تفاصيل تأجيل مجلس الأمن التصويت على قرار بخصوص المساعدات إلى غزة

22 ديسمبر 2023
مجلس الأمن يرجئ لليوم الرابع التصويت على قرار بخصوص غزة (دايفيد دي ديلغادو/ Getty)
+ الخط -

أرجأ مجلس الأمن الدولي في نيويورك، لليوم الرابع على التوالي وللمرة الثامنة على الأقل خلال أسبوع، أمس الخميس، التصويت على مشروع قرار حول غزة يتعلق بآلية إيصال المساعدات والأعمال العدائية.

وجاء تأجيل التصويت، غالباً إلى يوم الجمعة دون أن يتم تأكيد ذلك رسمياً، بعد مشاورات بين الدول الأعضاء خلف أبواب مغلقة وصف أجواءها أحد الدبلوماسيين لـ"العربي الجديد" بأنها كانت "ساخنة جداً"، واستمرت المشاورات لساعة متأخرة من الليل بتوقيت نيويورك.

ونتج جزء من الخلافات بعد إجراء تغييرات على المسودة الأخيرة، التي كانت باللون الأزرق، وكان تحظى بتأييد تسع دول على الأقل وتعارضها الولايات المتحدة التي كان متوقعاً أن تستخدم الفيتو، بحسب أكثر من مصدر دبلوماسي رفيع المستوى في مجلس الأمن. لكن النسخة المسربة من آخر نص للمسودة، والتي تم التوصل إليها بالتوافق مع الطرف الأميركي، من قبل الإمارات التي تصيغ النص أضعفت لغة النص بشكل كبير وفي نقاط أساسية.

وبحسب مصادر دبلوماسية فإن الجانبين الفلسطيني والروسي ودول أخرى غير راضية عن المسودة الجديدة ولا تدعم التغييرات التي تم التوصل إليها بين الإمارات والولايات المتحدة وعلى ما يبدو بالاتفاق مع مصر.

ولم يصرح أي من الطرفين المصري والإماراتي بشكل رسمي في نيويورك عن موقفه وما إذا كانت النسخة المسربة هي بالفعل ما سيوضع بالأزرق وسيتم التصويت عليه.

ويشار في هذا السياق أن الإمارات تعمل على صياغة مشروع القرار باعتبارها الدولة العربية في مجلس الأمن (في دورته الحالية حتى نهاية السنة وستخلفها الجزائر بداية يناير/كانون الثاني)كما أنها حاملة لملف القلم الإنساني في مجلس الأمن للملف الفلسطيني. ومن غير الواضح ما إذا كانت الإمارات قد حصلت كذلك على موافقة الجانب الفلسطيني في الصياغة الأخيرة فيما يخص الاتفاق الأخير مع الجانب الأميركي.

أما السفيرة الأميركية للأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، فادّعت أن المجموعة العربية تدعم الصياغة الأخيرة، والتي يرى مراقبون أنها إشكالية وضعيفة للغاية وتخدم المصالح الأميركية والإسرائيلية بالدرجة الأولى.

وقالت غرينفيلد في تصريحات مقتضبة للصحفيين بعد الخروج من قاعة الاجتماعات المغلقة "لقد عملنا بشكل مكثف طوال الأسبوع الماضي مع الإماراتيين ومصر وآخرين للتوصل إلى (نص) قرار يمكننا دعمه وهو بين يدينا الآن، ونحن على استعداد للتصويت عليه"، مضيفة أن "هذا (مشروع) قرار سيجلب المعونات الإنسانية لهؤلاء الذين هم بحاجة إليها وسيدعم الأولويات التي لدى مصر ووجود آلية على الأرض تدعم المساعدات الإنسانية. ونحن مستعدون للمضي قدماً (في التصويت على المشروع)".

ورداً على سؤال حول حقيقة تخفيف صياغة المسودة بشكل كبير، وإذا كانت بلادها ستصوت لصالحها قالت "لن أفصح عن كيف سنصوت، ولكن إن قدمت للتصويت كما هي (بصياغتها الحالية) فسوف ندعمها".

ولم تحدد غرينفيلد ما إذا كان هذا الدعم يعني عدم استخدام الفيتو والاكتفاء بالامتناع عن التصويت أو التصويت لصالح القرار، وأضافت "لم يتم تخفيف لغتها، وهي قوية ومدعومة بشكل كامل من المجموعة العربية وتوفر لهم ما يشعرون بأن هناك حاجة له لإدخال المساعدات الإنسانية على الأرض".

