قضت محكمة جنح مصر القديمة أمن الدولة طوارئ بحبس الناشط زياد العليمي خمس سنوات، ومعاقبة الصحافي هشام فؤاد وحسام مؤنس بالحبس أربع سنوات، وغرامة 500 جنيه، بحسب ما أعلن المحامي والحقوقي خالد علي.
وكانت محكمة أمن الدولة طوارئ شمال القاهرة قد قررت حجز القضية المتهم فيها عدد من معتقلي خلية الأمل باتهامات مختلفة عن قضيتهم الأصلية، للحكم في 17 نوفمبر/تشرين الثاني.
ووجّهت النيابة العامة لزياد العليمي وحسام مؤنس وهشام فؤاد وغيرهم اتهامات بنشر أخبار كاذبة وتهديد الأمن والسلم العام.
وصدر الحكم في هذه القضية باتاً غير قابل للطعن، وفقاً لقانون الطوارئ الذي ينصّ على استمرار نظر محاكم أمن الدولة في القضايا المحالة إليها حتى بعد إلغاء حالة الطوارئ.
وقال المحامي الحقوقي خالد علي، وكيل المتهمين، إنه تقدم بدفع بعدم اختصاص محكمة أمن الدولة باستكمال نظر القضية، وفقاً للدستور الذي ينصّ على حق المواطنين في المحاكمة أمام قاضيهم الطبيعي، ويُحظر تحصين أي عمل من الرقابة القضائية.
وتقدم خالد علي بدفع بعدم دستورية المادة 19 من قانون الطوارئ، مطالباً بإحالتها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في مدى دستورية استمرار عمل محاكم أمن الدولة بعد إلغاء حالة الطوارئ.
ولم تبت المحكمة في هذا الطلب، مقرّرةً حجز الدعوى للحكم. وأصدرت المحكمة، اليوم، حكما بحبس المتهمين، من دون انتظار فصل المحكمة الدستورية العليا في المادة المذكورة.
وعُرفت القضية إعلامياً بقضية الإيحاء، بسبب قرار إحالة زياد العليمي إلى المحاكمة بتهمة "الإيحاء للرأي العالم بفشل قناة السويس، والإيحاء للرأي العام العالمي باضطهاد أهالي النوبة"، في مقالين كتبهما منذ خمس سنوات. وطبقاً لقرار الإحالة إلى المحاكمة، قالت النيابة: "وكان من شأن ذلك إضعاف الدولة واعتبارها والإضرار بالمصالح القومية للبلاد والتأثير على مركزها الاقتصادي وتكدير السلم العام وإلقاء الرعب بين الناس".
أمّا حسام مؤنس، ووفقاً لقرار الإحالة إلى المحاكمة، فإنّ تهمته هي "نشر على وسائل التواصل الاجتماعي أخباراً كاذبة ادعى فيها وجود معتقلين بالسجون للإيحاء للرأي العام بوجود انتهاكات لحقوق المواطنين بمصر وانتهاك العاملين بوزارة الداخلية للقانون".
وبالنسبة لهشام فؤاد، ووفقاً لما ورد بقرار الإحالة، فإنّه، في حديث مصوّر يرجع لعام 2016، "أوحى للرأي العام العالمي بعدم شرعية مؤسسات الدولة المصرية، وكان من شأن ذلك أيضاً إضعاف هيبة الدولة واعتبارها وإضعاف الثقة المالية فيها والإضرار بالمصالح القومية وتكدير الأمن العام، وإلقاء الرعب بين الناس وإلحاق الضرر في المصلحة العامة".
يُشار إلى أنّه كان يتم تجديد حبس هشام فؤاد وحسام مؤنس وزياد العليمي وآخرين على ذمة القضية رقم 930 لسنة 2019، المعروفة إعلامياً بـ"تحالف الأمل"، رغم انقضاء مدة حبسهم احتياطياً المقرّرة بعامين، وذلك منذ القبض عليهم في 25 يونيو/حزيران 2019 وحبسهم منذ ذلك الحين.
