ما بعد التعديل الدستوري في ليبيا

16 فبراير 2023
هدّد صالح بالتراجع عن اتفاقه مع المشري (جلال مرشدي/الأناضول)
+ الخط -

يستعد مجلس النواب الليبي لعقد جلسة قريباً لحسم ملف المناصب السيادية، بعدما أحال المجلس الأعلى للدولة قوائم المرشحين لهذه المناصب، على أن يختار مجلس النواب واحداً من مجموعة المرشحين لكل منصب سيادي ويقر تعيينه بشكل نهائي.

وكان غريباً أن يخصص مجلس الدولة جلسة كاملة لمناقشة ملف المناصب السيادية وإحالة المرشحين لها، في الوقت الذي كان فيه مجلس النواب يعقد جلسة رسمية لإصدار تعديل على الإعلان الدستوري ليكون أساساً للقاعدة الدستورية للانتخابات. كما جاء ذلك في وقت تضغط فيه أطراف دولية والبعثة الأممية في اتجاه خطوات أكثر كثافة لإجراء الانتخابات في وقت قريب. لكن ملف المناصب السيادية ليس في هذا السياق، بل هو بعيد كل البعد عن استحقاق الانتخابات.

تهديد رئيس مجلس النواب عقيلة صالح بالتراجع عن اتفاقه مع رئيس مجلس الدولة خالد المشري، حول إصدار وثيقة دستورية للانتخابات، ووصفه لما جرى بينهما بـ"اللفظي فقط"، واتهامه مجلس الدولة بالمماطلة، وإعطائه مثلاً حول المماطلة في عدم حسم ملف المناصب السيادية، كلها اتهامات لم تكن سوى رسالة مبطنة إلى مجلس الدولة. هذه الرسالة فحواها أن القاعدة الدستورية مقابل المناصب السيادية، وهو ما تم بالفعل، فبعد يوم واحد من إحالة مجلس الدولة قوائم المرشحين للمناصب السيادية، أصدر مجلس النواب التعديل الدستوري. ولكن ماذا يضيف ذلك؟

الجواب أن التعديل الدستوري لم يضف أي جديد، فمواده لم تُحدد سوى شروط الترشح للانتخابات البرلمانية التي لا توجد خلافات حولها أصلاً، فيما تُركت شروط الترشح للرئاسة إلى حين إصدار القوانين الانتخابية. ذلك يعني عود على بدء الخلافات القائمة منذ إصدار تلك القوانين، وأنه لم يحدث شيء سوى ذر للرماد في العيون، ولا جديد سوى التفاف جديد على الخلافات حول شروط الترشح للرئاسة، ما سيمكّن المجلسين من البقاء أكثر في المشهد الليبي. ولا أدل على ذلك وأكثر وضوحاً من المضي في تعيين شاغلي المناصب السيادية.

ملامح ما يجري وما يُعد له مجلسا الدولة والنواب، يؤكد أن الانتخابات لا تزال مؤجلة، وأن ملف الانتخابات تحوّل إلى وسيلة تخدم مصلحة المجلسين في البقاء أطول مدة. وربما المتغيّر الوحيد الذي سيتجه له المجلسان هو حسم ملف الخلاف الحكومي تحت شعار "حكومة موحدة من أجل الانتخابات" لاستكمال سيطرتهما على كامل مفاصل الدولة.
 

المساهمون