قررت محكمة تركية، اليوم الإثنين، مواصلة اعتقال رجل الأعمال التركي المثير للجدل عثمان كافالا، المتهم بالتحريض لتظاهرات ميدان تقسيم في العام 2013، ووجهت له تهمة محاولة قلب الحكومة.
وعقدت المحكمة الجنائية العليا الثالثة عشرة بإسطنبول، اليوم الاثنين، جلسة محاكمة كافالا مع 16 متهماً في قضية "غزي بارك".
وتعود أحداث غزي بارك إلى العام 2013، حيث بدأت بتظاهرات مطالبة بالحفاظ على البيئة تطورت لاحتجاجات ضد الحكومة التي فرقتها بالقوة. ويحاكم كافالا باعتباره محرضاً على تلك الأحداث، بينما اتهمت الحكومة جماعة الخدمة بافتعال التظاهرات.
وفي جلسة اليوم، التي يحاكم فيها 16 شخصاً، من بينهم كافالا المعتقل الوحيد، و9 فارين، والبقية يحاكمون دون اعتقال، قدم محامو المتهمين دفاعهم الأخير أمام مطالعة النيابة العامة، فيما طالبت النيابة العامة بمواصلة اعتقال كافالا.
وبعد مقاطعته المحكمة لعدة جلسات، حضر كافالا الجلسة عبر نظام اتصال مرئي خاص بالقضاء التركي، وبقية المتهمين حضورياً ممن يحاكمون دون اعتقال، ليتم إصدار قرار باستمرار حبس كافالا وتحديد 22 إبريل/نيسان المقبل لعقد جلسة جديدة، ومن المتوقع صدور القرارات في تلك الجلسة.
وفي الرابع من الشهر الحالي، طالبت النيابة بإنزال عقوبة السجن المؤبد بحق كافالا، رغم مطالبة أوروبية بالإفراج عنه، موجهة له تهمة "الشروع في إزالة حكومة الجمهورية التركية عبر استخدام العنف والقوة".
فيما وجهت النيابة العامة تهمة "تقديم المساعدة في الشروع بإزالة الحكومة بالقوة"، إلى بقية المتهمين، وهم تشيدم ماطير أوتكو، وعلي هاكان ألتن آي، ومينه أوزردن، وشرف الدين جان أطلاي، وتايفون قهرمان، ويغييت علي أكمكجي، وطالب بإنزال عقوبة السجن بحقهم ما بين 15 إلى 20 عاماً.
وترافقت جلسة اليوم مع تظاهرة لمجموعة التضامن مع تقسيم، وهي منصة تدافع عن كافالا والمتهمين بقضية أحداث غزي بارك، أمام المحكمة بمشاركة نواب برلمانيين من حزب الشعب الجمهوري المعارض، وحزب الشعوب الديمقراطي الكردي.
وحمل المشاركون بالتظاهرة لافتات تدعو للإفراج عنهم. بينما تلا باسم المجموعة عاكف بوراك أتلار بياناً، قال فيه إن "ملايين المواطنين من 80 مدينة شاركوا في تظاهرات تقسيم مستخدمين حقهم الديمقراطي ولدعم الديمقراطية، ومحاكمته المتهمين غير قانونية".
وأضاف "9 سنوات على المحاكمات غير القانونية عبر تزييف الحقائق والعناد، ونقول مجدداً لا يمكن لأحد أن يحول الصمود في غزي بارك لتهم وارتباط بالإرهاب والانقلاب، ولا يمكن تشويه سمعة الملايين الذين نزلوا للميادين من أجل مطالبتهم بالديمقراطية".
وبعد عام من محاولة الانقلاب الفاشلة، أي في 2017، وجد كافالا نفسه متهماً بالضلوع في محاولة الانقلاب على الحكم، وأودع السجن بتركيا.
وأوقف كافالا في مطار أتاتورك في إسطنبول في 18 أكتوبر/تشرين الأول 2017، بتهم بـ"محاولة قلب النظام الدستوري" و"الإطاحة بالحكومة"، وكذلك بتمويل التظاهرات المناهضة للحكومة التركية في 2013.
وبعد ذلك أعفي كافالا من تهمة محاولة الانقلاب، لكنه ظل قيد الحبس الاحتياطي بتهمة التجسس السياسي أو العسكري، وقد تعالت الأصوات الحقوقية والدولية مطالبة السلطات التركية بالإفراج عنه.
ورغم سجن عشرات الآلاف من الأتراك أو تجريدهم من وظائفهم منذ محاولة الانقلاب الفاشلة، إلا أن كافالا شكل مصدر التوتر في علاقات تركيا مع الغرب.
وكانت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان قد قضت، الشهر الماضي، بوجوب الإفراج عن كافالا فوراً، معتبرة أن اعتقاله كان بناء على دوافع سياسية، دون أي دليل معقول يدعم هذه الاتهامات. ومع ذلك، لم ينفذ المسؤولون الأتراك القرار وقالوا إن حكم المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ليس نهائياً.
كما دعت الولايات المتحدة الأميركية أنقرة للإفراج فوراً عنه، ووصفت التهم الموجهة إلى رجل الأعمال التركي بـ"الزائفة"، مشيرة إلى أن تلك التهم تقوض احترام وسيادة القانون.
كما نشر حساب "الحرية لكافالا" باللغة التركية على موقع تويتر سلسلة تغريدات أكدت على حق الإفراج عن كافالا، وتحت هاشتاغ "عثمان كافالا".
وكانت قضية كافالا قد اكتسبت زخماً في الأشهر الماضية عندما صدر عن سفراء كل من ألمانيا والولايات المتحدة الأميركية والدنمارك وفنلندة وفرنسا وهولندا والسويد وكندا والنروج ونيوزيلاندا، بيان انتقدوا فيه اعتقال كافالا ودعوا إلى الإفراج عنه، واعتبروا أن القضية المستمرة بحقه تلقي بظلالها على الديمقراطية وسيادة القانون في تركيا، داعين إلى الإفراج عنه.
وإزاء ذلك، صعّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من موقف بلاده ضد السفراء، مؤكداً أنه أصدر تعليماته بطردهم وإعلامهم بأنهم غير مرغوب فيهم.
وعقب هذه التطورات أعلنت السفارة الأميركية في تركيا عبر تويتر أن "الولايات المتحدة تؤكد على تطبيق المادة 41 من اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية"، فيما تناقلت حسابات سفارات الدول المعنية، من بينهما ألمانيا وبقية الدول والسفيرة الهولندية مارجاني دي كاوتسينت، الآتي: "بناء على الأسئلة التي يتم توجيهها بخصوص البيان نؤكد على تطبيق المادة 41 من اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية".
وتنص المادة على عدم التدخل بشؤون الدول الأخرى، الأمر الذي اعتبرته وسائل إعلام تركية خطوة تراجع من قبل الدول المعنية، وعقبها اعتبرت الحكومة التركية أن الدول العشر تراجعت عن موقفها الأمر الذي جنب حصول أزمة دبلوماسية بينها.