وشملت قائمة المعتقلين المحامي اليساري وعضو البرلمان المصري السابق زياد العليمي، والداعية خالد أبو شادي، ورامي نبيل شعث، ابن وزير خارجية السلطة الفلسطينية السابق نبيل شعث، والقيادي في حزب الاستقلال الدكتور أسامة العقباوي، والمتحدث باسم التيار الشعبي الناصري حسام مؤنس، والصحافي الناصري هشام فؤاد، ورجل الأعمال الليبرالي عمر الشنيطي، والمحامي قاسم عبد الكافي، والناشط العمالي حسن البربري، ورجل الأعمال مصطفى عبد المعز عبد الستار، الشريك الرئيسي في مجموعة شركات المعز للتنمية العمرانية، بالإضافة إلى أحمد عبد الجليل، مدير مكتب النائب بالبرلمان المصري أحمد طنطاوي المحسوب على تكتل 25/30.
ويعد هذا الحكم غير قابل للطعن وفقاً لأحكام قانون الطوارئ في مصر، الذي نص على استمرار نظر محاكم أمن الدولة في القضايا المحالة إليها حتى بعد إلغاء حالة الطوارئ. علماً أن المحامي الحقوقي خالد علي، وكيل المتهمين، تقدم بدفع بعدم اختصاص محكمة أمن الدولة باستكمال نظر القضية، وفقاً لمواد الدستور التي نصت على حق المواطنين في المحاكمة أمام قاضيهم الطبيعي، وحظرت تحصين أي عمل من الرقابة القضائية.
وفي جلسة المحاكمة السابقة، دفع علي بعدم دستورية المادة 19 من قانون الطوارئ، مطالباً بإحالتها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في مدى دستورية استمرار عمل محاكم أمن الدولة بعد إلغاء حالة الطوارئ. ولم تبت المحكمة في طلبه، مقررة حجز الدعوى للحكم في جلسة اليوم.
مفاجآت في الحكم
وفي سياق متصل، كشف المحامي والحقوقي المصري خالد علي عن مفاجآت في الحكم الصادر اليوم، وقال علي، في بيان نشره على صفحته الرسمية على "فيسبوك"، إن المفاجأة الأولى تمثلت في نسخ جزء من قضية الأمل وتحويل زياد وحسام وهشام للمحاكمة أمام محكمة أمن الدولة طوارئ بزعم أن ما نُسب إليهم من نشر يعد أخبارًا كاذبة نشروها عمدًا داخل البلاد وخارجها، وبذلك نصبح أمام قضيتين: الأولى "قضية الأمل"، وهم محبوسون احتياطيًا على ذمتها منذ سنتين وخمسة أشهر حتى تاريخه، والقضية الثانية هي الجنحة الجديدة التي صدر فيها الحكم اليوم.
أما المفاجأة الثانية، كما يقول علي، فهي "أن المحكمة رفضت السماح لنا بتصوير نسخة من أوراق القضية التي بلغت أوراقها ما يربو على 1000 صفحة، لنجد أنفسنا أمام وضع غريب. النيابة هي التي أعدت التحقيقات ومعها بالطبع صورة كاملة من القضية، والقاضي معه صورة كاملة من القضية، والمتهم الذي يحاكم بها هو الوحيد من بين أطراف الدعوى القضائية غير مسموح له ولدفاعه إلا بالاطلاع عليها في مقر المحكمة، عند سكرتير الجلسة نشوف القضية في مكتبه واحنا واقفين وناخد ملخصات مما تمكنا من قراءته، وبناء على هذه الملخصات نعد دفاعنا".
ويتابع خالد علي قائلًا إن "المفاجأة الثالثة أنه تمت إحالة المتهمين إلى المحاكمة أمام محكمة أمن دولة طوارئ، بالرغم من أن الفقرة الثانية من المادة 19 من قانون الطوارئ ذاته توجب محاكمتهم أمام محاكم عادية وليست طوارئ، وهو تؤيده أيضا المادة 15 من قانون السلطة القضائية".
