ما هي أبعاد المعارك الأخيرة في ولاية سنار السودانية؟

25 يونيو 2024
جانب من المعارك الدائرة في ولاية سنار السودانية، 24 يونيو 2024 (فيسبوك)
+ الخط -
اظهر الملخص
- في ولاية سنار بجنوب السودان، اندلعت معارك عنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، حيث أعلنت الأخيرة سيطرتها على منطقة جبل موية، مدعية تحقيق انتصار على مليشيات معارضة.
- الجيش السوداني لم يعلق على المعارك، بينما أقرت المقاومة الشعبية المساندة للجيش بسقوط المنطقة، مع تزايد المخاوف من اتساع رقعة الصراع وزيادة أعداد النازحين في منطقة زراعية حيوية.
- خبراء عسكريون ومستشارون يقدمون تحليلات متباينة حول الوضع، مؤكدين على الأهمية الاستراتيجية لمنطقة جبل موية، ويناقشون تأثير السيطرة عليها على مجريات الحرب والتوازنات الميدانية بين الطرفين.

فتحت التطورات المتلاحقة للعمليات العسكرية في ولاية سنار جنوبي السودان، الباب أمام سيناريوهات جديدة، آخر من يرغب فيها هو الجيش السوداني.

وكانت معارك عنيفة قد دارت أمس الاثنين، بين الجيش وقوات الدعم السريع بمنطقة جبل موية في ولاية سنار الواقعة على بعد 296 كيلومتراً جنوب الخرطوم، وعلى بعد 32 كيلومتراً من مدينة سنار، كبرى مدن الولاية، وتضاربت المعلومات بخصوص نتيجة تلك المعارك التي شملت كذلك مصنع سكر سنار الذي جعلت منه "الدعم السريع" ثكنة عسكرية بعد تقدمها مطلع العام الحالي في الحدود الغربية للولاية، ويستمر التضارب أكثر في ظل قطع شبكة الاتصالات عن المنطقة. 

قوات الدعم السريع، وفي بيان رسمي صدر عن الناطق باسمها الفاتح قرشي، أمس الاثنين، أكدت أنها سيطرت بالكامل على منطقة جبل موية في انتصار قالت إنه جاء على ما تسميها "مليشيات البرهان وكتائب الحركة الإسلامية الإرهابية، وأتباعهم من حركات الارتزاق"، مشيرة إلى أنها تمكنت في معركتين خلال أمس من تحرير منطقة "جبل موية" على امتداد ولايتي سنار والنيل الأبيض واستلام 57 عربة وحرق 12 أخرى ومقتل وأسر المئات. وتعهّد قرشي، باستمرار المعركة ضد الانقلابيين حتى بلوغ غاياتها باقتلاع ما وصفها بالطغمة الفاسدة من جذورها وفتح صفحة جديدة من التاريخ عنوانها السلام والعدالة والديمقراطية، طبقاً لما جاء في البيان. 

أما قوات الجيش السوداني، فإنها لم تعلّق طوال يوم أمس الاثنين واليوم الثلاثاء، على المعارك ولم تكشف عن نتائجها، إلا أن المقاومة الشعبية المساندة للجيش في الولاية، أقرت في منشور على فيسبوك كتبه الناطق باسمها عمّار حسن عمّار، بسقوط منطقة جبل موية في ولاية سنار في يد المليشيا المتمردة، مشيراً إلى أن العمل جار لاستعادتها في أقرب وقت. 

ويخشى مراقبون من تمدد المعارك بعد معركة جبل موية لمناطق لم تصلها الحرب من قبل، برغم مرور أكثر من عام عليها، كما تزيد السيطرة من أرقام النازحين في البلاد، وترجح نقص الغذاء لأنها من المناطق الزراعية وتنتج محاصيل يعتمد عليها السودانيون مثل الذرة والدخن والسمسم. 

ويقول الخبير العسكري اللواء المتقاعد مازن إسماعيل، إن نتيجة المعركة في ولاية سنار محسومة لمصلحة القوات المسلحة قبل انجلاء غبارها، مؤكداً أن مليشيا الدعم السريع وعكس ما تدعيه لا تملك مقومات النصر في هذه المعركة.

وأبان إسماعيل لـ"العربي الجديد"، أن منطقة جبل موية من المناطق المهمة كغيرها من بقاع السودان، ولكنها تتميز بتموضعها على الطريق الرابط بين سنار وربك "وفي تقديري سقوطها في يد التمرد غير وارد بأي حسابات عسكرية، وتطهيرها من التمرد سيسهم في القضاء على القوة المتماسكة للتمرد في الجزيرة، وتزيد من محاصرة بقايا قواتهم في ولاية الجزيرة ككل". وأضاف أن استرداد ولاية الجزيرة المجاورة لسنار من المليشيا، ما كان له أن يطول، ولا لأحداث جبل موية أن تتصاعد، لولا ما عدّه تماطلا غير مبرر في استكمال تسليح وتوظيف الاستنفار الشعبي.

من جانبه، يقول المستشار في قوات الدعم السريع، صلاح الدين عيساوي، إن منطقة جبل موية من المناطق الاستراتيجية في الحرب الحالية، فهي تربط أربع ولايات هي سنار والنيل الأبيض والجزيرة وجنوب كردفان، وأن السيطرة عليها من قبل الدعم السريع سيضيق الخناق على مدن وولايات وفرق عسكرية.

وأوضح عيساوي لـ"العربي الجديد"، أن الإمداد العسكري للفرقة 18 في مدينة ربك بولاية النيل أصبح صعباً، لأنها تستخدم الطريق الوحيد الرابط بين ربك وسنار، بعد سيطرة الدعم السريع على طريق النيل الأبيض الغربي، وهو التهديد الذي سيواجهه اللواء العاشر بمدينة أبي جبيهة بجنوب كردفان، ويهدد كذلك القاعدة العسكرية الجوية بمدينة كنانة بولاية النيل الأبيض. وأكد أن سقوط جبل موية في يد الدعم السريع هو آخر مسمار في العمود الفقري للجيش، بحسب وصفه.

وتوقع عيساوي، تقدم قواتهم مباشرة بعد جبل موية نحو مدينة سنار وبعدها مدينة سنجة، عاصمة الولاية. ونفى أن يكون الدعم السريع راغباً في تحسين وضعه الميداني للاستفادة من ذلك في طاولة التفاوض، مبيّناً أن الدعم كرر مئات المرات طلبه للتوصل إلى اتفاق سلام ويواجه دوماً برفض الجيش، ما دفعهم إلى محاولة السيطرة على أكبر بقعة جغرافية في البلاد.

المساهمون