علق مجلس النواب الليبي جلسته، اليوم الإثنين، بعد استماعه لبرامج المترشحَين لرئاسة الحكومة، على أن تحيل لجنة خريطة الطريق اسمي المترشحين إلى المجلس الأعلى للدولة لتزكيتهما، فيما يجرى التصويت على اختيار رئيس الحكومة من بينهما في جلسة خاصة يوم الخميس المقبل.
واشترك البرنامج الحكومي الذي عرضه فتحي باشاغا، وخالد البيباص، أمام جلسة مجلس النواب اليوم، في تأكيد معالجة الكثير من القضايا، مثل دعم إجراء الانتخابات والعمل على توفير الظروف المناسبة لها، وإنعاش الاقتصاد، وتوحيد مؤسسات الدولة، وإنهاء حالة الفوضى الأمنية ودعم الجهود الرامية لتوحيد المؤسسة العسكرية، فيما أضاف باشاغا أنه يتعهد بعدم الترشح للانتخابات المقبلة وكل وزراء حكومته.
وفتحي باشاغا هو ضابط شرطة سابق قبل استقالته وتحوله إلى رجل أعمال، كما عرف عنه دعمه الكبير لثورة فبراير التي أطاحت حكم العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011، فيما نشط سياسيا واجتماعيا داخل مدينته مصراتة في ذلك.
كما انتخب عام 2014 عضوا في مجلس النواب عن مدينته، وانضم للنواب المقاطعين لجلسات مجلس النواب بعد قرار المحكمة العليا إبطال دستورية جلسات المجلس في طبرق، قبل أن يختار عضوا في عملية الحوار السياسي التي رعتها الأمم المتحدة وانتهت بتوقيع الاتفاق السياسي في الصخيرات المغربية نهاية 2015.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2018 كلفته حكومة الوفاق السابقة بشغل منصب وزير الداخلية، حيث عرف عنه علاقاته الواسعة مع المجاميع المسلحة غرب البلاد التي حاول فرض برامج إعادة دمجها في المؤسسة الأمنية والعسكرية من دون أن ينجح في ذلك.
كما عرف عنه علاقاته بعدد من العواصم الإقليمية والدولية التي كثف زيارته لها أثناء توليه وزارة الداخلية وبعدها، وتحديدًا أثناء ترشحه للانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة في 24 ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
وفي 22 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، التقى اللواء المتقاعد خليفة حفتر، في بنغازي، صحبة عدد من المترشحين للانتخابات الرئاسية، وهي الزيارة التي اعتبرها كثير من المراقبين خطوة في طريق إنشاء حلف جديد بينه وحفتر.
أما خالد البيباص، فلم يعرف عنه ممارسة العمل السياسي، لكنه من بين الذين ترشحوا للانتخابات الرئاسية في ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
وشغل عدة وظائف حكومية رفيعة منها مستشارا لشركة الاتصالات الحكومية، وشركة المدار الجديد للاتصالات. وحصل على الشهادة الجامعية في الهندسة عام 1989م من جامعة طرابلس.
وكان مجلس النواب، قد عقد اليوم الإثنين، جلسة في مقره في طبرق، لاستكمال مناقشة خريطة طريق المرحلة المقبلة، والاستماع لبرامج المترشحين لرئاسة الحكومة الجديدة.
وأعلنت رئاسة مجلس النواب، الثلاثاء الماضي، فتح باب الترشح لرئاسة الحكومة، على أن يقدم المترشحون برامجهم الحكومية خلال جلسة اليوم الإثنين، ويتم اختيار رئيس للحكومة من بين المترشحين، في جلسة غدٍ الثلاثاء.
وجاء القرار بناء على توصية من اللجنة البرلمانية لإعداد خريطة طريق المرحلة المقبلة، بعدما تبنّت قرار رئاسة مجلس النواب بشأن ضرورة تشكيل حكومة جديدة، بديلة عن حكومة الوحدة الوطنية الحالية، التي انتهت ولايتها في 24 ديسمبر/كانون الأول الماضي، واستناداً لقرار سحب الثقة منها في سبتمبر/أيلول الماضي، وفقاً لقرار رئاسة المجلس.
وتتضمن خريطة الطريق، بحسب تقرير اللجنة البرلمانية لإعدادها، أربعة مسارات؛ هي المسار التنفيذي، والمسار الدستوري، والأمن، والمصالحة الوطنية. لكن اللجنة أوصت بالمضي في المسار الأول قبل إنجاز المسارات الثلاثة الأخرى وتحديدها، ولا سيما المسار الدستوري، الذي سيحدد شكل الإطار القانوني والدستوري للانتخابات المقبلة، ويحدد موعدها الجديد.
