"محور نتساريم"... الاحتلال يرسخ وجوده بالنسف والتدمير

19 يونيو 2024
مبانٍ مدمرة قرب "محور نتساريم"، 21 إبريل 2024 (أشرف عمرة/الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- منذ بداية العملية العسكرية البرية في قطاع غزة، قام الاحتلال الإسرائيلي بتوسيع عمليات النسف والتدمير في محور "الشهداء"، مما أدى إلى وقوع شهداء ومصابين واعتقالات بين الفلسطينيين.
- المقاومة الفلسطينية كثفت عملياتها ضد الاحتلال في محور نتساريم، مستخدمة كمائن وقصف يومي بالصواريخ وقذائف الهاون، في محاولة لمواجهة التوسع الإسرائيلي والتدمير.
- تحليلات الخبراء تشير إلى أن الاحتلال يسعى لتأمين جنوده ومنع المقاومة من تنفيذ عمليات قاتلة، لكن المعطيات الميدانية تظهر قدرة المقاومة على استنزاف الاحتلال، مما يجعل البقاء في محور نتساريم مكلفًا للجنود الإسرائيليين.

الاحتلال عمد على إفراغ المنطقة من المنشآت عبر عمليات نسف

واصف عريقات: الاحتلال يرغب بتأمين جنوده في "محور نتساريم"

يمنع الاحتلال حالياً الفلسطينيين من المرور إلى المنطقة الشمالية

وسع الاحتلال الإسرائيلي منذ بداية العملية العسكرية البرية في قطاع غزة في 27 أكتوبر/تشرين الأول الماضي من عمليات النسف والتدمير في محور "الشهداء" المعروف إسرائيلياً باسم "محور نتساريم" والذي يفصل فيه حالياً شمالي قطاع غزة عن جنوبه. ويقع "محور نتساريم" بين جنوبي مدينة غزة والمحافظة الوسطى، ويبدأ من المنطقة المقابلة لمستوطنة بئيري شرقاً، وصولاً إلى البحر غرباً، ويبلغ طوله نحو سبعة كيلومترات. وكانت المنطقة التي أقيم عليها المحور حالياً مستوطنة إسرائيلية سميت نتساريم فككها الإسرائيليون عند الانسحاب الأحادي في العام 2005. ويمنع الاحتلال الإسرائيلي حالياً الفلسطينيين من المرور إلى المنطقة الشمالية من المحور ومن ثم شمالي القطاع، واستهدف العشرات منهم وأضحوا شهداء ومصابين وبعضهم تعرض للاعتقال. وتوجد داخل "محور نتساريم" مواقع عسكرية إسرائيلية يتمركز فيها الجيش وآلياته التي تشارك في العمليات البرية بالمناطق المحيطة بالمحور.

كثفت المقاومة الفلسطينية في الآونة الأخيرة من عملياتها في محور نتساريم

وفي أعقاب العملية البرية العسكرية المتواصلة للشهر الثامن على التوالي من عمر الحرب، فإن الاحتلال عمد على إفراغ المنطقة من المنشآت قليلة العدد عبر عمليات النسف التي طاولتها أو عبر توسيع العمليات في المناطق القريبة منه.

تدمير واسع على "محور نتساريم"

وتظهر صور الأقمار الاصطناعية التي اطلعت عليها "العربي الجديد" عمليات تدمير واسعة، سواء على الصعيد الزراعي عبر التجريف أو حتى النسف الهائل الذي لحق بالمباني، سواء كان منشآت تعليمية أو منازل. وتعكس عمليات النسف والتوسعة التي يقوم بها الاحتلال الإسرائيلي في "محور نتساريم" سيناريوهات من خطط الحرب، أولها استمرار البقاء الإسرائيلي أطول فترة ممكنة ومنع المقاومة من تنفيذ عمليات قاتلة في هذه المنطقة. في المقابل فإن المقاومة الفلسطينية كثفت في الآونة الأخيرة من عملياتها في هذا المحور، عبر الكمائن التي تنفذها أو عمليات القصف اليومي التي تقوم بها الأذرع العسكرية مجتمعة للمحور ومركز قيادة الاحتلال بالصواريخ قصيرة المدى وقذائف الهاون.