ويقول علي إنه "رغم كل هذه العثرات والتحديات، فإن فريق المحامين، الذي زاد عن 15 محاميًا ومحامية، بذل أقصى مجهود، رغم أن ما سبق بيانه جعلنا نتشاءم من النتائج قبل ظهورها، بل ومن قبل المرافعة".
وأوضح علي، في بيانه، أن "حكم اليوم صادر من محكمة استثنائية، وهي محكمة أمن الدولة طوارئ، وهذه الأحكام وفقًا لقانون الطوارئ لا يجوز الطعن عليها بالاستئناف أو النقض، ولا نملك إلا تقديم تظلم/ التماس للحاكم العسكري".
وأضاف أن "الالتماس أو التظلم ليس في نفس مرتبة الاستئناف أو الطعن بالنقض، لأن الطعن بالاستئناف أو النقض يعني أنك تطعن على هذا الحكم نظرًا لما شابه من عيوب قانونية من وجهة نظرك أمام سلطة قضائية، ومن ثم يتيح لك القانون أن تكون هناك دائرة قضائية أعلى استئناف أو نقض تتولى النظر في القضية من جديد، تقدم لها مذكرات ومستندات جديدة وتسمع مرافعات منا ومن النيابة.. إلخ".
وتابع: "أما الالتماس، فهو مجرد طلب تقدمه لمكتب الحاكم العسكري أو نائبه (رئيس الجمهورية/ رئيس الوزراء)، وبالتالي، لا تقدمه لسلطة قضائية بل لجهة إدارية، وحتى لو كانت هذه الجهة تستعين بقانونيين أو قضاة للنظر في هذه التظلمات، فإنهم يمارسون هذا العمل باعتبارهم تابعين لجهة إدارية وليس لسلطة قضائية، ومن ثم لا يعقدون جلسات لنظر التظلم أو تحقيق ما به، ولا يسمعون مرافعات من المتهم أو دفاعه أو من النيابة، ولكن يصدرون قرارًا بشأن هذا الالتماس".
وعن جدوى الالتماس، يقول علي إن "ما يصدر عن قاضى محكمة أمن الدولة طوارئ لا يكتسب قوة تنفيذية ولا يصبح حكمًا واجب النفاذ إلا بتصديق الحاكم العسكري أو نائبه على الحكم، ولهما سلطات واسعة سواء تقدمنا بتظلم أو من تلقاء نفسهم، فلهما تخفيف العقوبة أو تبديلها أو وقف تنفيذها أو إلغائها، أو إعادة المحاكمة من جديد أمام دائرة أخرى".
وعن مدة الحبس السابقة التي قضاها متهمو "الأمل" وهل سيتم حسابها وتخصم من حكم اليوم، أوضح علي قائلاً: "نحن أمام قضيتين، الأولى القضية المعروفة إعلامياً باسم الأمل وتم حبسهم احتياطيا عليها منذ سنتين وخمسة أشهر حتى تاريخه، والقضية الثانية هي الجنحة التي صدر فيها حكم اليوم وهم غير محبوسين احتياطيا على ذمة تلك القضية".
وأضاف "وبالتالي، سيبدأ تنفيذ هذا الحكم، وتنفذ مدته كاملة، ولا يجوز خصم مدة الحبس الاحتياطي السابقة من مدة هذا الحكم إلا في حالتين: الأولى، أن يصدر قرار بحفظ التحقيقات في قضية 930 (الأمل)، والثانية، أن يتم استبعادهم من قضية الأمل عند إحالتها إلى المحاكمة لأي سبب، شأن عدم كفاية الأدلة مثلاً، والثالثة، أن تتم إحالتهم إلى المحاكمة في قضية الأمل ويصدر حكم ببراءتهم. وفي هذه الحالات فقط يتم خصم مدد الحبس الاحتياطي من مدة العقوبة المقضي بها في هذا الحكم".