مبادرة الحوثيين لخفض العنف 3 أيام: مناورة سياسية للقفز على هدنة رمضان؟

27 مارس 2022
علق الحوثيون العمليات الهجومية على مدينة مأرب النفطية (Getty)
+ الخط -

قال خبراء إن المبادرة التي طرحتها جماعة الحوثيين لخفض العنف داخل اليمن ووقف الهجمات في العمق السعودي مناورة سياسية، تهدف إلى امتصاص السخط الدولي المندد بالهجمات التي طاولت مصادر الطاقة التابعة لشركة أرامكو السعودية، ومحاولة للقفز على الهدنة الإنسانية المحتملة التي تسعى إليها الأمم المتحدة خلال شهر رمضان المبارك. 

وكان الحوثيين قد أعلنوا، أمس السبت، عن مبادرة أحادية للسلام في اليمن، تضمنت "تعليق الهجمات في العمق السعودي مدة 3 أيام قابلة للتمديد، وكذلك وقف المعارك في الداخل اليمني، والاستعداد لتبادل جميع الأسرى مع التحالف الذي تقوده السعودية والحكومة اليمنية المعترف بها دولياً. 

وقوبلت مبادرة الحوثيين بتجاهل من السعودية والأمم المتحدة، ففي حين شنت مقاتلات التحالف سلسلة غارات جوية طاولت مواقع عسكرية للحوثيين في العاصمة صنعاء ومدينة الحديدة بعد ساعات من طرح العرض، ظهر المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، اليوم الأحد، في بيان صحافي، للحديث عن هدنة رمضان فقط من دون الإشارة إلى مبادرة الحوثيين. 

وقال مكتب غرودنبرغ، في بيان على حسابه الرسمي في "تويتر"، إن المبعوث الأممي "يستمر في التواصل مع جميع الأطراف وفي بذل الجهود نحو هدنة خلال شهر رمضان، ويجدد دعوته إلى وقف التصعيد، كما يرحب بكافة الخطوات التي تتخذها الأطراف في هذا الاتجاه".

وحاول الحوثيون إعادة التذكير بالمبادرة من خلال الإعلان عن موعد جديد لسريانها، وذكرت قناة "المسيرة"، الناطقة بلسان الجماعة، أن المبادرة التي أطلقها القيادي مهدي المشاط "تدخل حيز التنفيذ في تمام الساعة السادسة من مساء اليوم الأحد" بتوقيت مكة المكرمة. 

وقوبلت المبادرة الحوثية بانتقادات واسعة في الأوساط اليمنية، خصوصاً أنها تأتي في أعقاب مشاورات عبر قناة خلفية بين الجماعة والسعودية لخفض التصعيد، وكذلك تحركات دولية ونقاشات أممية متقدمة حول إبرام هدنة خلال شهر رمضان، سبق للجماعة أن رحبت بها ووصفتها بأنها إيجابية.

واعتبر نائب المدير التنفيذي لمركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية أسامة الروحاني، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن العرض الحوثي الجديد هو "مناورة معتادة من جماعة دائماً ما تحاول الظهور في موقع المبادر، في وقت لا تنصت لأي مبادرة سلام تقدمها الأطراف الأخرى أو الوسطاء الدوليين".

ويرى الباحث اليمني أن التحركات العسكرية خلال الفترة الماضية وعدم الرضا الدولي وإغلاق كافة أطر التواصل من جميع الدول، جعلت الحوثيين يعودون خطوة إلى الوراء ويفكرون بكيفية إظهار خطوة تجاه السلام.

أرامكو تؤكد تضرر صهريج إثر هجوم الحوثيين

وقال الروحاني إنه "رغم كل الضغوط التي تواجهه والانكسار الذي تعرض له مؤخرا، إلا أن الحوثي لا يزال متغطرساً حتى في طلب الهدنة، فهو يرفض بشكل تام الذهاب نحو وقف إطلاق النار ولكنه مع الهدنة" .

ووفقا للباحث، فإن "هذا النوع من المراوغة في استخدام المبادرات يفصح عن عدم جدية وتلاعب ومحاولة إعادة الوصل مع المجتمع الدولي، من خلال إرسال رسائل يزعم فيها أنه مبادر نحو السلام".

وأضاف "العرض الفعلي من الحوثيين يفترض أن يكون في قبول وقف شامل لإطلاق النار والذهاب إلى طاولة المفاوضات برعاية أممية، أما الحديث عن هدنة لمدة 3 أيام قابلة للتمديد، فهذا أمر لا يخرج عن إطار المراوغة  السياسية".

وتضمنت المبادرة الحوثية عرضاً لتعليق العمليات الهجومية التي تشنها الجماعة على مدينة مأرب النفطية، شرقي اليمن، لكنها اشترطت مقابل ذلك تنفيذ التحالف والحكومة الشرعية البنود التسعة التي تم تقديمها قبل أكثر من عام وقوبلت بالرفض من الجانب الحكومي. 

وكان من أبرز شروط الحوثيين لوقف معركة مأرب الحصول على نصف الثروات النفطية والغازية لمأرب، وكذلك الشراكة في كافة المناصب السيادية والأمنية والعسكرية، بما يمكنها من بسط سيطرتها على المحافظة من دون قتال. 

ويؤكد مراقبون أنه كان الأولى بالحوثيين طرح مبادرة إنسانية تتمثل برفع الحصار المفروض على مدينة تعز منذ 7 أعوام، أو مبادرة اقتصادية بتوحيد العملة الوطنية، من أجل إثبات حُسن النوايا، بدلاً من تقديم عروض لا هدف منها سوى الاستهلاك الإعلامي المحدود. 

وقال الباحث اليمني مصطفى ناجي، في تغريدة على "تويتر"، إن "منطق الحوثي في مبادرته الأخيرة بعد قصف منشآت سعودية ممارسة ما يراه منطق السعودية في تقديم مبادرات إلى جانب العمل العسكري. لكن مبادرته غير مرتبطة بالجهود الدولية وهو غير قادر على تسويقها دولياً. هي للاستهلاك الإعلامي المحدود. يجدر به أولا تقديم مبادرة اقتصادية محلية لاختبار مصداقيته".

المساهمون