وعمد الاحتلال في الفترة الأخيرة لتنفيذ عدة عمليات في المناطق الجنوبية لحي الزيتون المتاخم للمحور، بالإضافة إلى منطقة المغراقة ومدينة الزهراء جنوبي مدينة غزة، عبر القصف الجوي أو الدخول البري على الرغم من الإعلان المسبق عن القضاء على كتائب حركة حماس فيها. وانطلقت عملية مجمع الشفاء الطبي قبل ثلاثة أشهر من المحور. وخلال "انتفاضة الأقصى" التي استمرت حتى العام 2005 كانت المقاومة الفلسطينية ترى في المستوطنة، التي أصبحت محوراً بعد ذلك، هدفاً لها، فكانت تكثف عملياتها ضد جيش الاحتلال في "محور نتساريم" الذي سيطر عليه مجدداً خلال معركة "طوفان الأقصى". وخلال المعركة الحالية استهدفت المقاومة أفراد جيش الاحتلال ببندقية "الغول" التي يصل مداها حتى كيلومترين، أو قصفته بقذائف الهاون من العيار الثقيل، أو براجمة صواريخ "رجوم" عيار 114 مليمتراً.

وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأمة في غزة حسام الدجني إن للاحتلال حسابات متعددة عند السيطرة على أي منطقة، فهو يخشى من ضربات المقاومة، وأن يصبح "محور نتساريم" هدفاً لها بين فترة وأخرى. وأضاف الدجني، لـ"العربي الجديد"، أن هذا أبرز الأشياء التي يخشى الاحتلال منها، وبالتالي يلجأ لعمليات "تحصين" لقواته المتواجدة في "محور نتساريم" من خلال النسف والتدمير والتوسعة التي يلجأ لها بين مراحل الحرب.

واصف عريقات: الاحتلال يقوم بعمليات النسف والتوسعة لمنع المقاومة من تنفيذ عمليات قاتلة ضد قواته

وأشار أستاذ العلوم السياسية إلى أن تحول محوري نتساريم وفيلادلفيا إلى محور استنزاف سيكون له أثر سلبي بالنسبة للاحتلال في ظل استمرار الحرب على القطاع وعدم وجود أفق لتوقفها مرحلياً. ووفق الدجني فإن من يقرأ رد الاحتلال على رد "حماس" بشأن الورقة التي أعدها الرئيس الأميركي جو بايدن فإن هناك موافقة على الانسحاب من "محور نتساريم" وعدم التمسك في البقاء فيه في مرحلة ما بعد الحرب. وأوضح أن المحور تحوّل إلى ورقة تفاوضية يرسخها الاحتلال الإسرائيلي لتصبح ورقة مقايضة مع المقاومة الفلسطينية وحركة حماس عند إجراء أي مفاوضات مستقبلية للتوصل لاتفاق وصفقة تبادل.

تأمين الاحتلال لجنوده

من جهته، قال المختص في الشأن العسكري اللواء المتقاعد واصف عريقات إن الاحتلال الإسرائيلي يرغب بتأمين جنوده في "محور نتساريم" في ظل عمليات الاستنزاف التي تقوم بها المقاومة الفلسطينية عبر عملياتها المتعددة. وأوضح عريقات، لـ"العربي الجديد"، أن غالبية الأذرع العسكرية تقوم بعمليات قصف يومية للمحور، وهو ما يتضح في بلاغاتها العسكرية، وبالتالي فإن قوى المقاومة متيقنة لهدف الاحتلال توسعة المحور والبقاء فيه. ولفت إلى أن الاحتلال يقوم بعمليات النسف والتوسعة من أجل منع المقاومة من تنفيذ عمليات قاتلة ضد قواته تستهدف تواجده، ويعمل بين فترة وأخرى على الدخول في المناطق القريبة من المحور. وبيّن أن "محور نتساريم" يكتسب أهمية بالنسبة للاحتلال تتمثل في عزل جنوبي القطاع عن شماله، إلى جانب أنه مع محور فيلادلفيا مع مصر يساهمان في تشديد الحصار الإسرائيلي الذي بلغ أقصى درجاته منذ بداية الحرب.

ورأى المختص في الشأن العسكري أن المعطيات الميدانية تشير إلى قدرة المقاومة على استنزاف الاحتلال في هذا المحور، وجعل البقاء فيه بالنسبة للجنود الإسرائيليين مكلفاً، عبر عمليات القصف والقنص التي تتم. وبحسب عريقات فإن ما يحصل في الآونة الأخيرة يشير إلى رغبة الاحتلال في إبقاء حالة الفصل قائمة خلال الحرب الإسرائيلية نظراً للأهمية العملياتية بالنسبة لجنود الجيش ومنع التنقل بين المدن بالنسبة للفلسطينيين.

المساهمون