قرر مجلس الأمن الدولي، اليوم الخميس، تمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة إلى الصحراء "مينورسو" عاماً إضافياً، وذلك حتى 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
وجاء ذلك بعد تصويت مجلس الأمن على القرار 2654، الذي أعدته الولايات المتحدة الأميركية، وذلك قبل انتهاء ولاية "مينورسو" في 31 من الشهر الجاري.
وصوّتت للتمديد 13 دولة (أميركا، وفرنسا، وبريطانيا، والصين، والنرويج، والغابون، وغانا، والإمارات العربية المتحدة، والهند، وألبانيا، وأيرلندا، والمكسيك، والبرازيل) وامتنع بلدان عن التصويت هما كينيا وروسيا، فيما لم يعارض القرار أي بلد.
ويأتي قرار التمديد بعد عقد مجلس الأمن أربع جلسات خلال الشهر الحالي بشأن نزاع الصحراء بين المغرب و"جبهة البوليساريو"، قدم خلالها المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، ستيفان دي ميستورا، تقريره.
ورحّب مندوب الولايات المتحدة، جيفري ديلورانتس، بتجديد ولاية البعثة، قائلاً، في تصريحات للصحافيين بمقر المجلس في نيويورك: "ترحّب الولايات المتحدة بتأييد المجلس للمبعوث الشخصي للأمين العام ستيفان دي ميستورا والبعثة مع اعتماد هذا القرار. للأسف لم يعتمد القرار بالإجماع وهذا مؤسف لأنّ الوحدة تعزز الجهود لتحقيق السلام".
وتابع قائلاً: "ندعم المبعوث الشخصي دي ميستورا للنهوض بالعملية السياسية بناءً على التقدم الذي أحرزه المبعوث الشخصي السابق (هورست كوهلر) ووفقاً للممارسات المعمول بها".
يذكر أنّ الولايات المتحدة تحمل قلم ملف الصحراء في مجلس الأمن، وهي التي عملت على صياغة نص القرار. وأضاف المندوب الأميركي: "نعتقد أنّ خطة الحكم الذاتي المغربية تمثّل حلاً واقعياً وعملياً وسبيلاً لتلبية طموحات الجانبين. ومن خلال تجديد هذه الولاية يؤكد المجلس المهمة التي تلعبها البعثة، بما فيها قوات حفظ السلام التابعة للبعثة المكلفة رصد الأوضاع على الأرض، والتخفيف من التصعيد، وكذلك إزالة الألغام حيثما أمكن". وعبّر عن قلقه إزاء الوضع في مخيم تندوف (في الجزائر ويضم لاجئين صحراويين) وحثّ المانحين على زيادة الدعم.
وكانت كينيا قد صوتّت للقرار 2602، في 29 أكتوبر/ تشرين الأول 2021، الذي جدد ولاية "مينورسو" الحالية. وامتنعت روسيا عن التصويت على جميع قرارات تجديد تفويض "مينورسو" منذ عام 2018 (ست مرات)، وهو الموقف الذي تكرر في جلسة التصويت، اليوم الخميس.
وقال مندوب كينيا، مارتن كيماني، إنّ امتناع بلاده عن التصويت جاء على الرغم من دعمها لعمل البعثة، وشرح ذلك قائلاً: "لقد أيّدنا العام الماضي القرار 2602، حول البعثة، وكنا نأمل أن تتعاون الأطراف مع المبعوث الشخصي لحمل البعثة للوفاء بهدفها الأساسي، وهو ضمان تقرير المصير لشعب الصحراء. للأسف التقدم محدود، وهذا القرار يبعد عن الولاية ولن يساعد الأطراف على التوصل إلى حل سياسي منصف وعملي وواقعي كما كان من المفترض".
وحول المقترحات التي قدمتها بلاده في فترة التفاوض على نص القرار، قال كيماني: "لم يتم مراعاة المقترحات البناءة التي تقدّمنا بها خلال المفاوضات وتدخل في صلب ولاية البعثة. ونشعر بالقلق لأنّ القرار لا يعكس التزام مجلس الأمن كما ورد في القرارات السابقة للقيام بالآتي: ضمان حق تقرير المصير لشعب الصحراء في إطار ترتيبات تتماشى مع مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة ومع الإشارة إلى دور ومسؤوليات الأطراف في هذا الصدد". وأكد حق تقرير المصير من خلال إجراء استفتاء.
أما المندوب الروسي، ديمتري بولينسكي، فوصف النص بـ"غير المتوازن" وشكك في "حياد" حملة القلم (الولايات المتحدة).
وقال في هذا الصدد: "على مدار الأعوام الماضية تضمنت القرارات التي جددت لولاية البعثة تغييرات نعتبرها ضارة في ما يخص مقاربة غير منحازة. لم ندعم ذلك في الماضي ولن ندعمها اليوم".
وأضاف: "القرار الذي قُدّم لا يعكس الأوضاع على الأرض ولا ييسر جهود دي ميستورا في ما يخص إحياء محادثات مباشرة بين المغرب والبوليساريو للتوصل إلى حلول مقبولة".
وتابع قائلاً: "لا يعكس نص القرار قضية وصول حفظة السلام للصحراء لضمان تقديم المساعدات الإنسانية للمدنيين هناك"، مؤكداً موقف بلاده الداعي إلى "مقاربة حيادية ودعم جهود المبعوث لتنظيم مباحثات مباشرة بين المغرب وجبهة الوليساريو".
وختم بالقول إنّ امتناع بلاده عن التصويت يعود كذلك إلى "غياب الاتفاق على الصياغات والمصطلحات المستخدمة في القرار"، قبل أن يستدرك بالقول: "ندعم عمل البعثة في الصحراء وتهيئة الظروف لتجديد الحوار".
وتلقى أعضاء المجلس، خلال المشاورات حول قضية الصحراء، عرضاً حول التقرير السنوي للأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، كان من بين أبرز توصياته تمديد ولاية "مينورسو" لسنة أخرى، حتى 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
واعتبر تقرير غوتيريس أنّ "مينورسو" "شاهد على إرادة منظمة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للتوصل إلى حل سياسي عادل ودائم ومقبول للطرفين في نزاع الصحراء وفقاً للقرارات ذات الصلة".
وبالنسبة إلى الباحث في العلاقات الدولية بوبكر أونغير، فإنّ "تصويت مجلس الأمن الدولي اليوم على قرار تمديد مهمة المينورسو، وإن كان مسألة منتظرة ومتكررة، إلا أنه يعكس استمرار المنتظم الدولي وحرصه على إيجاد حلّ سلمي يحفظ وحدة المغرب ويفوت على خصومه فرصة الانقضاض على الحقوق المغربية المشروعة في تحصين وحدته الترابية".
واعتبر أونغير، في حديث لـ"العربي الجديد "، أنّ "القرار فوّت الفرصة كذلك على جبهة البوليساريو الانفصالية التي طالما طالبت بإلغاء مهمة المينورسو والتلويح بالسلاح"، مضيفاً أنّ "القرار انتصار دبلوماسي مغربي من حيث إنه أقرّ بالوضع الراهن ولم يساير دعوات النشاز داخل المنظومة الأممية".