نقلت وكالة "رويترز" عن مصدرين مطلعين قولهما إنه من المقرّر أن تصل مبعوثة الأمم المتحدة لأفغانستان ديبورا ليونز اليوم الثلاثاء إلى قطر، للقاء ممثلين عن الحكومة الأفغانية وحركة "طالبان" هذا الأسبوع، بهدف إعطاء دفعة جديدة لعملية السلام الهشة في البلاد، في وقت قالت وكالة "تاس" للأنباء، إن وزارة الشؤون الخارجية الروسية تعتزم عقد مؤتمر في موسكو يوم 18 مارس/آذار لبحث السلام في أفغانستان، من دون أن تنشر تفاصيل عمن سيحضرون هذا المؤتمر.
وتأتي الزيارة في الوقت الذي تسعى فيه الولايات المتحدة لتحريك محادثات السلام المتعثرة بين الطرفين المتحاربين، والتي تستضيفها قطر، بما يشمل مقترحات بتشكيل حكومة انتقالية. وأضاف المصدران أنه من المتوقع أن تجتمع ليونز كذلك مع المبعوث الأميركي الخاص لأفغانستان زلماي خليل زاد، ومسؤولين قطريين خلال زيارتها.
وأشار أحد المصدرين إلى أن هذه الاجتماعات مهمة لأن نتيجتها ستحدّد مصير المحادثات التي استمرت عاماً في الدوحة، وما إذا كان يتعين مواصلتها أم تعليقها.
وفي ظل عدم إحراز تقدم يذكر في مفاوضات السلام بالعاصمة القطرية وتصاعد العنف في أفغانستان، تحاول الولايات المتحدة التوصل إلى إجماع حول خيارات بديلة مع جميع الأطراف الأفغانية واللاعبين الإقليميين.
وزار خليل زاد أفغانستان وباكستان وقطر خلال الأسبوع الماضي.
ووقعت إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب اتفاقاً مع "طالبان" في فبراير/شباط 2020، ينصّ على انسحاب جميع القوات الدولية من البلاد بحلول أول مايو/أيار. لكن العنف تصاعد ويقول مسؤولون من حلف شمال الأطلسي (الناتو) إن بعض شروط الاتفاق، ومنها أن تقطع "طالبان" صلاتها بجماعات دولية متشددة، لم يتم الوفاء بها، وهو ما تنكره "طالبان".
وأعلنت الولايات المتحدة، أمس الإثنين، أنّها "طرحت أفكاراً لتسريع" المفاوضات الجارية بين الحكومة الأفغانية وحركة "طالبان"، معتبرة أنّ إحراز تقدّم بين الطرفين "ممكن الآن" ومؤكّدة استعدادها لتسهيل توصّلهما إلى اتّفاق، وفق "فرانس برس".
وقال المتحدّث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس للصحافيين: "نحن نواصل تشجيع جميع الأطراف على أن يشاركوا بطريقة بنّاءة وبدرجة من الحماس" في مفاوضات السلام الأفغانية-الأفغانية التي انطلقت في سبتمبر في الدوحة. وأضاف أنّ "إحراز تقدّم ممكن الآن، ونريد أن نبذل كلّ ما في وسعنا لتسهيل حصول هذا التقدّم".
وكانت قناة "طلوع نيوز" التلفزيونية الأفغانية أفادت نهاية الأسبوع الماضي بأنّ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أرسل رسالة يحضّ فيها القادة الأفغان على قبول مشروع اتّفاق سلام ينصّ على تشكيل "حكومة جامعة جديدة" تشارك فيها حركة "طالبان" بعد أن تتفّق مع كابول على وقف دائم لإطلاق النار. ووفقاً للمصدر نفسه، فإنّ هذه الحكومة ستتولّى السلطة لفترة انتقالية يجري خلالها وضع دستور جديد للبلاد تتمّ على أساسه انتخابات حرّة.
ولتوصل الطرفين إلى هذا الاتفاق، اقترحت واشنطن، وفقاً للقناة التلفزيونية الأفغانية، إحياء محادثات السلام بينهما "في الأسابيع المقبلة" في تركيا، بالتزامن مع اتفاقهما على "فترة تهدئة" مدّتها 90 يوماً، وذلك بهدف تجنّب "هجوم الربيع" الذي تشنّه حركة طالبان سنوياً مع ذوبان الثلوج.
ويتعيّن على رئيس الولايات المتّحدة الجديد جو بايدن أن يقرّر قريباً ما إذا كان سيسحب من أفغانستان بحلول الأول من مايو/أيار بقية الجنود الأميركيين الذين ما زالوا في هذا البلد وعددهم 2500 جندي، وذلك تنفيذاً لاتفاق السلام التاريخي مع "طالبان".
وأفادت "طلوع نيوز" بأنّ بلينكن أبلغ الرئيس الأفغاني أشرف غني بأنّ جميع الخيارات لا تزال مطروحة على الطاولة، لكنّه حذّره، بلهجة مباشرة وتفتقر إلى اللياقات الدبلوماسية، من أنّه في حال سحبت الولايات المتّحدة قوّاتها من هذا البلد فإنّ "الوضع الأمني قد يتدهور" وإنّ "طالبان" يمكن أن تحقّق "مكاسب ميدانية سريعة". وقال بلينكن لغني، وفقاً للمصدر نفسه، "أقول لك ذلك بوضوح لكي تفهم مدى إلحاح نبرتي".
وبحسب الرسالة، فإنّ الخارجية الأميركية تريد أن تنظّم الأمم المتحدة اجتماعاً لوزراء خارجية كلّ من الولايات المتحدة وروسيا والصين وباكستان وإيران والهند بهدف الاتفاق على "مقاربة موحّدة" لمستقبل أفغانستان. والإثنين امتنع المتحدّث باسم الخارجية الأميركية عن التعليق على "مراسلة خاصة"، لكنّه اعترف بأنّ الولايات المتحدة "طرحت أفكاراً" من أجل "تسريع العملية" السلمية في أفغانستان.
وقال المتحدث باسم مستشار الأمن القومي الأفغاني حشمت الله ناطق، لـ"العربي الجديد"، الإثنين، إنّ غني استلم رسالة وزير الخارجية الأميركي والمقترح الذي قُدم لحلحلة القضية الأفغانية، مضيفاً أنّ الرئيس الأفغاني "بصدد دراسة هذا المقترح، وسيبرز موقفه حيال القضية لاحقاً". أمّا حركة "طالبان"، فهي "تأخذ وقتها في التشاور بشأن المقترح"، وفق ما قال قيادي في الحركة لـ"العربي الجديد"، رافضاً الكشف عن هويته.