لكنه قال إنّ الخرطوم شهدت تجدد القتال.

وأعلن حميدتي والبرهان استبعادهما فكرة التفاوض مع بعضهما في تصريحات علنية منذ بدء القتال.

وضع "مرعب"

وستكون مخاطر الصراع وخيمة بالنسبة للسودان والدول السبع المجاورة له والتي قد يتزعزع استقرارها بسبب الصراع في بلد له تاريخ من الحروب الأهلية، ومنها الحرب التي استمرت عقوداً وانتهت بانفصال جنوب السودان في 2011.

ورغم ما يمتلكه الجيش من طائرات مقاتلة ودبابات، فإنه لم يتمكّن حتى الآن من طرد مقاتلي الدعم السريع من الخرطوم التي نجت من أعمال العنف في الحروب الأهلية السابقة في السودان.

ويتجلى ذلك في معركة طويلة للسيطرة على العاصمة الواقعة على نهر النيل. وقال الجيش يوم الخميس إنّ مقاتلي "الدعم السريع" على وشك الهزيمة، لكن دبلوماسياً غربياً قال إنّ قوات الدعم السريع لها اليد العليا.

وفرّ الكثير من المدنيين من العاصمة إلى مناطق أكثر أماناً. ووصف السكان الوضع بأنه يشهد حالة من الانهيار السريع في ظل انتشار العصابات واللصوص في الشوارع الخالية، وتعرض الأحياء لضربات جوية وقصف مدفعي ونفاد الطعام والوقود.

وحتى لو تمكّن الجيش من الانتصار في الخرطوم، يشعر المحللون بالقلق من أن يتحول الأمر إلى حروب داخلية كما هو المعتاد، مما يضع الجيش الذي تديره نخبة قوية في العاصمة في مواجهة السكان الغاضبين المنحدرين من مناطق تعاني التهميش، مثل دارفور، المنطقة التي ظهر فيها حميدتي وقوات الدعم السريع لأول مرة كقوة مقاتلة.

ووصف دبلوماسي إقليمي بارز الوضع بأنه "مرعب".

وقال الدبلوماسي "سنشهد الكثير من الانقسام"، معبّراً عن قلقه من تجدد الصراع بين مركز الحكم في الخرطوم والمناطق النائية في بلد يبلغ تعداده 46 مليون نسمة.

وقال الدبلوماسي الغربي إنّ الوسطاء سعوا للتوصل إلى وقف لإطلاق النار و"استقرار الوضع بهذه الطريقة، بدلاً من التوصل إلى نوع من اتفاق سلام كبير"، الأمر الذي يبرز صعوبة إقرار السلام في المستقبل.

وتساءل "ما الذي سيتحدثان عنه ولم يكن مطروحاً على الطاولة قبل بدء الصراع؟"، مضيفاً أنه لا يمكن لأي من الجانبين تحقيق نصر عسكري حاسم أو السيطرة على جميع أراضي السودان.

وقال أحمد سليمان من مركز "تشاتام هاوس" البحثي في لندن إنه توقع "سيناريو سيئاً للغاية في كلتا الحالتين مع وجود احتمال ضئيل لإيجاد حل قصير الأجل من شأنه إيقاف القتال بشكل دائم".

وأضاف سليمان "قوات الدعم السريع متمرسة على القتال باستخدام أساليب حرب العصابات في المناطق الحضرية، بينما تملك القوات المسلحة السودانية القوة الجوية والدبابات وإمكانات لوجستية أفضل".

وتابع أنّ الجيش يحاول على ما يبدو ملاحقة حميدتي على أمل توجيه ضربة قاصمة لقوات الدعم السريع.

وأردف "ربما يكونون بمرور الوقت قادرين على طرد قوات الدعم السريع من الخرطوم... إن نجح ذلك السيناريو، فسيزداد التنافس في إقليم دارفور وهو أمر بدأنا في رؤية آثاره".

ضغوط أجنبية

من شأن العنف أن يقضي على العملية السياسية إلى الأبد، وهي عملية كان من المفترض أن ترسي أسس الديمقراطية في السودان بعد الإطاحة بعمر البشير وقاعدته السياسية الإسلامية في 2019 بعدما أمضى ثلاثة عقود في السلطة.

ويساور القلق السودانيين الذين ناضلوا من أجل الحكم المدني من عودة العهد الماضي، وأن تتيح الفوضى للجيش إحكام قبضته على السلطة إلى جانب عودة أفراد من حكومة البشير إلى السلطة.

ووصف مسؤول بالحكومة السودانية الصراع بأنه بين جيش شرعي ومليشيا متمردة لا بد أن تستسلم ولا يمكن التفاوض معها، مردداً بيانات الجيش.

وتصور قوات الدعم السريع، التي تملك قواعد في أنحاء السودان، أفراد الجيش بأنهم "متطرفون"، وهي إشارة واضحة إلى النفوذ الذي يقول حميدتي إنّ "الإسلاميين" يتمتعون به في الجيش.

ويعتقد المحللون أنّ القوى الأجنبية التي تملك سطوة على كلا الطرفين من شأنها أن تضع مزيداً من الضغوط عليهما لوقف التصعيد، وأبرز هذه القوى هي مصر التي تربطها علاقات وثيقة بالجيش، ودول الخليج الملحوظ تأثيرها على حميدتي.

وقالت المؤرخة ويلو بيريدغ "ستزيد فرص وقف إطلاق النار بشكل دائم إن أمكن جعل الطرفين يدركان إنهما لن يجنيا شيئاً من هذا الصراع"، مضيفة أنّ القوى الإقليمية ربما تؤدي دوراً في إقناعهما.

(رويترز)

المساهمون