واعترض المجلس الأعلى للدولة على مضي مجلس النواب في المسار التنفيذي بتشكيل حكومة جديدة، وطالب مجلس النواب في بيان له الثلاثاء الماضي، بضرورة تحديد المسار الدستوري والمواعيد الجديدة للانتخابات، قبل المضي في المسار التنفيذي، وأن تسير خريطة الطريق في مسارات متوازية، وهو ما أكده رئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، أمس الأحد في مؤتمر صحافي، مطالباً مجلس النواب بضرورة اعتماد خريطة طريق متكاملة بكل مساراتها، محذراً من أنّ إقدام مجلس النواب على تغيير السلطة التنفيذية منفرداً "سيؤدي إلى ولادة حكومة ميتة".
وقال المشري إنّ مجلسه ولجنة خريطة الطريق البرلمانية، اتفقا على خريطة طريق تذهب بالتوازي في تحديد المسار الدستوري للانتخابات وتغيير الحكومة، مشدداً على ضرورة اعتماد مجلس النواب خريطة طريق متكاملة بمساريها الدستوري والتنفيذي، والعمل معاً على إنجاز المسارين بالتوازي.
كما أكد 46 عضواً في مجلس النواب ضرورة أن يتصدر المسار الدستوري للانتخابات خريطةَ الطريق، مشددين على أن استقرار البلاد "يتحقق بالاتفاق على مسار واضح ومدد محددة، يكون موعد الوصول للانتخابات أُولاها".
جاء ذلك في بيان للاجتماع التشاوري الذي عقده 46 عضواً في مجلس النواب، برئاسة النائب الأول لرئيس مجلس النواب، فوزي النويري، مساء أمس الأحد.
وقال النويري، في بيان لملخص الاجتماع، إن الاجتماع أكد أن مسألة تغيير الحكومة ليست أولوية، وإنما "الأولوية لخريطة طريق ذات مسار دستوري واضح، لنلجأ إلى القضاء بدل السلاح عند الاختلاف".
ودعا النويري كل الأطراف إلى "التكاتف والابتعاد عن الفتنة، فالبلد يمر بوضع حرج"، وكذلك ضرورة خلق حال من التوافق بين كل المؤسسات للمضي ضمن خريطة "هدفها الرئيسي الانتخابات والقاعدة الدستورية، ومن ثم السلطة التنفيذية والمصالحة والمسار الأمني في كافة ربوع ليبيا".
ومن جانبه، قال عضو مجلس النواب، عمارة شنبارو، المشارك في الاجتماع، إن المجتمعين اتفقوا على عدة مطالب، مشيراً إلى أنها "ستحال غداً إلى مجلس النواب".
وذكر شنبارو، في تصريحات صحافية، أن من بين المطالب؛ "ضرورة أن تتضمن خريطة الطريق مدداً محددة وشكل القاعدة الدستورية التي ستبنى عليها الانتخابات"، وأن "تخضع الخريطة لتصويت مجلس النواب، وكذلك تغيير السلطة التنفيذية أو عدمه لا بد أن يخضع للتصويت".
وكان رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، قد عبر عن رفضه إجراءات مجلس النواب حيال حكومته، واصفاً إياها بـ"المحاولة اليائسة لعودة الانقسام"، مؤكداً أنه لن يسلم السلطة إلا لسلطة منتخبة.
وعلى المستوى الأممي والدولي؛ أكدت المستشارة الأممية، ستيفاني وليامز، ضرورة أن يركز مجلس النواب على ملف الانتخابات قبل البتّ في وضع الحكومة الحالية، وحذرت، خلال لقاء لها مع صحيفة "ذا غارديان"، من خطورة تشكيل حكومتين في البلاد، فيما هدد السفير الأميركي لدى ليبيا، ريتشارد نورلاند، بمعاقبة المجتمع الدولي معرقلي العملية السياسية، معبراً عن مخاوفه من أن يؤدي تشكيل حكومة جديدة إلى تعطيل الانتخابات أو وجود حكومة موازية.
وجراء خلافات بين مؤسسات ليبية رسمية بشأن قانوني الانتخاب، ودور القضاء في العملية الانتخابية؛ تعذّر إجراء انتخابات رئاسية في 24 ديسمبر/كانون الأول الماضي، وفق خريطة طريق برعاية الأمم المتحدة، وحتى الآن لم يتم الاتفاق على تاريخ جديد لإجرائها.