رسائل عديدة حملتها زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، المفاجئة للإمارات أمس الأربعاء، والتي تخللها اجتماعه بولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، خصوصاً في ظلّ مساع إماراتية لإعادة العلاقات مع مصر لسابق عهدها لناحية توحّد المواقف.
عرض وساطة إماراتية بشأن سد النهضة
وقال مصدر دبلوماسي مصري، لـ"العربي الجديد"، إن الإمارات عرضت أخيراً، تجاوباً مع مطالب مصرية سابقة، بتقديم دعم مالي، عبر وديعة دولارية في البنك المركزي المصري. ولفت إلى أن التحول الجديد في الموقف الإماراتي يأتي في ضوء التهديدات والصعوبات الأمنية التي تواجهها أبوظبي أخيراً.
وكشف المصدر أنه إضافة لإبداء ولي عهد أبوظبي، موافقة مبدئية على تلبية المطلب المصري بحزمة مساعدات اقتصادية، جددت الإمارات عرضها للوساطة مجدداً والمساعدة على الوصول لحل في أزمة سد النهضة الإثيوبي، انطلاقاً مما تملكه من نفوذ كبير لدى الحكومة الإثيوبية.
وأشار المصدر إلى أن هناك مساعي إماراتية أخيراً، بعد التقارب المصري السعودي من جهة، والتحسّن في العلاقات المصرية القطرية من جهة أخرى، لإعادة العلاقات مع القاهرة لسابق عهدها لناحية توحّد المواقف.
هناك مساع إماراتية لإعادة العلاقات مع مصر لسابق عهدها
وكانت العلاقات بين البلدين شهدت توتراً مكتوماً على وقع التباين في الرؤى الخاصة بقضايا المنطقة، بعدما وصلت ذروة الخلافات بتقديم أبوظبي الدعم العسكري إلى رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد، لمواجهة متمردي إقليم تيغراي الشمالي.
وجاءت زيارة السيسي، التي سبقتها زيارة وفد سياسي وإعلامي مصري مدفوع من جهاز المخابرات العامة، لتلطيف الأجواء بين البلدين، وسط وعود إماراتية بتقديم دعم مالي جديد لمصر، وإبداء حسن النوايا، في الوقت الذي تدرك فيه أبوظبي الحاجة لمواقف القاهرة الداعمة في قضايا الإقليم.
السيسي يؤكد دعم مصر للإمارات
وأكد السيسي أمس خلال لقائه ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، "إدانة مصر لأي عمل إرهابي تقترفه مليشيا الحوثيين لاستهداف أمن واستقرار وسلامة دولة الإمارات ومواطنيها"، بحسب بيان للرئاسة المصرية.
وشدد السيسي على "دعم مصر لكل ما تتخذه الإمارات من إجراءات للتعامل مع أي عمل إرهابي يستهدفها، في إطار موقف مصر الراسخ من دعم أمن الإمارات المتحدة واستقرارها، وفي ظل الارتباط الوثيق بين الأمن القومي المصري وأمن الإمارات".
وأضاف السيسي أن مصر "حريصة على تطوير التعاون والتنسيق الثنائي الوثيق، لما فيه مصلحة الشعبين الشقيقين والأمة العربية، خاصةً من خلال تكثيف وتيرة انعقاد اللقاءات الثنائية بين كبار المسؤولين من البلدين بصورة دورية للتنسيق الحثيث والمتبادل تجاه التطورات المتلاحقة التي تشهدها حالياً منطقة الشرق الأوسط، وتعزيز وحدة الصف والعمل العربي والإسلامي المشترك في مواجهة مختلف التحديات الإقليمية".
تدرك أبوظبي الحاجة لمواقف القاهرة الداعمة في قضايا الإقليم
من جانبه، أكد بن زايد على "التقدير البالغ للدور الاستراتيجي والمحوري الذي تقوم به مصر تحت قيادة السيسي، في حماية الأمن القومي العربي والدفاع عن قضايا الأمة العربية، ومساعي مصر الدؤوبة في سبيل ترسيخ الأمن والاستقرار والتنمية في المنطقة، وارتكازاً على ثقل دورها ومحوريته ومقوماته على الساحة الإقليمية".
واستفاض ولي عهد أبوظبي في الثناء على ما وصفه بـ"النهضة التنموية الشاملة التي شهدتها مصر بقيادة السيسي خلال السنوات الماضية، والتي انعكست على توفير مناخ جاذب للاستثمار وتعزيز بيئة الأعمال".
بحث العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية
من جهته، ذكر المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية السفير بسام راضي، أنه تم خلال لقاء السيسي وبن زايد، التباحث بمختلف جوانب العلاقات الثنائية، فضلاً عن التشاور إزاء مستجدات القضايا ذات الاهتمام المشترك على الساحة الإقليمية، خاصةً ليبيا واليمن.
وأشار إلى أنه "تم التوافق على أن مسارات الحلول السياسية هي الأساس لحل تلك القضايا".
وأوضح راضي أن السيسي "أكد على ثوابت الموقف المصري تجاه تسوية الأزمات الإقليمية، والتي ترتكز بالأساس على تقويض التدخلات الخارجية ومحاربة العنف والجماعات المتطرفة والإرهابية، والحفاظ على مؤسسات الدولة الوطنية، وذلك بهدف استعادة الأمن والاستقرار في الدول التي تعاني من تلك الأزمات، والحيلولة دون تهديدها للأمن الإقليمي".
وأوضح السيسي، وفق راضي، أن "التكاتف ووحدة الصف العربي واتساق المواقف، يعتبر من أقوى السبل الفعالة لدرء المخاطر الخارجية عن الوطن العربي ككل".
بن زايد: مصر ستظل دائماً الشريك المحوري للإمارات بالمنطقة
وأشار السيسي إلى "ما يشكله أمن دول الخليج من امتداد للأمن القومي المصري"، مؤكداً "عدم السماح بالمساس به والتصدي بفعالية لما يتعرض له من تهديدات، ورفض أي ممارسات تسعى إلى زعزعة الاستقرار".
من جانبه، أشار ولي عهد أبوظبي، وفق راضي، إلى "تطابق موقف بلاده مع الجهود المصرية لتسوية مختلف النزاعات في المنطقة"، مشدداً على "تلاحم الأمن القومي المشترك لكلا البلدين"، وعلى أن مصر "ستظل دائماً الشريك المحوري للإمارات بالمنطقة".
وأكد الجانبان "مواصلة العمل معاً من أجل التصدي للتدخلات الإقليمية ومحاولات بث الفرقة والتقسيم بين دول المنطقة، والتعاون لمواجهة المخاطر والتحديات التي تتعرض لها المنطقة العربية، وعلى رأسها الإرهاب والدول الداعمة له".