أضعف من صيغة القرار 2712 حول غزة

ويبدو أن التغييرات الأخيرة التي أدخلت على المسودة تأتي لإنقاذ الجانب الأميركي وحفظ ماء الوجه حتى لا يُجبر على استخدام الفيتو، وقد تضطر بدلاً من ذلك روسيا والصين لاستخدامه إذا ما أصرت الامارات على تقديم مشروع القرار للتصويت بصياغة مطابقة للنسخة الأخيرة المسربة. ومن غير الواضح ما إذا كان هناك تأييد كاف للمسودة الأخيرة من تسع دول في المجلس، وهو العدد الذي تحتاجه أي مسودة مشروع قرار لتبنيه في مجلس الأمن شريطة الا تسخدم أي من الدول دائمة العضوية الفيتو.

وأبرز التغييرات تتعلق بعدد من الفقرات ومنها الفقرة الثانية والتي تكتفي بحسب المسودة الأخيرة بالمطالبة بـ "تهيئة الظروف لوقف مستدام للأعمال العدائية"، هذه اللغة مخففة جداً وعمومية مقارنة بالنص السابق الذي كان ينص على "التعليق العاجل للأعمال العدائية للسماح بوصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن ودون عوائق، وإلى اتخاذ خطوات عاجلة نحو وقف مستدام للأعمال العدائية"، بل إن الصيغة الحالية أضعف، فيما يخص وقف الأعمال العدائية، حتى من صيغة قرار مجلس الأمن 2712 حول غزة والذي تم تبنيه قبل أسابيع وينص على "هدن وممرات إنسانية".

أما التعديلات الإضافية فتتعلق بثلاث فقرات إضافية تخص إنشاء "الأمين العام للأمم المتحدة لآلية مراقبة في قطاع غزة مزودة بالأفراد والمعدات اللازمة، تحت سلطة الأمين العام للأمم المتحدة، للقيام حصرياً بمراقبة جميع شحنات الإغاثة الإنسانية إلى غزة والمقدمة عبر الطرق البرية والبحرية والجوية لتلك الدول التي ليست أطرافًا في النزاع، مع إخطار من الأمم المتحدة إلى السلطة الفلسطينية وإسرائيل، من أجل التأكد من الطبيعة الإنسانية لشحنات الإغاثة هذه، دون المساس بأي تفتيش يتم خارج قطاع غزة من قبل الدول التي تقدم مثل هذه الشحنات أو تسهل مرور هذه الشحنات داخل أراضيها"، بالإضافة إلى المطالبة بنشر آلية الرصد التابعة للأمم المتحدة على وجه السرعة.

كما يقرر المجلس أن "آلية المراقبة تكون سارية المفعول لمدة سنة واحدة، وتمدد تلقائياً بعد ذلك لفترات مدتها سنة واحدة بناء على طلب الأمين العام من مجلس الأمن" وتم تغيير هذه الفقرات المتعلقة بالآلية ليصبح في النص الجديد الحديث عن "تعيين منسق رفيع المستوى للشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار يكون مسؤولاً عن التيسير والتنسيق والرصد والتحقق في غزة، ويطلب كذلك أن يقوم المنسق على وجه السرعة بإنشاء آلية تابعة للأمم المتحدة لتسريع توفير شحنات الإغاثة الإنسانية إلى غزة من خلال دول ليست طرفاً في النزاع".

وتشير الصياغة الجديدة كذلك إلى أن المنسق يقدم تقاريره كل 90 يوماً حتى نهاية سبتمبر/أيلول من العام القادم دون أن تنص المسودة على تمديد تلقائي، كما هو في الصياغة السابقة. لكن الآلية التي يتم الحديث عنها أكثر ضبابية ولا تمكن الأمم المتحدة من إعادة السيطرة على قضايا المساعدات ودخولها والتي هي رهن الموافقة الإسرائيلية حالياً بشكل كامل حتى فيما يخص المساعدات التي تدخل عن طريق رفح.

واللافت للانتباه أن الصياغة الجديدة كذلك شطبت تماماً الفقرة التاسعة في المسودة السابقة والتي نصت على أن مجلس الأمن يدين بشدة "جميع انتهاكات القانون الدولي الإنساني، بما في ذلك جميع الهجمات العشوائية ضد المدنيين والأهداف المدنية، وجميع أعمال العنف والأعمال العدائية ضد المدنيين، وجميع أعمال الإرهاب،" و في هذه الفقرة كانت ادانة غير مباشرة كذلك لاستهداف إسرائيل للمدنيين.

المساهمون